سعيّد يعزز روابطه بالجيش... و«النهضة» تستقوي بالخارج
ماكرون يستعجل خريطة الطريق... والغنوشي في مأزق
مع فتح السلطات التونسية ملفاً جديداً لحركة «النهضة» بتهمة التعاقد مع شركة أميركية للوصول لفاعلين رئيسيين والدعم الإعلامي وتقديم الاستشارات الاستراتيجية، عزز الرئيس قيس سعيّد روابطه مع الجيش بتعيينات وتكليفات جديدة.وفي أحدث تقارب مع المؤسسة العسكرية، عيّن سعيّد، أمس الأول، وزيراً جديداً للصحة من كوادرها هو العميد علي مرابط، المشرف على حملة تطعيم قام بها الجيش في مناطق بالجنوب، خلفاً لمحمد الطرابلسي، الذي عينه رئيس الحكومة المُقال هشام المشيشي في 20 يوليو الفائت.كما أصدر أمراً رئاسياً بتكليف العميد القاضي منير عبدالنبي بمهام وكيل الدولة العام مدير القضاء العسكري، خلفاً لتوفيق العيوني الذي أنهى تكليفه بمقتضى أمر رئاسي صادر في 27 يوليو.
وفي السياق، أصدر سعيّد أمراً رئاسياً يقضي بتسمية ملحق الدائرة الدبلوماسية بالرئاسة وليد الحجام مستشاراً له، وإجمالاً، عين سعيّد، الذي تولى السلطة التنفيذية بشكل كامل، وزراء جدداً في وزارات الداخلية، وتكنولوجيات الاتصال، المالية، والصحة لكنه لم يعين بعد رئيس وزراء جديداً.وبعد فتح القضاء تحقيق مع الحركة ذاتها وحليفها حزب «قلب تونس» وجمعية «عيش تونسي» في شبهات تتعلق بتمويل خارج، نشرت على موقع وزارة العدل الأميركية وثيقة عقد بين «الوكالة الدولية للاتصالات بيرسون كوهن آند وولف» ومؤسسة متمركزة في لندن تحمل اسم «النهضة بارتي دياسبورا غروب».والهدف من هذا العقد المؤرخ في 29 يوليو أي بعد أربعة أيّام من قرار سعيّد تجميد أعمال البرلمان مدة ثلاثين يوماً، هو المساعدة من أجل «الوصول إلى فاعلين رئيسيين في الولايات المتحدة والدعم في مجال الإعلام وتقديم استشارات في الاتصال الاستراتيجي».ونشرت وثيقة العقد من شركة العلاقات العامة في إطار أوامر تلزمها بالكشف عن نشاطها لأطراف في الخارج. وينص العقد على ضرورة دفع مبلغ 30 ألف دولار مقابل شهرين من خدمات الاستشارات.وقال الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية محسن الدالي، في تونس أمس الأول، إن «وحدة أمنية باشرت البحث في مصدر الوثيقة وهويتها»، مبيناً أن النيابة العامة لديها علم بتعاقد «النهضة» مع جماعة ضغط سياسي. ونفت النهضة أي علاقة لها بالوثيقة. وقالت إنها «لم توقع، لا عن طريق ممثلها القانوني ولا عن طريق أي من مؤسساتها أو قياداتها أي عقد مع أي موسسة في الخارج».كما أكدت النهضة أنها «لم تقم بأي تحويلات مالية للخارج ولم تتلق أي تمويلات». ولا يمنع القانون التونسي هذا النوع من العقود، لكنه يحظر على الأحزاب الحصول على تمويلات من الخارج ويشدد المراقبة على التحويلات إلى الخارج.إلى ذلك، أبلغ سعيّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في اتصال هاتفي أمس، أنه سيعرض بسرعة خريطة الطريق الخاصة بالمرحلة المقلبة.وأكد ماكرون لسعيّد وقوفه إلى جانب تونس في هذه اللحظة الحاسمة لسيادتها وحريتها ويمكنها أن تعتمد على دعم فرنسا لمواجهة كل هذه التحديات، معرباً عن رغبته في أن تتمكن من الاستجابة السريعة للأزمة الاقتصادية والاجتماعية والصحية».وفي وقت سابق، أكد مستشار الرئاسة وليد الحجام، أن سعيّد بصدد وضع الخطوط العريضة لخريطة طريق للخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، موضحاً أنه استقبل محافظ البنك المركزي مروان العباسي بصفته للاطلاع على الأوضاع المالية وليس لترشيحه لرئاسة الحكومة.واستكمالاً لعاصفة الإقالات والتوقيفات، أصدر وزير الداخلية خالد اليحياوي قرارات قضت بوضع وزراء سابقين وقضاة وشخصيات عمومية تحوم حولها شبهات فساد أو تجاوز للسلطة تحت الإقامة الجبرية، من بينها اثنان من أكبر المسؤولين عن قطاع القضاء منذ نحو عشرين عاماً، الطيب راشد والبشير العكرمي، والوزير السابق للنقل وتكنولوجيا الاتصال القيادي في حزب «النهضة» أنور معروف، والوزير السابق للبيئة والجماعات المحلية قبل انتخابات 2019 رياض المؤخر.وأضعفت قرارات سعيّد بتجميد أعمال البرلمان حركة النهضة، وفقاً لخبراء يرون أن حزبها برئاسة راشد الغنوشي أمام امتحان جديد من أجل ضمان استمراريته في المشهد.وظهرت دلائل قوية في السنوات الأخيرة على أزمة داخلية، بينها استقالات قيادات مؤسسة من الحركة رافضة بقاء الغنوشي على رأس الحزب منذ 40 سنة.ومع إعلان سعيّد قراراته الاستثنائية، خرج الخلاف الداخلي في الحزب للعلن، وتجلى في استقالات جديدة ومواقف رافضة لخيارات الحزب السياسية.