قبل ساعات من اكتمال انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان المُقرر اليوم، أكدت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية في تقرير نشرته، أمس، أن "تركيا وروسيا تستعدّان لسد الفراغ الذي سيتركه انسحاب الأميركيين من أفغانستان، مشيرة إلى أنه على الرغم من المواقف المتعارضة في العديد من مسارح العمليات، فإن العلاقة بين أنقرة وموسكو صمدت في وجه كل التقلّبات.

وأوضحت أنه "بعد طرد الغرب من سورية وليبيا واقليم ناغورني كاراباخ، تستعد تركيا وروسيا معاً لخلافة الولايات المتحدة في كابول مع انسحاب الأميركيين من أفغانستان بعد حرب استمرت 20 عاماً تاركة الأرض لحركة طالبان التي تتقدم بسرعة عالية".

Ad

وأشارت إلى أن "أنقرة عرضت على واشنطن ضمان أمن مطار العاصمة كابول"، ونقلت الصحيفة عن ضابط فرنسي تعليقه بأن "من يملك المطار هو الذي يحكم المدينة".

وأوضحت "لوفيغارو"، أنه "من خلال الاستيلاء على مطار كابول، بوابة الخروج الرئيسية للأجانب في أفغانستان، تقدّم أنقرة لنفسها نفوذاً على القوات الدولية التي ستبقى في البلاد ونحو 500 جندي أميركي في المنطقة الخضراء إلى جانب المغتربين والدبلوماسيين وعمال الإغاثة، وفي حالة الإخلاء سيعتمدون على أنقرة من أجل سلامتهم، حسب بعض المصادر.

كما يمكن لتركيا أن تُصدّر إلى أفغانستان كما فعلت بالفعل في ليبيا مرتزقة سوريين يعملون لدى شركة "سادات" العسكرية الخاصة.

ووفق الصحيفة الفرنسية، "يعتبر التحوّل في ميزان القوى في أفغانستان أيضاً نقطة جذب لروسيا، التي زادت من وجودها العسكري والدبلوماسي في آسيا الوسطى لمنع العنف الذي ترتكبه طالبان من زعزعة استقرار الجمهوريات السوفياتية السابقة، حيث يخشى الكرملين من تدفق اللاجئين إلى البلدان المجاورة لأفغانستان فضلاً عن إنشاء ملاذات آمنة للجماعات المتشدّدة، ما يهدّد نفوذه في نهاية المطاف في منطقة لا يزال يعتبرها موطنه".

أضافت أنه "منذ تقدم طالبان إلى المراكز الحدودية في أفغانستان أجرت روسيا مناورات مشتركة مع أوزبكستان، خصوصاً طاجيكستان، التي تشترك في حدود 1200 كيلومتر مع جارتها المضطربة".

وتابعت أنه "يمكن لروسيا أيضاً نشر مرتزقة من مجموعتها الخاصة (فاغنر) في آسيا الوسطى وتعزيز نفوذها في المنطقة من خلال الاعتماد على أمراء الحرب المحليين"، معتبرة أنه "في غضون أسابيع وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإردوغان الأساس لتقاسم منطقة نفوذ جديدة".

وأكدت "لوفيغارو"، أنه "على الرغم من الخلافات في العديد من مسارح العمليات فإن العلاقة بين تركيا وروسيا التي وصفها الكثيرون بأنها هشة وعابرة صمدت أمام اختبار الزمن، وتهدف في المقام الأول إلى إخراج الغربيين من البحر الأبيض المتوسط ومناطق نفوذ الإمبراطوريتين العثمانية والسوفياتية السابقة، وقد اكتسبت بعداً استراتيجياً بمرور الوقت".

ووفق "لوفيغارو"، فإن "أفغانستان لن تكون المحطة الأخيرة"، وتساءلت: "هل سيكون لبنان الهدف القادم للزوجين الروسي التركي؟ إردوغان على أي حال يطور سياسته للتأثير على المجتمعات السنية هناك بينما يود بوتين أن تطأ قدمه هناك حيث أعلن أخيراً أنه مدافع عن الأقليات المسيحية في لبنان".

هلمند

ميدانياً، اندلعت اشتباكات عنيفة بين "طالبان" والقوات الحكومية، في مناطق عدة تركّزت في جنوب وغرب البلاد.

ونقلت وكالة "رويترز"، عن مسؤولين، أن المعارك الشرسة مستمرّة بعد أن دخل المسلحون إلى شكركاه، عاصمة إقليم هلمند الجنوبية على الحدود مع باكستان، في حين سارع المدنيون إلى الفرار من المدينة.

وقال مسؤول حكومي: "منذ صباح الخميس وطالبان تشنّ هجمات من محاور عدة على لشكركاه، وتمكنت قوات الأمن حتى الآن من صد محاولة طالبان للسيطرة على المدينة بمساعدة من القوات الجوية للبلاد، لكن ما يعرقل العمليات هو وجود المدنيين".

وقال عبدالمجيد أخون زاده، وهو عضو في المجلس المحلي في هلمند، إن "طالبان سيطرت على عدد من المناطق في لشكركاه، وإن القتال يدور في منطقة قريبة من مطار المدينة". وعبّر عن قلق من أن المدينة قد تسقط في يد "طالبان".

هيرات

وغرباً، اشتبك مسلحون من "طالبان" مع القوات الحكومية على مشارف ولاية هيرات المتاخمة لإيران وتركمانستان، ما أجبر عشرات العائلات على الفرار.

وذكرت وكالة "فرانس برس" أن "طالبان سيطرت على العديد من المناطق في ضواحي المدينة، إضافة إلى معبرين حدوديين في هيرات، فيما تواصل تقدّمها في كل أنحاء البلاد".

وأشارت إلى أن "مقاتلي طالبان والقوات الحكومية يشتبكون على الطريق المؤدي إلى مطار المدينة"، في حين قال سكان إن اشتباكات تدور أيضاً في منطقتي إنجيل وغوزارا المجاورتين.

من ناحيتها، أفادت وزارة الدفاع في بيان، أمس، "أن قوات الأمن الوطني والميليشيات المتحالفة معها، استعادت بدعم من القوات الجوية الأفغانية، السيطرة على غوزار من سيطرة طالبان، وطردت العناصر الارهابية منها بعدما قتل 131 مسلحاً، وجرح 62 آخرين".

وفي السياق، تعرضت مكاتب الأمم المتحدة في هيرات لهجوم، أمس الأول، أدى بحياة شرطي أفغاني. ودانت الولايات المتحدة بشدة الهجوم.

المترجمون

وفي وقت وصل أكثر من 200 مترجم أفغاني عملوا لحساب الجنود والدبلوماسيين الأميركيين، إلى الولايات المتحدة، أمس الاول، في أول دفعة من بين عشرات الآلاف الذين من المتوقع أن يتم إجلاؤهم خشية انتقام "طالبان" منهم، أعطت الحكومة التشيكية الضوء الأخضر لبرنامج مساعدة للأفغان الذين عملوا مع جيشها في أفغانستان خلال عملية حلف شمال الأطلسي في هذا البلد.

وقال وزير الدفاع التشيكي لوبومير ميتنار، إن هذا البرنامج "يشمل مساعدة مالية وإمكانية لجوء"، مشيراً إلى أن البرنامج يشمل عائلات هؤلاء الموظفين الأفغان أيضا.

وذكرت وسائل إعلام تشيكية أن برنامج المساعدة هذا يشمل نحو 30 أفغانياً معظمهم من المترجمين الفوريين وعائلاتهم.