بقايا خيال: هل يحافظ المزور على الهوية الكويتية؟
صدر حكم الإدانة في موضوع تزوير الجنسية الكويتية، ليكون الأساس في ملاحقة مزوري الوثائق، الذين يحاولون طمس الهوية الكويتية، إلا أنه وللأسف الشديد قد تكون هذه الملاحقة صعبة للغاية، لأن هناك الآلاف من الأحكام القضائية التي لم تنفذ بالكامل حتى يومنا هذا. إن الأسئلة الجوهرية التي تتبادر إلى ذهن أي مواطن هي: كيف نستطيع أن ننفذ هذا الحكم القضائي المصيري بالنسبة إلى الهوية الكويتية، إذا كان عدد المزورين فاق الـ400 ألف مزور، حسب تصريحات نواب مجلس الأمة أنفسهم، وانتشروا في كل أروقة الحكومة، وقد يكونون أحجار عثرة في طريق إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الهوية المشوهة؟ وكيف تستطيع الحكومة أن تنفذ هذا الحكم دون التأكد من أن من بيده ملاحقة المزورين ليس أحد المزورين أنفسهم؟ وكيف يمكن لهذه الحكومة أن تحصر أسماء المزورين لكي تضع خطة مُحكمة لملاحقتهم، دون أن يقوم أي مزور بإفشاء أسرار هذه الخطة؟ وكيف نتأكد من أن هذا الحكم القضائي قابل للتنفيذ على أرض الواقع دون أن تكون الأجهزة الحكومية مخترقة «لفركشة» أي خطة أمنية؟ وكيف تقدر هذه الحكومة أن تقضي على داء التزوير قضاء مبرماً، إذا كان داء التزوير يواصل انتشاره في عروق الأروقة الحكومية؟
هل نبدأ بإلغاء القوانين التي تسببت في إحداث تشوهات في الهوية الكويتية، والاعتماد فقط على القانون رقم 15 لسنة 1959 بشأن الجنسية الكويتية، أم نصدر قانوناً جديداً يمحو أخطاء القوانين الأخرى؟ وكيف نضمن صدور قانون جديد، أو حتى ضمان تطبيق عادل للقانون رقم 15 سالف الذكر، دون تدخل من نواب ووزراء ومتنفذين لاستثناء أقاربهم ومعارفهم؟ ومن يضمن ألا يكون بعض المسؤولين حصلوا على الجنسية الكويتية بالتزوير أو التدليس والاحتيال؟ الموضوع ليس بالسهولة التي يراها البعض، فمثال واحد على صعوبة المهمة الوطنية يبين لنا الطريق الشاق الذي سنسلكه لإزالة بثور التزوير من محيا الهوية الكويتية. قبل محاضرة الأخ المستشار ناصر النصرالله حول حكم محكمة التمييز بشأن التزوير في وثائق الجنسية الكويتية، والتي ألقاها في ديوانية الأخ المهندس جاسم قبازرد، يوم الأحد الماضي، ذكر الأخ عادل الزواوي قصة والد شاب وعمه حصلا على الجنسية الكويتية في مطلع الستينيات، وعمل عمه في وظيفة عامة، ثم بعد سنوات عدة غادر العم «للأبد» إلى المملكة العربية السعودية دون أن يستقيل من وظيفته الكويتية، وهناك غير اسمه وحصل على التابعية أو الجنسية السعودية، ومات بعد بضع سنوات ولم يتوقف راتبه من الحكومة الكويتية، فقرر هذا الشاب أن يبلغ الجهات الكويتية الرسمية بوقائع هذه الجريمة، إلا أن شقيقه الأكبر هدده بالقتل إن أبلغ عن عمه المتوفى بالسعودية، بل إن هذا الشقيق تمادى في تهديداته أن أوعز إلى رفاق السوء بأن يلفقوا له التهم الواحدة تلو الأخرى حتى بلغ عددها أكثر من خمسين قضية في أروقة المحاكم الكويتية، والحبل على الجرار، فهل ستكون محاولات القضاء على كل حالة من حالات تزوير الجناسي على حدة أسهل من قضية هذا الشاب الذي حاول أن يقدم خدمة لوطنه؟ نرجو ذلك من أجل الكويت.