رئيسي يقيّد روحاني ويمهّد لخلافة خامنئي بحملة تصفيات
في أول قرار غير رسمي، أعطى الرئيس الإيراني المحافظ إبراهيم رئيسي الضوء الأخضر للمدعي العام لملاحقة عدد كبير من المديرين والمسؤولين في السلطة التنفيذية، بتهم تتعلق بالفساد أو سوء الإدارة، ومنع سلفه حسن روحاني وأعضاء حكومته من السفر.وقال أحد المقربين من الرئيس الجديد، لـ «الجريدة»، إن السلطة القضائية والأجهزة الأمنية رصدتا سابقاً أعمال هؤلاء المسؤولين، لكنهما بسبب المقاومة الشديدة من حكومة روحاني لم تستطيعا ملاحقتهم جميعاً، لافتاً إلى أن رئيسي قام عملياً برفع الغطاء عن الجميع، ولم يعطهم فرصة لتدبير أمورهم أو الهرب. وأضاف أن أول مجموعة من هؤلاء ضالعة في إدارة ملف المياه في خوزستان، موضحاً أن المدعي العام أمر بإحضار عدد كبير من مديري هذه المحافظة وتم اعتقال عدد منهم للتحقيق.
وعلى غرار ما شهدته إيران في بداية الثورة، قال المصدر: «حسب اتفاق غير معلن بين رئيسي وخليفته على رأس السلطة القضائية، غلام حسين محسني، فإن حملة المحاكمة والاعتقالات هذه لن تقتصر على المديرين والمسؤولين في الحكومة المنتهية ولايتها، بل ستشمل كل السابقين وأصحاب شركات مرتبطين بهذه القضايا»، مضيفاً أن «رئيسي قرر تصفية عدد كبير من المسؤولين خلال الأربعين سنة الماضية من المشكوك في ارتباطهم بالفساد وإحالتهم جميعاً للمحاكمة»، وأنه طلب من محسني فتح ملفات للمشتبه فيهم ومنعهم من التصرف بأموالهم وممتلكاتهم حتى إثبات «من أين لك هذا».وأشار المصدر إلى أن المدعي العام أصدر قراراً يمنع خروج عدد كبير من المسؤولين دون إذن من السلطة القضائية، على رأسهم الرئيس السابق حسن روحاني ونائبه إسحاق جهانغيري ووزراؤه ومستشاروه ومساعدوه ورؤساء المصارف والمؤسسات الحكومية.ويقوم الأصوليون بالعمل للتصويت على قانون يمنع خروج أعضاء الحكومات مدة لا تقل عن 10 أعوام، بعد انتهاء مهامهم وخروجهم بشكل كامل من مناصبهم الإدارية، وفرض مراقبة على جميع تحركاتهم واتصالاتهم مع أي شخص أجنبي أو حامل لهوية مزدوجة أو من لديهم إقامات دائمة في دول أجنبية، دون التنسيق مع الأجهزة الأمنية والسلطة القضائية، على أساس أنهم اطلعوا على معلومات خاصة يمكن تسريبها للأعداء بعمد أو غير عمد. ويتم تطبيق هذا القانون على العاملين في الأجهزة الأمنية والعسكرية، لكن مجلس الشورى يعمل على تعميمه على كل المناصب، ابتداءً من رئيس دائرة وما فوق. ويأتي مشروع البرلمان بعد رصد الأمن تسريباً كبيراً للمعلومات من بعض المسؤولين لمصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل، وأبرزها مكان التخزين السري لملفات ودراسات علماء نوويين كانت تحت إشراف العالم الراحل محسن فخري زاده، الذي اغتاله «الموساد» العام الماضي.وبيّنت التحقيقات، حسب مصادر بالمجلس الأعلى للأمن القومي، أن بعض العمال في مؤسسة الطاقة الذرية تكلموا عن الموضوع ومكان تخبئة هذه الوثائق لأقربائهم المقيمين بالولايات المتحدة، الذين سربوا المعلومات لجهات إسرائيلية.وإذا نجحت خطة رئيسي، الذي وعد في برامجه الانتخابية بوضع مكافحة الفساد في أولوياته، فهذا يعني أن إيران ستشهد تصفية كبيرة على غرار ما شهدته في بداية الثورة، وستفتح الأبواب أمام ما يصبو إليه رئيسي من خلافة المرشد الحالي علي خامنئي.وفي تحرك سياسي مقصود يعكس حقيقة أن القرار في إيران بيد المرشد الأعلى، لا في يد البرلمان أو الشعب، سلّم روحاني مفاتيح المكتب الرئاسي لرئيسي، بعد حفل المصادقة على انتخابه مباشرة، خلافاً للدستور الذي يقضي بتسلمه مهام منصبه ومفتاح مكتبه، عقب أداء اليمين في مجلس الشورى.