الحق على من بيده السلطة
انهمكت الأقلام إلى أن جفت وتكسرت وهي تكتب عبارة «من أمن العقوبة أساء الأدب»، وبُحت أصوات الأمهات الثكالى والغاضبات الصارخات وهي تنادي بتطبيق القانون، ولا عين ترى ولا أذن تسمع ولا يد تطبق! حالنا بين كفين تقلبان بعضهما تحسرا على ما آل إليه أمن الكويت وأهلها. كنا نسمع قصص الجرائم فـنصم آذاننا لـقشعريرة لا تطيقها إنسانيتنا، فصار ما كنا لا نستوعبه على مرأى ومسمع الجميع، حتى أن الشهود صاروا وكأنهم في سباق «من يوثق أولا»! نعم، هوس السوشيال ميديا امتد لـيشل إنسانيتنا وإحساسنا بالآخرين، جعل منا أرواحا جلفة تقتات على جيف المآسي دونما تأنيب ضمير. صار القاتل ومغتصب الأفراح يمرح ويسرح بيننا، ينزع فلذات أكبادنا ومن نحب من أحضاننا بدمٍ باردٍ وفي وضح النهار دون أدنى اعتبار ولا رهبة، صار الوضع «مهزلة» تفوق دموية البهائم في الغابات، صورا ومشاهد تدمى لها القلوب وتكوي معها الأرواح وتؤلم الحلوق، فلا حول ولا قوة لنا غير ابتلاعِ غصةٍ حارقة لا تفيد معها المضادات ولا مسكنات الألم!
فتصبح مشلولا غير قادر إلا على الصمت! شعور لا ينتهي إلا بـ«حوبة» على الظالمِ لا ترد! اللهم شل يد كل فاسد، اللهم امح كل فاسق! ولكل مسؤول، نحن في رقابكم «أمانة»، حتى إن سقط وزن هذه الكلمة منذ زمن، ذلك أن محترفي «الكذب» يجيدون انتقاء أعمق الكلماتِ معنى! لكنني سأختار أن أقول: نحن الفاصل الذي بينكم وبين الجنة، أو اللعنة التي ستلاحقكم أينما كنتكم! فـمن أبسط حقوق المرء أن يعيش بأمان، فإن شعر أن أمنه مربك، ومعطيات الأحداث من حوله لا تبشر بخير، فسـيفقد بالتالي شعور السكينة التي تمده بـطاقة الحياة والعمل والإنجاز، سيصبح فزعا ومضطربا غير آمن، وكما يقول واسيني الأعرج «الأمن شعور داخلي، إما أن يغمرنا حضوره أو يؤلمنا غيابه». لا أعرف ما الذي حل بعروسِ الخليج؟ أظنها هرمت فما عادت عروسا! أم أنها سقطت في بئر مهجورة، كلما مر عليها أحدهم، مدت يديها بغية الفرج، وطمع المارة بثروتها، تظنهم مسعفين لكنهم غير ذلك، وكأنهم يزيدون بفسادهم عمق البئر أكثر، يسلبون ما يريدون ويمضون تاركين الكويت تتأوه ألما وحسرة!