قبل ساعات من جلسة مغلقة لمجلس الأمن لبحث الهجمات الأخيرة على ناقلات في مياه الخليج، التي توجه الولايات المتحدة ودول غربية أصابع الاتهام فيها إلى إيران، اشتعلت الحدود اللبنانية ـــ الإسرائيلية بصورة مفاجئة، ولكنها محدودة لم تتجاوز قواعد الاشتباك أو تأتي على كسر خطوط التوازن والردع.

وفي التصعيد، الذي وصفته الأمم المتحدة بأنه «خطير»، أطلق «حزب الله» 19 قذيفة صاروخية من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل، التي ردت بدورها بقصف مدفعي وسط تحليق مكثف لطيرانها في أجواء الجنوب.

Ad

ويرى مراقبون أن إيران كانت الغائب الحاضر في المشهد، من خلال «حزب الله»، ذراعها النافذة في لبنان، وأنها أرادت أن توجه رسالة مبطنة لمن سيجتمعون في مجلس الأمن، مفادها أن أي تصعيد ضد طهران سيقابل بإشعال فتيل التوتر والصراعات على أكثر من جبهة وفي آن واحد.

فإيران تنفي أي صلة لها بالهجوم على ناقلة نفط تديرها شركة إسرائيلية في بحر العرب أواخر الشهر الماضي وتؤكد أنها لن تتردد في الدفاع عن مصالحها، بعد دعوة تل أبيب إلى تحرك دولي ضدها رداً على الهجوم.

ويرى محللون أن إيران، التي تتمتع بنفوذ من خلال الجماعات الموالية لها في مناطق متفرقة بالمنطقة لاسيما في سورية والعراق، ربما تكثف عملها عبر الجبهة اللبنانية في سجالها مع الولايات المتحدة ودول أوروبية، معتبرين أن لبنان ربما يكون أكثر تأثيراً نظراً لارتباطه بحدود مشتركة مع إسرائيل في وقت يمثل فيه «حزب الله» وسلاحه الرقم الأبرز في المعادلة السياسية اللبنانية. وربما اتضحت معالم التركيز الإيراني على هذه الجبهة من خلال عمليات إطلاق الصواريخ التي تصاعدت وتيرتها أخيراً، حيث تم إطلاق صواريخ عدة باتجاه إسرائيل من جنوب لبنان على مدار السنوات الـ15 منذ حرب عام 2006، لكن 6 حوادث إطلاق صواريخ وقعت في الأشهر الثلاثة الماضية وحدها.

الصواريخ والقبة

وكان «حزب الله» أعلن في بيان إنه «عند الساعة 11.15 دقيقة من قبل ظهر الجمعة ورداً على الغارات الجوية الإسرائيلية على أراض مفتوحة في منطقتي الجرمق والشواكير ليل الخميس الماضي، قامت مجموعات في المقاومة الإسلامية بقصف أراض مفتوحة في محيط مواقع الاحتلال الإسرائيلي في مزارع شبعا بعشرات الصواريخ من عيار 122 ملم».

وأكد الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أمنون شيفلر أن «أكثر من 10 صواريخ أطلقت من لبنان اعترضت منظومة «القبة الحديدية» معظمها وسقطت الأخرى في مناطق غير مأهولة، مؤكداً عدم رغبة تل أبيب بالتصعيد على الحدود ولكنها على استعداد لذلك.

وأضاف شيفلر: «نعتقد أن حزب الله يريد أن يظهر أنه يسيطر على جنوب لبنان ولا يريد حرباً شاملة أيضاً»، معتبراً أن «استهداف حزب الله مناطق غير مأهولة ما هو إلا إشارة منه بذلك». وتابع: «لا أعتقد أن إيران أمرت حزب الله بشكل مباشر بتنفيذ الضربات، لكن نعلم جميعاً بشكل عام كيف تعمل إيران التي تدعم حزب الله وجميع الأعمال الإرهابية».

الجيش ويونيفيل

كما أعلن الجيش اللبناني في بيان أن القوات الإسرائيلية أطلقت «قذائف مدفعية باتجاه الأراضي اللبنانية سقطت منها 10 قذائف في خراج بلدة السدانة و30 قذيفة في خراج بلدتي بسطرة وكفرشوبا، ما أدّى إلى اندلاع عدد من الحرائق، بعد أن أُطلق عدد من الصواريخ من الأراضي اللبنانية باتجاه مزارع شبعا المحتلّة».

وحذرت قوة الأمم المتحدة الموقتة العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) من «وضع خطير جداً» على وقع التصعيد. وأعلنت في بيان أن «قواتنا رصدت إطلاق صواريخ من لبنان ورداً بالمدفعية الإسرائيلية والوضع خطير جداً»، وحثت «جميع الأطراف على وقف إطلاق النار».

وفي وقت لاحق، قال نائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم في حديث تلفزيوني «لقد التزم حزب الله علناً بأن الاعتداء على لبنان يعني أن يُقابل بالرد المناسب، وما فعله حزب الله هو رد على عدوان». وأضاف «لا نعتقد أن الأمور ذاهبة باتجاه التصعيد، ومع ذلك حزب الله جاهز في الميدان ويدافع بكل ثقة وقرار وعزيمة».

وهذه هي المرة الأولى التي يتبنّى فيها «حزب الله»، استهداف مواقع إسرائيلية، منذ تصعيد عسكري بين الطرفين عام 2019.

وتكرّر قيادة «حزب الله»، الذي يمتلك ترسانة أسلحة ضخمة تتضمن صواريخ دقيقة، تأكيدها على ضرورة «تثبيت قواعد الاشتباك» التي أرستها آخر حرب مع إسرائيل في يوليو 2006.

توازن الردع

وكشف مصدر في «حزب الله»، في حديث نشر في بيروت، أمس، «إحباط محاولة العدو الإسرائيلي كسر توازن الردع»، مشيرا إلى أن «المقاومة تقوم بواجبها الوطني وهو الدفاع عن أرض لبنان وحدوده وسيادته».

وقال المصدر، إن «إسرائيل هي التي بادرت إلى إطلاق النار وقصفت مناطق مفتوحة وعليه ردت المقاومة بقصف أيضاً على مناطق مفتوحة لمواجهة هذا العدوان السافر على سيادة لبنان».

ولفت إلى أن «الحكومة الإسرائيلية الجديدة أرادت من خلال عدوانها على مناطق لبنانية تغيير قواعد الاشتباك لإرساء معادلة جديدة تنسف توازن الردع إلا أن محاولتها باءت بالفشل بعد رد المقاومة عليها».

وأضاف أنه «في تقديره أن العدو الاسرائيلي انكفأ وتراجع عن المواجهة مع حزب الله»، معتبراً أن «هناك دائما من يحاول ربط أي حدث إقليمي بأي حدث لبناني يحصل ويحاولون الإيحاء بأن كل ما يقوم به حزب الله مرتبط بمصالح خارجية في حين تقوم المقاومة بواجبها الوطني وهو الدفاع عن أرض لبنان وحدوده وسيادته».

وأشار المصدر إلى أن «الأجندة الوحيدة التي يتبعها حزب الله هي الحفاظ على كرامة لبنان ووحدة أراضيه»، مشيراً إلى أنه «من المؤسف أن هؤلاء الذين يتهمون المقاومة بأجندات خارجية لا يوجهون أي انتقاد أو إدانة للاعتداء الإسرائيلي على وطنهم ويتعاملون مع ذلك على أنه أمر عادي جداً».

أميركا وفرنسا

وفي وقت أعربت فرنسا عن قلقها من «تصاعد التوترات» بين لبنان وإسرائيل داعية إلى «احترام وقف الأعمال العدائية، ومنع أي انتهاك للخط الأزرق»، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس «ندعو الحكومة اللبنانية بشكل عاجل إلى منع هجمات كهذه وبسط سيطرتها على هذه المنطقة»، مضيفاً: «نشجع بشدة كل الجهود للحفاظ على الهدوء».

من جانبها، أكدت حركة «حماس» في غزة «مباركتها ودعمها الكامل للرد الذي قامت به المقاومة الإسلامية في لبنان» فيما شددت حركة الجهاد الإسلامي، على «الحق في مقاومة الاحتلال والتصدي للعدوان وعدم السماح للعدو بفرض معادلات أو تغيير قواعد الاشتباك والرد على جرائمه بكل الوسائل».

ونفّذت إسرائيل ضربات جوية ضد أهداف تابعة لـ«حماس» في غزة ليلاً رداً على إطلاق بالونات حارقة من الجيب الفلسطيني تسببت باشتعال 4 حرائق أمس الأول، في منطقة اشكول قرب غزة.

القوى الأمنية تضبط مليوني حبة «كبتاغون» وطنّين من الحشيش

أحبطت القوى الأمنية اللبنانية عملية تهريب أكثر من مليوني حبة مخدرة من الكبتاغون وطنّين من مخدر الحشيش إلى الخارج عبر مرفأ بيروت.

وقالت مديرية الأمن الداخلي، إن المخدرات كانت موجودة داخل المرفأ في شاحنة نوع مرسيدس على متنها ثلاثة مولّدات كهربائية. وأشارت إلى أن معلومات مؤكّدة توافرت عن عملية يتم التحضير لها لتهريب كميّة كبيرة من الحشيش والكبتاغون وبنتيجة الجهود الاستعلامية والتقنية، تم تحديد مكان وجود الشّحنة في مرفأ بيروت ووضعها تحت المراقبة.

وأوضحت أن قوّة من شعبة المعلومات « قامت بمداهمة مكان وجود الشّحنة حيث ضبطت ما يقارب مليونين و200 ألف حبّة «كبتاغون» وحوالي طنين من الحشيش مخبأة في صندوق الشاحنة.