قيس سعيّد يحارب الفساد ويتهم «النهضة» بإرباك العلاقات الدولية
الغنوشي يتعافى صحياً ولا يتجاوز أزمته الحزبية... وقلق من توجه سلطوي بعد اعتقال نواب
وسط اتهامات لحركة التهضة بمحاولة إرباك علاقات تونس الدولية، تعهد الرئيس قيس سعيّد باحترام الدستور وإرادة الشعب والتمسك بحماية الحقوق والحريات بعيداً عن التحالفات والحسابات، معلناً عن «حرب قانونية وعادلة دون رصاص ولا دماء للحفاظ على مؤسسات الدولة».وأكد سعيد، خلال اجتماعه بمحافظ البنك المركزي مروان العباسي في قصر قرطاج، أمس الأول، أنه اختار أن يقف في صف الشعب «للحفاظ على وحدة الدولة وحمايتها من الفساد الذي نخر مفاصلها»، مشيراً إلى «التداعي التلقائي للشعب لشد أزر بعضه بعضاً وإيمانه بالقدرة على تجاوز العقبات».وتطرق الرئيس التونسي إلى قضية الهجرة غير النظامية، معتبراً أن تعاظم نشاط الشبكات الإجرامية مناورة سيتم التصدي ووضع حد لها سواء في تونس أو في الضفة الشمالية للمتوسط. وقال: «يتم إلقاء الفقراء في البحر. أما في البرّ فهناك حيتان كثيرة وهم كالتماسيح لديها دموع كاذبة تُذرَف بعد التهام الفريسة».
وكشف سعيّد عن اتصالات دولية لسد الاخلالات في التوازنات المالية واستعداد عدد من الدول الشقيقة والصديقة لتقديم الدعم المادي لتونس في ‹›هذه المرحلة التاريخية›› ومساعدتها على الوفاء بالتزاماتها الداخلية والخارجية.وفي حين اتهم سعيد، خلال إشرافه على تسلم 1.5 مليون جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا قدمتها إيطاليا، جهات لم يسمها بمساومة التونسيين على صحتهم وسط تفشي الوباء، وعد سعيّد باتخاذ قرارات مهمة لتكريس الديموقراطية، وفي رد يبدو أنه على تهديد زعيم حركة النهضة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي لأوروبا بطوفان من المهاجرين، إذا لم يتراجع سعيد عن التدابير الاستثنائية ودعوة القيادي رضوان المصمودي واشنطن إلى عدم توفير لقاحات كورونا لتونس، حذّر وزير الخارجية عثمان الجرندي، أمس، من محاولات إرباك العلاقات الدولية. وقال الجرندي، خلال استقبال هبة صينية عبارة عن 400 ألف جرعة، «محاولات المس بالعلاقات الخارجية لتونس عمل غير وطني»، موضحاً أنها ترتبط مع أصدقائها وأشقائها والمنظمات الدولية الإقليمية ومتعددة الأطراف الدولية بعلاقات مبنية على الاحترام.وفيما أكدت وزارة الخارجية الكويتية أنها تتابع الأوضاع بتونس وتحترم سيادتها وتثق في قدرة قيادتها على تجاوز هذه الظروف الاستثنائية، أكد وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أهمية العمل الثنائي مع تونس حيال القضايا المشتركة ودفع التعاون والتكامل بين المجموعتين العربية والإفريقية والحرص على أن يبقى التضامن بين الشعوب العربية والإفريقية العنوان السائد.إلى ذلك، غادر رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي المستشفى العسكري، أمس الأول، بعد إصابته بوعكة صحية هي الثانية في غضون يومين في وقت يواجه الغنوشي استياءً داخل حركته بخصوص تعامله مع الأزمة الحالية، وخياراته الإستراتيجية منذ انتخابات 2019.ويرى أعضاء بارزون في «النهضة» الأزمة الحالية بأنها أكبر تحدّ تواجهه منذ عام 2011، ودعا عدد متنامٍ من الأعضاء الغنوشي إلى الاستقالة، خصوصاً بعد إرجاء اجتماع لمجلس شورى يوم الجمعة.وفيما لا يزال منصب رئيس الوزراء شاغراً، أوقف نواب ينتقدون الرئيس، الأمر الذي دفع عدداً من المراقبين لإبداء قلقهم من بداية توجه سلطوي. وأثارت توقيفات عدة في الأيام الأخيرة جدلاً حاداً، وآخرها توقيف النائبين ماهر زيد ومحمد العفاس ليل السبت- الأحد يمثلان ائتلاف الكرامة الإسلامي القومي المتحالف مع «النهضة».كذلك، أعربت منظمات غير حكومية دولية عدة عن قلقها بعد اعتقال النائب المستقل ياسين العياري المعروف بانتقاده الجيش والرئيس التونسي. وإثر هذه التوقيفات، أعرب حزب الحراك بزعامة الرئيس السابق المنصف المرزوقي في بيان عن «قلقه العميق». وندد بما اعتبره «انزلاقاً نحو تصفية حساب سياسي وقمعا للحريات، بخلاف الضمانات التي أعطاها الرئيس».