يستغرب الكثير من المتابعين للتاريخ العماني وجود أراضٍ وأقاليم تابعة للسلطنة العمانية خارج مساحتها الطبيعية، حكمها العمانيون عقوداً طويلة من الزمن. وينبع هذا الاستغراب من حقيقة أن عُمان ليست دولة استعمارية وليست من الدول الطامعة في استغلال ثروات الشعوب، كما أنها لا تمتلك القوة العسكرية ولا الأسلحة المتقدمة، لتتمكن من إخضاع المناطق البعيدة لسلطتها ونفوذها، ومن هذه المناطق جزيرة "زنجبار" التي كانت نهاية الحكم العماني فيها دامية وحزينة في عام 1964 عندما تمرد السكان المحليون، وقتلوا مئات العمانيين المقيمين في زنجبار، واضطر آخر سلطان عماني في هذه الجزيرة إلى الهروب بلا عودة. وعندما تسلم سلطان بن أحمد العرش العماني في عام 1792، ضم جوادر رسمياً إلى الحكم العماني، الذي استمر إلى عام 1958، وانتهى باتفاقية سلمية بدون قتال. ونصت هذه الاتفاقية على بنود عديدة لمصلحة الحكم العماني، مما يوضح تمسك سلاطين عمان بها وحقوقهم التاريخية فيها، ومن بين هذه البنود دفع مبلغ 3 ملايين جنيه إسترليني للحكومة العمانية، وأنه إذا اكتشف النفط في جوادر فإن عمان ستحصل على نسبة 10% مدة 25 عاماً. أما ما يتعلق بسكان الإقليم، فقد نصت الاتفاقية على أن تتعهد باكستان بالسماح لمن يرغب منهم في اختيار المواطنة العمانية دون عراقيل، وأن تزيل باكستان أي عوائق أمام توظيف المواطنين الباكستانيين في عمان، وألا تمنع تصدير الأرز الباكستاني إلى عمان. وقبل إنهاء هذا المقال، أود أن أعرض لكم وثيقة تاريخية كتبها الإنكليز للسلطان سعيد بن سلطان بن أحمد البوسعيد سلطان مسقط وعمان، والتي يعود تاريخها إلى عام 1822م، وهذا نصها:"شمس سماء المجد والمفاخر والماس الفريد السيد سعيد بن سلطان بن الإمام أحمد البوسعيدي دام مجده ما اختلج زهر الخاطر بالبشاشة والحبور وانملأت حديقة الحشاشة بالهنا والسرور وهب نسيم الفرحة من شاطئ المودة وتنسم نسيم البهجة من وادي المحبة... سلام طبق ريحه المسام وتحيات فاق نشر فتيقها لمح الكلام نهديها لحضرة منيع الشأن منبع الجود والامتنان الأمجد الأرشد لازال في زمن بعيد من صوارفه وفي دهر معترف بمعارفه يعيش رغيد وأيام سعيد آمين...أما بعد فلله الحمد الملك المتعال انا في اسر حال لازلتم كذلك بالقوي المالك وثانيا قد حرز لجنابكم المستطاب كتاب في خصوص عدم قبول سلوك المكرم قبطان بروس صاحب وتعيين صاحب آخر في ذلك الطرف والان لا يخفى على جنابكم الشريف ان جناب الاحشم المحتشم المفخم قبطان ميكلود بهادر صاحب معين ومقرر في مكان المومي اليه بسبب اهتمام وانصرام لوازم الذي في عهدته متوجه الى بوشهر وجناب الاحشم المشار اليه في اجراء وامضاء خدمات المرجوعة من كل جهة مستقيم في استحكام وازدياد مباني المحبة والوداد الذي فيما بين السركارين منوطة ومربوطة ولنا يقين قطعي على ان جنابكم الشريف أيضا كما لكم محبة ومودة مع أولياء وصاحبين عهدة هذا السركار ذوي الاقتدار من قديم الأيام وسالف الزمان لابدا من همتكم السنية ووداكم البديهية تصرفون حسن الطافكم وكثرة محبتكم وموالاتكم لأجل خواطرنا مع جناب الاحشم المشار اليه لأنه المذكور معتمد عليه من هذا الطرف من كل طريق ولا تقطعوا عنا أحوال صحة تلك الذات المحروسة مهما يبدو من المهمات فإنها تقضى بحوله وقوته والسلام خير ختام".
وحكم العمانيون أيضاً جزيرتي "بمبا" و"كيلوا"، وسيطروا على مناطق شاسعة على الساحل الشرقي لإفريقيا، الذي يعرف بـ "بر الزنج"، مدة تزيد على 150 عاماً، أما موضوع منطقة جوادر، التي تتبع دولة باكستان حالياً، فقد استقر فيها السلطان سلطان بن أحمد البوسعيدي في عام 1784 بعد أن منحه ناصر خان حاكم قلات وتوابعها أرض جوادر، وسمح له بالمعيشة فيها وإدارتها.
رسالة من الانكليز الى سلطان عمان سنة 1822