يأخذ القمع أشكالاً عدة في مجتمعات العالم، فقد يكون على شكل تهميش رأي أو مضايقة لمسيرات سلمية أو تهديد إعلامي مبطن من السلطات الأمنية؛ وفي حالات أخرى إسكات وضرب وعنف جسدي كنوع من الترهيب كذلك، وما يتعرض له المواطن أو المقيم في أي دولة من جراء مخالفة التيار العام أو مخالفة رأي سياسي ليس إلا ردة فعل من السلطات بهدف إسكات الصوت المعارض السابح ضد التيار العام أو حتى الشخص المبلغ المنادي بدحض ماكينة فساد من هنا أو هناك، فنجد عند الكثير من دول الغرب اعتصامات ومظاهرات وتجمعات في ساحات عامة، وذلك بشكل شبه يومي، وقد تمر المسائل عادة دون أي مظاهر للعنف أو أي مشادة بين الطرفين (الشعب المتظاهر والقيادات الأمنية).طبعا هذا الكلام له أوجه تشابه عديدة مع مجتمعاتنا العربية، وحالنا الكويتي الخاصة جداً، لكن في مخيلة السلطات لدينا فإن الكلمة تشكل إرهاباً حقيقياً وزعزعة للأمن القومي، وذلك بالرغم من الحق الدستوري الأصيل المكفول لـ«حرية الرأي والبحث» الذي كفله الدستور الكويتي، ولكن ومن بعد إغلاق «ساحة الإرادة» في فترات سابقة بحجج لا منطقية وإغلاق حتى الشوارع والمنافذ المؤدية إليها، اتجهت وزارة الداخلية الآن إلى أسلوب جديد، وهو الاكتفاء بإغلاق المنافذ المؤدية إلى مواقف السيارات المخصصة لها، ورغم هذا كله ما زالت جموع متعددة تتوافد هناك أيام السبت وبكل رقي لتطالب بما تطالب به.
بالمناسبة و(على الطاري) تشكل مثل هذه التصرفات من وزارة الداخلية شكلاً من أشكال القمع، وإن رفضوا الاعتراف بذلك، خصوصاً بعد المحادثة الشهيرة للوزير الحالي في تلك الساحة نفسها ومنذ أشهر معدودة متحدثا عن القمع ذاته، فهل يا ترى ركن الوزير وقواته سياراتهم أمام الساحة أم مع الجماهير ومارسوا رياضة المشي لبعض الكيلومترات؟!عموماً التجمعات السلمية والملتزمة بالاشتراطات الصحية في زمن كورونا باتت تشكل صداعاً لدى السلطات الأمنية، وهذا واضح للعيان وللناس المتظاهرة هناك، لكن الوجه الحقيقي للقمع لن يظهر إلا إذا ترتبت الأفكار وتوحدت المطالب الوطنية ليبدأ وقتها القمع بالعنف الجسدي. على الهامش: ذكرى الغزو العراقي الغاشم على دولتي الحبيبة الكويت في (٢ أغسطس) فما الدروس والعبر المستفادة من ذلك؟ وهل اتعظنا؟! لا يسعنا إلا قول: اللهم ارحم شهداءنا الأبرار وأسكنهم في عليين يا رب العالمين.
مقالات
القمع وإرهاب الكلم وساحة الإرادة
05-08-2021