وسط ترقب لنهج طهران الجديد وما يتبعه من ارتدادات مؤثرة بعدة ملفات دولية وإقليمية، كشف مصدر رفيع المستوى في وزارة الخارجية الإيرانية، لـ"الجريدة"، عن عرض وساطة قدمه نائب رئيس العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي أنريكه مورا إلى وزير الخارجية محمد جواد ظريف ونائبه عباس عراقجي مساء أمس الأول، لوقف حرب السفن المشتعلة مع إسرائيل وتهدئة الاندفاعة المحتملة نحو التصعيد من الرئيس الأصولي المتشدد إبراهيم رئيسي الذي تسلم مهامه الرسمية أمس.

ووفق المصدر، طلب مورا لقاء رئيسي لاستيضاح موقفه من مفاوضات فيينا الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات عن طهران، والتي تشارك فيها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بشكل غير مباشر.

Ad

وأشار المصدر إلى أن ظريف نفى ضلوع إيران في الحوادث التي حصلت، الثلاثاء الماضي، ضد السفن في خليج عمان وبحر العرب، واتهم إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا بافتعالها وفبركة التهم ضد طهران، غير أنه أكد لمورا أن المياه الدولية يجب أن تكون آمنة للجميع، ولا يمكن للاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي التوقع من إيران عدم الرد على الاعتداءات الإسرائيلية والأميركية على سفنها ومصالحها.

ولفت المصدر إلى أن ظريف ذكّر مورا بأن مقتضيات تفاهم سابق، توسطت فيه الأطراف الأوروبية، كانت تحتم على الإسرائيليين وقف استهداف السفن وهو ما لم تلتزم به حيث قامت بمهاجمة ناقلات إيرانية متجهة إلى لبنان، فضلاً عن قيامها بتتبع سفن أخرى وصلت إلى سورية وقصف حمولتها بعد تفريغها.

وانتقد ظريف، خلال حديثه مع المسؤول الأوروبي، قيام واشنطن بمصادرة وبيع شحنة وقود إيرانية كانت مرسلة إلى فنزويلا، الخاضعة لعقوبات أميركية أحادية، دون أن يحرك الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة ساكناً.

وبحسب المصدر، شدد الوزير الإيراني على أن بلاده مستعدة للتعامل بإيجابية مع أي وساطة في هذا السياق، شرط أن تشمل وقف تعدي إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا على السفن والمصالح الإيرانية وحلفاء طهران بالمنطقة.

وفي الوقت نفسه، حذر ظريف من أن الحكومة الإيرانية الجديدة لن تكون مثل حكومة الرئيس المعتدل حسن روحاني، التي كانت تحاول التخفيف من حدة التوترات، وأنها لن تتوانى عن دعم الرد على الأميركيين والإسرائيليين، مؤكداً أنه من الآن فصاعداً على الإسرائيليين أن يتوقعوا رداً مماثلاً لكل خطوة يقومون بها ضدها أو أنصارها، وإذا كان الإيرانيون وحلفاؤهم يحاولون في السابق استهداف مواقع تكون خالية من الجنود أو السكان فإنهم من الآن فصاعداً سيستهدفون غرف وصالات الجنود الإسرائيليين وكذلك الأميركيون.

وقال المصدر إن ظريف دعا الأوروبيين إلى العمل بشكل سريع إذا كانوا يريدون تفعيل وساطتهم لتفادي احتمال ارتفاع نسب التوتر إلى وضع لا يحمد عقباه.

وبخصوص ملف مفاوضات فيينا، أوضح ظريف لمورا أن كل شيء مرهون بنية الأميركيين والأوروبيين تجاه رفع العقوبات، التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب بعد انسحابه من الاتفاق النووي، وإذا ما كانت هناك ضمانات كافية لرفع العقوبات فإن رئيسي وحكومته سيعملون على الوصول إلى صيغة تفاهم لكن إذا أصرت واشنطن على التلاعب وعدم رفع القيود الاقتصادية فإنه يتوقع انسحاب الحكومة المقبلة سريعاً من المفاوضات المتوقفة حالياً.

من جانب آخر، ورداً على عرض قدمه مورا لطهران بهدف التعاون من أجل دعم الحكومة الأفغانية بمواجهة حركة "طالبان" المتمردة، بيّن ظريف أن بلاده مستعدة للتعاون بأي شكل تقتضيه الأمور لحل الأزمة الأفغانية وعدم تدهور الوضع لحرب أهلية، محذراً من أن تفاقم الأزمة بالبلد المجاور ليست لمصلحة الأوروبيين مثلهم مثل الإيرانيين، إذ لن تتمكن طهران من استضافة المزيد من اللاجئين الأفغان الذين سيتجهون في النهاية إلى القارة العجوز.

وحسب المصدر، جدد مورا الحديث عن المخاوف الأوروبية والإقليمية من البرنامج الصاروخي الإيراني ونفوذ طهران بالمنطقة، ولفت إلى ضرورة انخراطها بحسن نية وبشكل مؤثر في إنهاء الأزمة اليمنية.

طهران - فرزاد قاسمي