بعد أقل من 24 ساعة من استيلاء مقاتليها على أول عاصمة إقليم منذ إعلان الانسحاب الأميركي من أفغانستان، واصلت حركة «طالبان» أمس، تمدّدها، وسيطرت على ثاني عاصمة ولاية، في وقت تحاول القوات الحكومية جاهدة حماية سلسلة مدن أخرى من السقوط في أيدي الحركة.

وقال قادر ماليا نائب حاكم ولاية جوزجان الشمالية الحدودية مع تركمانستان، «للأسف، سيطرت طالبان على العاصمة شبرغان»، مضيفاً أن «القوات الحكومية والمسؤولين تراجعوا إلى المطار».

Ad

ويتحدّر أمير الحرب السابق المارشال عبدالرشيد دستم، الذي عاد إلى أفغانستان الأسبوع الجاري بعد تلقيه العلاج في تركيا، من شبرغان.

وقال عضو مجلس الإقليم، بسم الله سهل، إن مقاتلي «طالبان» استولوا على مبانٍ رئيسية، مثل مكتب الحاكم ومقر الشرطة والسجن المركزي بالمدينة.

وأصدرت الحركة المتطرّفة مقطع فيديو، أمس، يظهر فرار السجناء من سجن جوزجان.

وقال المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد، إن «مدينة شبرغان، العاصمة الاستراتيجية لجوزجان، تم تحريرها من قبل المجاهدين في إطار عمليات الفتح».

وإذا بقي معقل دستم في أيدي «طالبان»، سيكون ذلك بمنزلة نكسة أخرى للحكومة التي دعت أخيراً أمراء الحرب السابقين والميليشيات المختلفة إلى محاولة وقف تقدم المتمردين.

عاصمة نيمروز

وأمس الأول، سقطت زرنج عاصمة ولاية نمروز الصحراوية بجنوب غربي البلاد على الحدود الإيرانية في أيدي طالبان «من دون قتال»، وفق نائب حاكم الولاية، فكانت بذلك أول عاصمة ولاية تنجح الحركة في السيطرة عليها.

وفي حين أن السيطرة على زرنج ليس ذات أهمية استراتيجية كبرى، فإن استسلام القوات الأفغانية يمثل إشارة مقلقة للبلدات المعزولة الأخرى.

وأعلن ذبيح الله مجاهد في تغريدة، «خلال عملية الفتح الجهادية، أصبحت ولاية نمروز أول محافظة يسيطر عليها المجاهدون». وأضاف «تم اليوم وسط المحافظة إبراء ذمة المسؤول الإقليمي وقائد الشرطة ودائرة المخابرات وكافة منتسبيها من العدو المرتزق»، مؤكداً خضوعها للسيطرة الكاملة للحركة.

وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، تشير الرسائل التي تنشرها «طالبان» إلى ترحيب حار من المدنيين في زرنج، المدينة التي تنتشر فيها الجرائم.

وتظهر هذه المنشورات عناصر «طالبان» وهم يلوحون بأعلامهم على متن مركبات عسكرية فيما يهتف شبان وصبية لهم.

وأطلق المتمردون سراح جميع السجناء في زرنج.

كذلك، يظهر مقطع فيديو نشر على «تويتر»، حشوداً تنهب المراكز الحكومية وتسرق المكاتب والكراسي وأجهزة التلفزيون.

اغتيال مينابال

وبعد أيام من تحذيرها بأنها ستستهدف كبار المسؤولين رداً على القصف الجوي المكثّف ضد عناصرها، أعلنت وزارة الداخلية الأفغانية أن «طالبان» اغتالت رئيس قسم الإعلام التابع للحكومة في كابول.

وقال الناطق باسم وزارة الداخلية ميرويس ستانكزاي في معرض حديثه عن مقتل داوا خان مينابال «للأسف، ارتكب الإرهابيون المتوحشون عملاً جباناً آخر وقتلوا أفغانياً وطنياً».

وأعلنت «طالبان» مسؤوليتها عن قتله إذ أرسل الناطق باسمها ذبيح الله مجاهد رسالة إلى وسائل الإعلام جاء فيها أن مينابال، «قُتل في هجوم خاص نفّذه المجاهدون».

وفي واشنطن، قالت الناطقة باسم البيت الأبيض جين ساكي للصحافيين، «إن حركة طالبان أعلنت مسؤوليتها عن اغتيال مينابال، ولا يوجد سبب للشك في صحة التقارير حول مسؤوليتها عن ذلك»، موضحة أن «هناك تقارير موثوقة أيضاً عن فظائع وانتقام ضد المدنيين في مناطق أخرى تسيطر عليها طالبان».

وأكدت ساكي «اننا بالطبع نتابع عن كثب كل تلك الأنباء ونقلق بشأنها» مشددة على أن «وجهة نظرنا هي أنه إذا ادعت حركة طالبان أنها تريد الشرعية الدولية، فإن هذه الأفعال لن تكسبها الشرعية التي تسعى إليها».

وحذّر المتمرّدون الأربعاء الماضي، من أنهم يستعدون لاستهداف قادة الحكومة، بعد يوم من نجاة وزير الدفاع من محاولة اغتيال.

وانتقلت الحرب إلى العاصمة للمرة الأولى منذ أشهر مع الهجوم الذي استهدف وزير الدفاع بسم الله محمدي الثلاثاء الماضي.

وأمام استمرار المعارك وتقدم «طالبان» في العديد من الجبهات، طالبت الولايات المتحدة وبريطانيا رعاياهما بمغادرة أفغانستان فوراً.

وقالت السفارة الأميركية في كابول، إنها تحضّ رعاياها على مغادرة أفغانستان باستخدام الرحلات الجوية التجارية المتاحة نظراً للظروف الأمنية وانخفاض عدد الموظفين.

من جهتها، نصحت وزارة الخارجية البريطانية رعاياها في أفغانستان بمغادرة البلاد بسبب تدهور الوضع الأمني.

وأمس الأول، اجتمع رؤساء تركمانستان وكازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان وقرغيزستان في آسيا الوسطى، في تركمانستان في قمة هيمنت عليها المخاوف من تقدم «طالبان» والفوضى في أفغانستان المجاورة.

وتشكل القمة مثالاً نادراً عن الدبلوماسية المشتركة بين الدول الخمس، بمعزل عن أي إشراف من قوى أجنبية كروسيا أو الصين أو الولايات المتحدة.

وعُقدت القمة أيضاً، فيما تجري روسيا، التي ترى آسيا الوسطى جزءاً من دائرة نفوذها وتُعدّ أبرز موردي الأسلحة إليها، مناورات عسكرية مشتركة مع طاجيكستان وأوزبكستان على الحدود الأفغانية.