رغم تطور العالم من حولنا وتحقيقه مراكز متقدمة في مكافحة الفساد وتحقيق تطلعات أفضل في القضاء على بيروقراطية العمل الحكومي، فإن بعض أجهزتنا لا تزال تدور في فلك كتابنا وكتابكم ووفق وتيرة الإنجاز التعجيزي في بعض المعاملات التي تستدعي أولاً وأخيراً تدخل الواسطة لإنجازها، ورغم سلامة سلسلة إجراءاتها فإن هناك بعض القياديين خصوصا في بعض الأجهزة الحكومية الحساسة يتفاخرون وهم يجلسون خلف مكاتبهم الفارهة في إنجاز معاملة النائب الفلاني أو المتنفذ الفلاني أو صاحب المكانة الحساسة، ورغم خروج بعض الوزراء وإطلاق تصريحاتهم الشهيرة بالتصدي للمعاملات المخالفة أو الواسطات وتنفيذ سياسة الحكومة الالكترونية فإن ذلك غير مطبق على أرض الواقع، ولم يتحقق بقدر بالونات هواء يطلقونها ولكنها سرعان ما تتبخر أمام أول هجوم نيابي أو تصريح أو سؤال يكشف عن خبايا العمل في هذه الأجهزة وغيرها.والمسؤولية تقع أيضا على النواب الذين يرفض أغلبهم إيجاد تشريع واضح يتصدى للواسطة ومحاسبة أي مسؤول يخضع لها، بقدر مناديبهم الذين يملؤون بعض الأجهزة لتمرير أكبر قدر من المعاملات حتى يبقى رصيده الشعبي حاضرا لأي انتخابات أو مفاجآت طارئة، والأنكى من ذلك أن المعاملات التي يفترض أن تكون لها الأولوية في الإنجاز تصبح في آخر اهتمامات بعض القياديين الذين لا يلتفتون لها لانشغالهم في تمرير المعاملات التي تحمل بين طياتها حمايتهم للبقاء في مناصبهم.
متى سنرى إنجاز المعاملات إلكترونيا دون الحاجة إلى مراجعة الأجهزة الحكومية نهائيا؟ ومتى سيتم القضاء على مناديب النواب الذين ملوا وضاقوا ذرعا من متطلبات ناخبيهم الذين اعتادوا على إن الإنجاز لن يتم إلا عبر الواسطة؟ولو نظرنا إلى تجارب بعض دول الجوار التي نجحت في القضاء على الواسطة واستطاعت أن تخفض نسب الفساد والمعاملات الورقية لأصبحنا الآن من المتفوقين في إنقاذ ما يمكن إنقاذه في بعض أجهزتنا التي تدفع فاتورة التجاوزات والفساد وغيرها من تراكمات الماضي، فلماذا لا يحاسب أي نائب ساعد في تجاوز القانون في بعض المعاملات التي يحرم مستحقوها الفعليون من الحصول عليها؟إن الإصلاح الحقيقي الذي يتعهد به بعض الوزراء والقياديين يتطلب اقتلاع جذور الواسطة ومنع دخول من يسعى إليها ومحاسبتهم لأن أصحاب الحق لا يحتاجون لذلك بقدر تحقيق مطالبهم العادلة، وعلى النواب الإصلاحيين تبني مشروع حقيقي يلزم الأجهزة الحكومية بإلغاء مصطلح الواسطة لأن هذا الوباء المنتشر استبد وخُلد في مكاتب بعض الوزراء والقياديين.
مقالات - اضافات
شوشرة: بالمقلوب
06-08-2021