ميشال عون يضع شروطه على ميقاتي... و«رأس» سلامة مفتاح «التأليف»
بدأ رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نجيب ميقاتي مساعيه الجدية في سبيل تشكيل حكومته، وأطلق قطار التشاور مع رئيس الجمهورية ميشال عون، من خلال استعداده لزيارة القصر الجمهوري يومياً في سبيل الوصول إلى توافق. وقال ميقاتي، أمس، إنه قدم اقتراحات لعون حول التشكيلة الحكومية ولمس قبولاً من جانبه لمعظم الاقتراحات، بينما تؤكد مصادر متابعة أنه عمل على إعداد تصور لحكومة مؤلفة من 24 وزيراً، تضم عدداً من الاختصاصيين. وتؤكد مصادر قريبة من ميقاتي أنه يريد إنجاز التشكيلة الحكومية سريعاً، لكنه لا يريد أن يقدم تنازلات من شأنها أن تمس الثوابت. في المقابل، تتمسك مصادر القصر الجمهوري بـ "النفحة الإيجابية" في مقاربة ملف التشكيل، فيما بدا أنه "لعبة" واضحة بين الطرفين، تقتضي ضخ الأجواء الإيجابية لتجنب أي منهما تحمل مسؤولية التعطيل أو فرض الشروط القاسية.
عملياً، لا تزال شروط كل القوى على حالها، لكن مصادر ميقاتي تقول إن هناك ضغوطاً دولية كبيرة في سبيل تأليف سريع للحكومة، وهذا أمر يفترض أن يسرع وتيرة الاتصالات واللقاءات بينه وبين عون والأفرقاء الآخرين للوصول إلى تفاهم. في المقابل، تؤكد مصادر أخرى أن العقد لا تتعلق فقط بآلية تسمية الوزراء وتوزيع الحقائب، بل تتخطاها إلى ملفات أخرى كان قد طرحها عون مع الحريري سابقاً، ومن بينها: التدقيق المالي الجنائي في مصرف لبنان، ومحاسبة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وإقالته من منصبه وتعيين شخص بديل عنه. وتؤكد المعلومات أن عون قد طرح هذا الأمر مع ميقاتي، وهذا الشرط سيكون المدخل الرئيسي في عملية التأليف، وهو الترجمة العملية لكلام صهر الرئيس، رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل حين قال: "أعطونا الإصلاح وخذوا الحكومة".لن يكون من السهل على ميقاتي اتخاذ مثل هذا القرار، لا سيما أن عون لن يتوقف عنده بل سيتخذه كمدخل لحصول تغييرات كبيرة في المؤسسات التابعة لمصرف لبنان، كشركة طيران الشرق الأوسط، وبنك انترا وبنك التمويل، إذ يريد عون إجراء "محاسبة" في هذه المؤسسات وتغيير المسؤولين فيها، وهو أمر سترفضه القوى السياسية الأخرى، وقد يزيد من العقد أمام عملية التشكيل. من ناحية أخرى، تقول مصادر قريبة من ميقاتي إنه لا يمكن أن يقدم على أي خطوة بدون الحصول على ضمانات خارجية، لكن حتى الآن تؤكد المعلومات أن الضمانات التي يرتكز عليها ميقاتي هي ضمانات فرنسية فقط، وهنا لا بد من الإشارة إلى ان المساعي الفرنسية لا تمتلك مفتاحاً لفتح خزائن المجتمعين العربي والدولي لتوفير الأموال اللازمة لإنقاذ لبنان، وكل الضغوط الفرنسية التي بذلت منذ سنة إلى اليوم لم توصل الى حكومة.في المقابل، لم يظهر أي موقف أميركي استثنائي يوحي بدعم عملية التأليف، في حين بدا أن السعودية غير مستعدة لدعم تشكيل هذه الحكومة وتفضل عدم التدخل، وقد اتضح ذلك من خلال رسائل متعددة أطلقها السفير السعودي وليد البخاري باستقباله غريم ميقاتي في طرابلس الوزير السابق محمد الصفدي، والتغريدات التي كتبها على صفحته الخاصة على "تويتر"، وصولاً إلى استدعائه إلى الرياض، في خطوة مشابهة للإجراء السعودي بعيد أيام من تكليف الحريري. وفرضاً لو شكّلت الحكومة، فستكون حكومة الحدّ الأدنى لتوفير مساعدات إنسانية فقط لا أكثر، لتخفيف وقع الانهيار والتدهور، ولكنها لن تكون حكومة إنقاذ او إصلاح جدّي أو تحقيق إنجازات، خصوصاً أن التفاوض مع صندوق النقد الدولي سيكون بحاجة إلى وقت طويل وإلى مسار جدي غير متوفر حتى الآن. إنها أيام حساسة وفاصلة تضع نجيب ميقاتي على مفترق طرق، إما أن يشكل حكومة بتقديم تنازلات ويعمل على اراحة الوضع في لبنان نسبياً، وإما أن يعتذر ويبدأ حساباته الانتخابية بعد تحميل رئيس الجمهورية ميشال عون المسؤولية.