العراق: شرخ داخل «الفصائل» حول اتفاق بايدن والكاظمي
احتفل الداعمون للحكومة العراقية، ليل أمس الأول، حين انتهت آخر جولات الحوار مع واشنطن في البيت الأبيض بإعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أنه لن تبقى هناك قوات قتالية أميركية في العراق، مع نهاية العام الحالي. ولعل أبرز المحتفلين كان زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الذي كتب بياناً مطولاً دعا فيه إلى وقف كل العمليات، التي كانت تستهدف الوجود الأميركي العسكري والدبلوماسي.وبدا رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي مرتاحاً في المكتب البيضاوي، إلى جوار بايدن، وهو كان اعترف بأنه يحتاج إلى هذا الإعلان من أجل إنهاء مبررات العنف في البلاد، قبيل الانتخابات المبكرة المقررة في الخريف، وهو ما دعمه بيان مثير لكتلة الفتح النيابية، الواجهة السياسية للفصائل، حيث رحبت بالإعلان الأميركي مقتربةً من موقف الصدر، مع سطر واحد إضافي طالب بغداد بالتأكد من تطبيق الاتفاق.
ومنذ مقتل جنرال حرس الثورة الإيراني قاسم سليماني في مطار بغداد، بغارة أميركية مطلع العام الماضي، يُكرّس حلفاء طهران جهودهم لإخراج قوات أميركا من العراق، ونجحوا في تمرير قرار داخل مجلس النواب يطالب بذلك، وتقول بغداد إنها تطبق هذا القرار تدريجياً عبر حوار متواصل مع واشنطن، اختتم أمس الأول، لكن هذا الاتفاق لا يعني خروج كامل القوات، بل خفضها، مع تحويل صفة المتبقي منها إلى استشارية لحفظ خطط التطوير والتعاون الاستخباري واللوجستي في الحرب ضد الإرهاب المستمرة منذ عام 2014، مع بروز تنظيم داعش. وما يشغل الصالونات السياسية، اليوم، هو الانتقاد العنيف، الذي أطلقته فصائل بارزة مثل كتائب حزب الله العراقية ضد اتفاق الكاظمي - بايدن، رافضةً مسبقاً تحويل مسمى القوات الأميركية من «قتالية» إلى «استشارية» ذات دور تدريبي. وتتساءل الأوساط السياسية حول ما إذا كان ذلك يعني شرخاً في جبهة المقاومة، فالمقاومون في البرلمان يؤيدون اتفاق الكاظمي، كما في بيان كتلة الفتح، بينما المقاومة على الأرض ترفضه وتعد نفسها في حل منه، كما يبدو حتى الآن.وتطورت هجمات الفصائل مؤخراً، حين استخدمت فيها طائرات الدرونز المسيرة ووصلت إلى إقليم كردستان الشمالي.وأُعلنت طوال الشهور الماضية أكثر من هدنة بين الفصائل والقوات الأميركية، لكنها سرعان ما كانت تُخرق على وقع المد والجزر في مفاوضات الاتفاق النووي في فيينا بين إيران والدول الكبرى.واتهمت الفصائل بأنها تشن هجمات خارج حدود العراق، كما أنها خاضت مواجهات بمثابة تمرد عسكري معلن مع حكومة مصطفى الكاظمي، التي تشعر بحرج شديد إزاء الهجمات الصاروخية، وأيضاً في ملف استهداف الناشطين العراقيين بسلسلة اغتيالات لا تتوقف، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات المقررة في أكتوبر المقبل، وحالة عدم اليقين التي تحيط بإمكانية إجرائها في مثل هذه الظروف.