من صيد الخاطر: الفاروق القدوة
![طلال عبد الكريم العرب](https://www.aljarida.com/uploads/authors/1002_1667931751.jpg)
كان وصوله وقت الغداء فسُئِل أيأتونه بطعام مما يأكله الجيش أم من طعام قائدهم؟ فقال لهم، وهو يضمر في نفسه شيئا، هاتوا لي هذا وذاك، فأتوه أولا بطعام مما يأكله عساكر جيشه، فإذا به لحم ومرق وثريد، فتعجب الفاروق قائلاً أهذا طعام الجيش؟ فقيل له: أنَ نعم يا أمير المؤمنين، فقال هاتوا لي الآن طعام قائد الجيش، فجاؤوا له بكسرات من الخبز اليابس، وقليل من اللبن، تأثر عمر الفاروق كثيراً، وقال: صدق رسول الله عندما سماك أمين هذه الأمة، وأردف قائلا: غيرتنا الدنيا إلا أنت يا أبا عبيدة.إنه أبو عبيدة عامر بن عبدالله بن الجراح الفهري القرشي، صحابي جليل، وقائد جيش، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، قال عنه الرسول، صلى الله عليه وسلم: إن لكل أمّة أميناً، وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وقال أبو بكر الصديق يوم سقيفة بني ساعدة: لقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح.رحم الله أولئك الرجال، لقد انتصروا وأقاموا أمة مجيدة عندما تحلّوا بالعدل والنزاهة والتواضع، وولوا أمور رعيتهم للقوي الأمين، فحين يحل العدل، يحل الإنصاف، فالعدل أساس الملك، فطوبى لمن تأسى بالخلفاء الراشدين، وأصحاب رسول الله.