يواجه لبنان استحقاقات متعددة في الشهر الجاري، من المسار المتعثر لتشكيل حكومة جديدة، إلى مؤتمر 4 أغسطس الدولي في باريس لمساعدته إنسانياً، فضلاً عن التظاهرات التي يتم التحضير لها تزامناً مع الذكرى الأولى لتفجير مرفأ بيروت، وما بين ذلك من نقاش مستمر واجتماعات في مجلس الأمن الدولي حول تمديد مهلة قوات الطوارئ الدولية «اليونيفيل» وتعزيز صلاحياتها، وصولاً إلى إقرار دول الاتحاد الأوروبي إطاراً قانونياً لفرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين.ومن المقرر أن يُعقد لقاء غداً بين الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال عون، ليبدأ النقاش في أسماء التشكيلة الحكومية وكيفية توزيع الحقائب، مع استمرار عقدة وزارتي الداخلية والعدل اللتين يصر ميقاتي أن تُمنحا لوزيرين مستقلين، في حين يطالب عون بـ«الداخلية» مقابل إبقاء وزارة المال في حصة «الثنائي الشيعي».
وهذه العقدة لا تزال تخلق إشكالية أمام مسار تشكيل الحكومة، إذ إن عون ليس في وارد التراجع، وميقاتي غير قادر على تقديم التنازلات، خصوصاً بعدما أعلن قبل أيام أنه «واحد مع سعد الحريري»، وهذه يفترض أن تستفز عون أيضاً.ومن هنا يعتقد البعض أن النقاش الجدي في عملية تشكيل الحكومة لن يبدأ إلّا بعد مؤتمر مساعدة لبنان، الأربعاء المقبل، الذي من المفترض أن يحدد وقائع سياسية يمكن للقوى اللبنانية التحرك ضمنها، على ضوء نتائج المؤتمر ومواقف الدول المشاركة ونوع وشكل المساعدات الممنوحة.وفي إشارة سلبية بهذا الخصوص، تؤكد مصادر دبلوماسية غربية أن ثمة قراراً دولياً واضحاً بعدم تقديم أي مساعدات دولية إلى المؤسسات الرسمية اللبنانية، وحصرها في جمعيات المجتمع المدني.إلى جانب المسار الحكومي، يفترض أن تشكل خطوة دول الاتحاد الأوروبي بوضع إطار لفرض عقوبات على السياسيين اللبنانيين، الذين يعرقلون الحلّ السياسي ويتهمون بملفات فساد، ضغوطاً على السياسيين. ورغم أن آلية تنفيذ هذه العقوبات غير واضحة، باستثناء أنه سيرتبط بقرار كل دولة بشكل منفرد، بعد أن أفشل الفيتو المجري - الإيطالي مبادرة فرنسا لفرض عقوبات موحدة، تقول مصادر فرنسية إن الخطوة يجب أن تحفز المسؤولين اللبنانيين على تشكيل حكومة سريعاً، وإلا سيتعرضون للعقوبات التي ستبقى سرية وسيتفاجأون بإجراءاتها.في المقابل، لا يخفي الترحيب الأميركي بهذه الخطوة الأوروبية وجود تعارض في وجهات النظر الفرنسية والأميركية حول التعاطي مع الملف اللبناني، الذي تختصره مصادر دبلوماسية بأن واشنطن تعتبر الأزمة في لبنان سياسية، أما باريس فتنظر إليها من وجهة تقنية.وفي مجلس الأمن ظهر تقارب فرنسي - أميركي، خلال المناقشات التي جرت قبل أيام حول الأوضاع في الشرق الأوسط، خصوصاً أن باريس وواشنطن تعملان على وضع تصور موحد لآلية تمديد مهمة قوات «اليونيفيل» العاملة في الجنوب اللبناني.وكانت هناك اقتراحات لناحية توسيع صلاحيات هذه القوات الدولية وتعزيزها بمعدات وتقنيات حديثة، وتركيب المزيد من كاميرات المراقبة لضبط حركة الحدود، وتركيب حساسات قادرة على رصد أي حركة لنقل الأسلحة من «حزب الله»، أو حتى السماح لها باستخدام طائرات مسيرة قادرة على التصوير ومراقبة الوضع ككل في مناطق خارج نطاق القرار الدولي 1701، لكن «حزب الله» يرفض كل ذلك بشكل قاطع.هذا الأمر يؤشر إلى المزيد من التصعيد الدولي تجاه الوضع في لبنان، خصوصاً وسط عدم الاتفاق على تسوية سياسية واضحة المعالم قادرة على إرضاء الداخل اللبناني بمختلف فئاته وتلاوينه الشعبية، وغير قادرة على تلبية شروط المجتمع الدولي ليعود لبنان إلى سكة الشرعية.
أخبار الأولى
3 محطات «خارجية» تفرض نفسها على مسار تشكيل الحكومة اللبنانية
01-08-2021