جيل كويتي كامل ولد بعد الغزو يحمل في قلبه ووجدانه أحداث محنة وطنه ويرويها بمشاعر مختلطة بين الألم والفخر
تأتي الذكرى الـ31 للغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت هذا العام بعد مرور جيل كامل من أبناء الكويت الذين لم يقفوا على تلك الأحداث المؤلمة والكبيرة ولم يعايشوها بأنفسهم بل رويت لهم أو اهتموا بها وتابعوها من مصادر وطرق مختلفة.ولم تكن ذكرى الثاني من أغسطس عام 1990 وما سطره الشعب الكويتي من ملحمة وطنية في سبعة أشهر من الصمود والمقاومة لتمر مرور الكرام على أبناء هذا الجيل وتالياً الأجيال القادمة من دون وقفة يملؤها التمعن والسؤال عن أسباب اهتمام جيل بأحداث قصة لم يكن أحد أبطالها.فأبناء هذا الجيل من الكويتيين تختلجهم مشاعر مختلطة مع ذكرى الغزو العراقي الغاشم على أرض بلادهم فهم بين مشاعر الحزن والألم مع بدء فصل الاحتلال والدمار في بداية رواية القصة عليهم وبين مشاعر الفرح والاعتزاز والفخر مع هبوب رياح التحرير ودحر الطغيان في نهايتها.
وقالت صالحة الفضلي وهي ابنة أحد شهداء الكويت الأبرار الذين قضوا في الغزو العراقي الغاشم ومن مواليد عام 1990 لوكالة الأنباء الكويتية «كونا» اليوم الاثنين إن الغزو العراقي الغاشم سبب الكثير من المآسي لأهل الكويت وترك بصمة لا تمحى في وجدان وروح كل من فقد أحد والديه أو أبنائه جراء العدوان، معتبرة أن هذا الحدث رسم صورة ذهنية للغدر والخيانة و«عدم الأمان» نوعاً ما لدى الكويتيين.وأضافت الفضلي أن مصادر معلوماتها عن الغزو العراقي مختلفة ومتعددة منها المناهج الدراسية مثل مادة الاجتماعيات وبرامج الإذاعة المدرسية الصباحية إضافة إلى فعاليات مكتب الشهيد الذي يعنى بشؤون ذوي الشهداء وروايات وسماع قصص الأهل عن تلك الأحداث التي عايشوها.وأوضحت أنه كان لديها حب استطلاع عن قضية الغزو العراقي الغاشم فلم تكتف بالكتب المدرسية والإذاعة الصباحية في المدرسة بل كانت تبحث في كتب أكثر تخصصاً وتعمقاً في هذه القضية ومشاهدة الأفلام الوثائقية التي تروي أحداث الغزو إضافة إلى استخدام محركات البحث على شبكة الإنترنت.وذكرت أن المصادر التي اطلعت عليها بحثاً عن المعلومات التاريخية المتعلقة بالغزو العراقي كانت كافية مقترحة إنتاج فيلم وثائقي عالمي ضخم يتحدث عن ذلك الحدث المهم في تاريخ الكويت المعاصر ويترجم إلى عدة لغات يروي للعالم ما سطره أهل الكويت من تضحية وعطاء وفداء في سبيل استرداد أرضهم وحقوقهم.وأعربت عن مشاعر «مختلطة» بين الحزن والألم لما تعرضت له الكويت من عدوان غاشم وفقدها لأبيها رحمه الله والفخر والاعتزاز لما سطره الشعب الكويتي من مقاومة الاحتلال وضربه أروع الأمثلة التاريخية في الشجاعة والوحدة الوطنية والتفافه حول قيادته في الداخل والخارج.من جانبه، قال عبدالله السلوم وهو مواطن من مواليد 1992 لـ «كونا» اليوم إن من لم يعش أحداث الغزو العراقي الغاشم ولم ير بأم عينه ما حدث للشعب الكويتي لا يستطيع أن يعبر عن أحاسيسه ومشاعره تجاه هذا الحدث مثل من رأى وعايش الأحداث بنفسه.وأضاف السلوم أن المعلومات التاريخية التي حصل عليها عن الغزو العراقي متأتية من مصادر مختلفة من أبرزها المناهج الدراسية إضافة إلى روايات الآباء والأمهات وكلها لها أثر على الجيل الحالي الذي لم يعاصر تلك الازمة المهمة في تاريخ الكويت المعاصر.وأوضح أن المعلومات التي استقاها من مصادر مختلفة جعلته يعرف حجم التضحيات الكبيرة التي قام بها الشعب الكويتي بكل فئاته في سبيل استرداد حقه الأصيل في تحرير أرضه من براثن غزو غاشم. وأعرب السلوم عن فخره واعتزازه بتضحيات الشهداء والمفقودين الذي قضوا في أحداث تلك الملحمة الوطنية وسطرواأروع الأمثلة في الوحدة الوطنية والتكاتف أمام المحتل والصمود حتى آخر يوم من أيام الاحتلال.من جهته، قال عمر العتيبي وهو من مواليد 1991 لـ «كونا» إن معظم المعلومات التاريخية لديه المتعلقة بالغزو العراقي استقاها من الأفلام الوثائقية التي قامت كبريات القنوات التلفزيونية في تلك الفترة بإنتاجها، مشيراً إلى دور المناهج الدراسية في تعريف الجيل الحالي حقيقة ما حدث لبلاده في عام 1990.وأضاف العتيبي أن المعلومات التاريخية التي روت ما حدث منذ الثاني من أغسطس ذلك العام تعتبر معلومات وافية وأطلعت الجيل الحالي على ما قام به آباؤهم وأمهاتهم وإخوانهم من الشعب الكويتي من صمود واستبسال في مواجهة الظلم والاستبداد.وبين أن أبناء جيله الذين لم يكونوا موجودين في ذلك الحدث المهم في تاريخ بلاده يشعرون بالفخر والاعتزاز عند قراءة قصة أو رؤية فيلم متعلق بالغزو مستذكرين الجهود الكبيرة التي قامت بها القيادة الكويتية آنذاك وعلى رأسها الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح في المحافل الدولية لتوحيد الصفوف في استصدار موقف وقرار دولي يضمن عودة الحق لأهله.وأشار إلى دور الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية إضافة إلى الأصدقاء والحلفاء من دول العالم الذين ناصروا الحق الكويتي في تحرير أرضه من الاحتلال منوها بالتضحيات الكبيرة التي قدمها شهداء الكويت الأبرار والمفقودون.بدوره، يروي يعقوب البشير وهو من مواليد 1994 تجربته عن ذكرى الغزو الغاشم وما صاحبه من أحداث صعبة وآثارها اللاحقة على المجتمع الكويتي، مشيراً إلى أنه بعد مرور جيل كامل على ذلك الحدث «ما زالت ذكراها محفورة في ذاكرتنا إلى هذا اليوم».وأضاف البشير أنه استقى معلوماته التاريخية عن الغزو العراقي من عدة مصادر أبرزها البرامج الحوارية والسياسية سواء على تلفزيون الكويت أو القنوات الفضائية الأخرى والكتب المتخصصة التي سلطت الضوء على أحداث مرت بها الكويت إبان فترة الغزو بشكل «وثائقي وسردي»، معتبراً أنها زودته بتفاصيل حقبة تاريخية مرت على البلاد لم يكن موجوداً حينها.وأعرب عن حزنه وألمه لما تعرضت له الكويت من عدوان غاشم أدى إلى تشتت أهلها ومعاناتهم سواء داخل البلاد أو خارجها، داعياً المولى عز وجل أن يحفظ الكويت وأهلها من كل مكروه وأن يوفق سمو أمير البلاد وسمو ولي عهده الأمين لكل ما فيه خير البلاد والعباد.من ناحيته، قال عبدالعزيز العطاوي وهو من مواليد 1992 إن الغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت لا شك أنه حدث تاريخي مهم ولا ينساه كل كويتي أو مقيم عاش على أرض الوطن في ذلك اليوم، معتبراً أن القنوات الرسمية في الدولة «لم تأل جهداً في إيصال المعلومة التاريخية لأبناء هذا الجيل الذي لم يكن موجوداً آنذاك».واعتبر العطاوي أنه لضخامة الحدث التاريخي فقد اهتمت الدولة بعد تحريرها من براثن الاحتلال في إيضاح حقيقة ماحدث وإيصاله لأبنائها من هذا الجيل والأجيال القادمة في مناهجها الدراسية والتعليمية وبرامجها التلفزيونية، لافتاً إلى روايات الوالدين والأقارب لقصص وأحداث أكثر تفصيلاً وإثارة عن الغزو.ورأى أن المعلومات التاريخية التي وصلت إليه من خلال المناهج الدراسية تعززت أكثر بحصوله على معلومات وتفاصيل أكثر عند مشاهدته عدد من الأفلام الوثائقية على قنوات فضائية يروي فيها أشخاص كانوا مسؤولين أو شهود عيان على ذلك الحدث المهم في تاريخ المنطقة.وبين أن الصورة الذهنية لديه التي لازمت هذا الحدث التاريخي في مخيلته لم تفارقه طوال حياته، مشيراً إلى ارتباطها لديه «بالقهر والإقصاء وتجاهل الحقوق».