الأفغان يتسابقون على «الجوازات» و1000 لاجئ إلى تركيا يومياً
طاجيكستان ترفض استقبال المترجمين مؤقتاً
يتدفق الأفغان على المراكز المعنية للحصول على جوازات سفر للهرب عند الحاجة من البلاد في حال أعادت حركة طالبان التي لديها سجل سيئ ومخيف عندما كانت بالسلطة في تسعينيات القرن الماضي. وخلال الأسابيع الأخيرة، فاق عدد الراغبين بالحصول على جوازات سفر التوقعات. ويقول شرطي لـ "فرانس برس": "نستقبل نحو 10 آلاف شخص يومياً، مقابل ألفين" في العادة.وعند الخامسة فجراً، وصل المهندس خليل الله (36 عاماً) مع زوجته وأطفاله الثلاثة من محافظة بلخ الشمالية، للحصول على "جوازات سفر حتى نتمّكن من الذهاب إلى مكان آخر إذا ساءت الأمور". ويوضح فور اجتيازه حاجز الأمن، بعد انتظار 3 ساعات، أنه وجد نحو "300 شخص ينتظرون في الطابور" رغم وصوله باكراً.
ورغم أن زينات بهار نازاري (23 عاما) كانت صغيرة أثناء حكم طالبان (1996 -2001) وتفسيرها المتشدّد للقواعد الإسلامية، فإنّها تعرف الكثير مما سمعته من أفراد عائلتها.وتقول لـ "فرانس برس": "عندما كنا أطفالاً، روت عائلاتنا كيف كان (مقاتلو) طالبان يقتلون الناس أو يعملون على إخفائهم، ويتصرفون بعنف تجاه النساء ولا يسمحون لهنّ بالتعلّم، عدا عن حرمانهن من حقوقهن الأساسية".تبدي الشابة خشيتها من الأسوأ، وتشرح: "عندما ترتاد المدرسة أو الجامعة، فإنك تأمل في مستقبل مشرق. لكن إذا استولت طالبان على السلطة، فسيتلاشى هذا الأمل".وتدرك قلّة ممن يحضرون للحصول على جوازات سفر الى أين سيتوجهون، لأنّ كثيرين ومنهم زينات، يريدون تصديق أنه سيكون بمقدورهم البقاء في وطنهم. لكنّهم جميعاً يرغبون في أن يكونوا على استعداد تام.ورغم سلسلة تعهّدات وردت على لسان زعيم طالبان، هبة الله أخوند زاده، في رسالة نشرها قبل عيد الأضحى، في حال تولّت حركته مقاليد السلطة، لناحية عدم الانتقام و"خلق بيئة مناسبة لتعليم الفتيات" وإرساء "السلام والأمن"، فإنّ ذلك لا يطمئن المواطنين الأفغان.ويقول نبيار: "لا نصدق كلمة واحدة مما تقوله طالبان".وكشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، أن مئات اللاجئين الأفغان يتدفّقون إلى تركيا يومياً مروراً عبر إيران، وذلك في رحلات شاقة تستمر 18 يوماً يعبرون خلالها الجبال.ومع تزايد سيطرة "طالبان" على الأراضي الأفغانية، يفرّ عدد متزايد من المدرسين وضباط شرطة وموظفون وأفراد الطبقة الوسطى من الحرب، وفقا لباحثين عن اللاجئين. ووفقا لرئيسة جمعية سرحات لأبحاث الهجرة، حنيفة جوزيل، فإن عدد الأفغان القادمين إلى تركيا عبر إيران بلغ 5 أضعاف عمّا كان عليه في هذا الوقت من العام الماضي.وتقدّر جوزيل أن نحو 1000 من المهاجرين الأفغان يصلون إلى تركيا كل يوم، فيما ترجّح أن يرتفع العدد مع تدهور الوضع الأمني.وفي وقت تتوافد حشود أفغانية على الحدود الطاجيكية فرارا من المعارك، أكد وزير خارجية طاجيكستان، سراج الدين مهرالدين، أن بلاده لا تنوي أن تستضيف بشكل مؤقت آلاف الأفغان الذين ينتظرون الحصول على تأشيرات هجرة للولايات المتحدة، بعد أن عملوا كمترجمين مع القوات الأميركية التي تنسحب الآن من البلاد.وكانت واشنطن قد طلبت من أوزبكستان وقازاخستان وطاجيكستان استقبال نحو 9 آلاف أفغاني يواجهون خطر استهداف "طالبان" لهم بسبب تعاونهم مع القوات الغربية الى حين إصدار تأشيرات أميركية لهم.
الهند
على صعيد آخر، سلطت مجلة فورين بوليسي الضوء على التحركات الهندية تجاه أفغانستان استعدادا للتعامل مع مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي. وتقول المجلة، إن الهند "بدأت الاتصال بحركة طالبان، بدعم من قطر، لكن على عكس الكثيرين في الغرب، فإن قيادة الهند لا تقبل رواية سقوط كابول الوشيك وعودة طالبان السريعة والحتمية إلى السلطة".وتضيف: "تصر نيودلهي على أهمية اكتساب طالبان للسلطة، لكنّها لن تقبل الإطاحة العنيفة بحكومة كابول".وتوضح "فورين بوليسي" أن "موقف الهند من شرعية الانتقال إلى نظام جديد في أفغانستان، يجب بالضرورة أن يتضمن مصالحة سياسية سلمية، خاصة في ظل الوضع بالميدان".وتشير المجلة، في الوقت ذاته، إلى أنه "على الرغم من أن طالبان سيطرت على مساحة أرض كبيرة وسط الانسحاب المتسارع للقوات الأميركية، فإن الحكومة الهندية تراهن على أن نهاية اللعبة في أفغانستان ليست قريبة، ولا يزال هناك وقت للقوى الخارجية للتأثير على النتيجة".وحسب المجلة، فإن "الهند ترى أن هناك مجالاً كبيراً للعمل الدبلوماسي والسياسي المنظّم لإجبار طالبان على التخفيف من نزعتها الأحادية والتوصل إلى تسوية معقولة مع حكومة كابول. وتحضّ الهند العالم على عدم التسرع في التسليم بسيطرة طالبان".ورأت المجلة أن "تدخل أميركا عام 2001 للإطاحة بطالبان من السلطة كان موضع ترحيب كبير في نيودلهي، لكن اعتماد واشنطن على باكستان للوصول إلى أفغانستان فرض قيوداً كثيرة على دور الهند هناك، وقد شجعت واشنطن الدعم الهندي لإعادة الإعمار الاقتصادي في أفغانستان، لكنّها أحبطت أي تعاون عسكري جاد بين نيودلهي وكابول، مراعاة للحساسيات الباكستانية".وذكرت المجلة أن نيودلهي "لم تكن مرتاحة لحقيقة أن واشنطن تفاوضت مع طالبان في السنوات الأخيرة، لكن فور أن اختارت إدارة بايدن الانسحاب حتى دون التزام طالبان الموثوق بالانتقال السلمي، ركزت الهند، مثل البلدان الأخرى في المنطقة، على التكيف مع ديناميكية ما بعد انسحاب الولايات المتحدة".«ناتو»
وفي بروكسل، شدّد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، ينس ستولتنبرغ، أمس، على ضرورة التفاوض على "تسوية" مع "طالبان".وكتب ستولتنبرغ على "تويتر" بعدما تحدّث إلى الرئيس الأفغاني أشرف غني، "يبقى الوضع الأمني في أفغانستان صعبا للغاية مع انسحاب القوات الأجنبية، ويقتضي تسوية يتم التفاوض عليها. سيواصل حلف شمال الأطلسي دعم أفغانستان، بما في ذلك عبر التمويل والوجود المدني والتدريب خارج البلاد".وأوضح أن "تقدّم طالبان أدّى إلى زيادة الضغط على الحكومة في كابول".