ذكرى الغزو
مرت الذكرى الحادية والثلاثون للغزو العراقي الآثم والوحشي لأرض الكويت الحبيبة العزيزة، واستذكرنا شهداءنا الأبرار الذين بذلوا دماءهم رخيصة فداء الكويت، فتحية إعزاز وتقدير لكل من دافع عن أرض الكويت منذ اليوم الأول للغزو حتى التحرير، فالرحمة والمغفرة لكل من استشهد في سبيل الكويت من رجال ونساء، والعزة والفخر لكل من أسر أو تعرض للتعذيب، والتقدير لكل من تمسك بأرض الكويت حتى تم النصر بإذن الله ومساعدة الأشقاء ًوالأصدقاء. كتب الكثيرون عن هذه الذكرى الأليمة، وعرضت المقابلات التلفزيونية والإذاعية والأفلام والصور في أجهزة الإعلام الرسمية والشعبية، فعلينا ألا نكرر هذه المقابلات والأفلام فقط، بل أن ننهج نهجاً جديداً في الاحتفال بهذه الذكرى الأليمة يعتمد على الآتي: أولاً: تضمين المناهج الدراسية مادة تسمى (الكويت) تتضمن شحن الروح الوطنية لدى الطلبة، وكيفية التعبير عن حب الكويت والدفاع عنها، وتشمل أيضا الحديث عن الغزو والتحرير كي لا تنسى الأجيال القادمة ما حدث، لأن عدداً من الشباب ولدوا بعد التحرير، والبعض الآخر كان صغير السن أثناء الغزو.
ثانياً: أن تبحث أجهزة الإعلام الرسمية والشعبية الخاصة عن الأشخاص الذين لم تسلط عليهم الأضواء في الحديث عن الغزو والمقاومة والأسر ويشمل ذلك الحديث مع أسر الشهداء والأسرى.ثالثاً: مقابلة الأشخاص الذين عملوا بصمت دون ضجة أو ظهور إعلامي أثناء الغزو، سواء كانوا متطوعين أو رجال أعمال قدموا أعمالاً جليلة أثناء الغزو من العاملين في قطاعات الدولة المختلفة، على سبيل المثال العاملون في قطاع الصحة والنفط والإطفاء والكهرباء والجمعيات التعاونية الذين كان لهم دور في توصيل المؤن وخدمة المرابطين، وأيضا مقابلة الأشخاص غير الكويتيين ليشرحوا الوضع أيام الغزو. رابعاً: هناك قطاع مهم من القطاعات التي أدت دوراً مهماً في الخارج أثناء الغزو وبعد التحرير هم الدبلوماسيون الكويتيون العاملون في بعثات الكويت الدبلوماسية والقنصلية في الخارج، الذين كان لهم دور كبير في الدفاع عن الحق الكويتي سواء في المحافل الدولية أو في الدول المعتمدين لديها، وخصوصاً في السفارة الكويتية في بغداد والقنصلية الكويتية في البصرة، والمعاناة التي تعرضوا لها هم وأسرهم، كما لا ننسى ما تعرض له الدبلوماسيون الكويتيون في الدول التي كانت تناصر العراق وتؤيد الغزو، وأيضا الدبلوماسيون الكويتيون في الدول الأخرى والعمل الذي قاموا به لشرح قضية الكويت ومساعدة الكويتيين الذين غادروا الكويت أثناء الغزو، وهذا يشمل المتطوعين الكويتيين في الخارج وإبراز نشاطهم.خامساً: كثير من الدول تنشأ متاحف أو ما يسمى بانوراما لتخليد تضحيات شعوبها في مقاومة الحروب بعرض الأفلام والصور للشهداء على سبيل المثال هناك مبنى في القاهرة، يسمى بانوراما يحكي قصة حرب أكتوبر، وكثير من الدول تمجد بلادها وشعبها الذي يصد العدوان عن أرضه وشعبه. كل هذه المقترحات تدعونا لأن نخذها بعين الاعتبار في المستقبل، وأن نرسم خريطة طريق ومنهجا جديدا في التعامل مع إحياء ذكرى الغزو الغاشم وأيضا ذكرى التحرير. والله الموفق.رحيل المخلصين: الكثير من الذين رحلوا عن دنيانا تم الحديث عن خصالهم وما قدموه لبلدهم، عندما خدموا في مجالات كثيرة كانت سمعتهم وأخلاقهم تتحدث عن خصالهم الحميدة، وأول هؤلاء الذين سأذكرهم في هذا المقال هو إنسان عمل بصمت وأمانة وإخلاص، وهذا بشهادة من عمل معه أو كان يعرفه ويعرف خصاله الحميدة، فقد رحل الرجل الإنسان الفاضل ناصر حمد صالح الرومي (بوفيصل) بعد مرض طويل، فأصدقاؤه يشهدون له قبل أقربائه بأنه رجل مخلص في عمله لخدمة وطنه، تقلد مناصب كثيرة بالدولة حتى وصل لمنصب وكيل وزارة العدل، مشهور عن المرحوم بوفيصل الهدوء وعفة اللسان ونظافة اليد وكنت أرى ابتسامته الجميلة تعلو شفتيه كلما كنت ألتقي به سواء في ديوان الرومي بالدعية أو في ديوانهم الخاص بالنزهة، رحم الله الإنسان الفاضل ناصر حمد الرومي وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان، "إنا لله وإنا إليه راجعون". الشخصية الأخرى التي افتقدناها، عملت في مجال العلم والتربية، وخرجت أجيالاً كثيرة من حملة العلم والتربية، وكان مشهوداً لها بالكفاءة والالتزام بالعمل والإخلاص، وقد خلدتها الدولة لخدمتها الجليلة بأن أطلقت اسمها على إحدى المدارس في الكويت تقديراً واحتراماً لدورها التربوي، رحلت المربية الفاضلة السيدة لطيفة محمد البراك الفضالة، وتركت وراءها إرثاً ومحبين بعد أن خدمت بلدها وبنات الكويت، وكانت خير مثال للإخلاص وحب الوطن، كيف لا وهي ابنه رجل فاضل محب لوطنه، قدم حياته في سبيل وطنه، وهو المرحوم محمد البراك، المشهور بالزعيم، رحم الله الاثنين وأسكنهما فسيح الجنان، وأحر التعازي لأسرتي البراك الفضالة والعمر، و"إنا لله وإنا إليه راجعون".