«طالبان» تضيِّق الخناق شمالاً وتسيطر على عواصم جديدة

B 52 أميركية تقتل 200 متمرّد... والحركة تشنّ حملة لاغتيال الطيارين الحربيين الأفغان

نشر في 09-08-2021
آخر تحديث 09-08-2021 | 00:00
سليمة مزاري حاكمة منطقة تشاركينت في ولاية بلخ برفقة أفراد الأمن على الخطوط الأمامية مع «طالبان» (ا ف ب)
سليمة مزاري حاكمة منطقة تشاركينت في ولاية بلخ برفقة أفراد الأمن على الخطوط الأمامية مع «طالبان» (ا ف ب)
واصلت حركة «طالبان» تقدمها الميداني في صراعها مع القوات الحكومية، فغنمت خامس عاصمة ولاية خلال 3 أيام، بعدما أعلنت سيطرتها على مدينتي قندوز وساري بول، عاصمتي الولايتين اللتين تحملان الاسم نفسه والواقعتين شمال أفغانستان، في وقت سقط 200 مقاتل للحركة المتطرفة بغارات شنّتها طائرات أميركية.
ضيّقت "طالبان" الخناق، أمس، على شمال أفغانستان، إذ سيطرت على عواصم 3 ولايات إضافية، في وقت تنقل معركتها إلى المدن، بعدما انتزعت معظم مناطق الريف في الأشهر الأخيرة.

وسيطر المتمرّدون على ما يصل إلى 5 عواصم ولايات منذ الجمعة، في هجوم سريع يبدو أنه شكّل ضغطاً كبيراً على القوات الحكومية.

وأكد نواب وسكان أن مدن تخار قندوز وساري بول في الشمال سقطت خلال ساعات أمس، بعد معارك شرسة.

طالقان

وسيطرت "طالبان" على السجن المركزي في مدينة تخار عاصمة إقليم طالقان شمال أفغانستان وحررت جميع السجناء، حسبما أفاد عزام افضلي، سكرتير مجلس الإقليم.

وذكر مصدر أمني آخر، أن "طالبان سيطرت على معظم المناطق بطالقان".

وأضاف: "انسحبت جميع قوات الأمن إلى مكتب مديرية الأمن الوطني ومركز قيادة الشرطة، ومناطق أخرى تحت سيطرة طالبان".

ومن جهة أخرى، ذكر المتحدث باسم "طالبان"، ذبيح الله مجاهد، أن الحركة تسيطر على معظم المناطق في طالقان، ولم يتبق سوى عدد قليل من المباني الحكومية.

ساري بول وقندوز

وفي حين أعلن محمد حسين مجاهد زاده عضو مجلس ولاية ساري بول، أن "كل الأجزاء الأخرى للمدينة أصبحت تحت سيطرة طالبان"، أكد عضو مجلس الإقليم في قندوز، عمرو الدين والي، أن "طالبان سيطرت على جميع المنشآت الحكومية الرئيسية بالمدينة باستثناء فيلق الجيش والمطار".

وقال والي، إن "مسلحي الحركة أطلقوا كل من كانوا في السجن المركزي في قندوز، وبينهم مقاتلون من الحركة"، مشيراً إلى أن ذلك "ربما يأتي تطبيقاً لسياسة العفو العام التي أعلنتها طالبان السبت".

«طالبان»

من جهته، أكد ذبيح الله مجاهد، الناطق باسم الحركة، في بيان، أنه "بعد قتال شرس وضربات متكررة وحاسمة سيطر المجاهدون، بفضل الله، على عاصمة ولاية قندوز، بما في ذلك مكتب حاكم الولاية، والسجن المركزي ومبنى الاستخبارات ومقار أمنية أخرى بالمدينة"، التي ظلت الحركة تحاصرها على مدار أسابيع.

وأضاف مجاهد: "سيطر المجاهدون أيضاً على مدينة ساري بول بما في ذلك المباني الحكومية وكل المنشآت فيها".

وقال إن مسلّحي الحركة اقتحموا أيضاً طالقان، مركز ولاية تخار القريبة، وسيطروا على مناطق واسعة فيها مثل بوابة أوتي والحي السادس ومنطقة القوزاق.

كما قال، إن طائرة أميركية من طراز (B 52) استهدفت، مساء السبت، مدرسة في مدينة لشكركاه بولاية هلمند، ما أدى إلى مقتل وإصابة مدنيين ومسلحين من الحركة.

وتعد قندوز أهم مكسب تحققه "طالبان" منذ أطلقت هجوماً في مايو مع بدء القوات الأجنبية آخر مراحل انسحابها من البلاد.

ودائماً كانت هدفاً بالنسبة لـ"طالبان" التي اجتاح مقاتلوها المدينة في 2015 ومرة أخرى في 2016، لكن من دون أن ينجحوا يوما في السيطرة عليها مدة طويلة.

وأكدت وزارة الدفاع أن القوات الحكومية تقاتل لاستعادة المنشآت الرئيسية.

وذكرت، في بيان، أن "قوات خاصة أطلقت عملية تطهير. تم تطهير بعض المناطق بما في ذلك مباني الإذاعة والتلفزيون الوطنيين من عناصر طالبان الإرهابيين".

ومن شأن عدم تمكن كابول من السيطرة على شمال البلاد أن يؤثر على قدرة الحكومة على الحكم على الأمد الطويل.

ودائماً اعتبر شمال أفغانستان معقلاً مناهضاً لـ"طالبان" شهد مقاومة كانت الأشد لحكم الحركة في تسعينيات القرن الماضي.

وأمس الأول، سيطرت "طالبان" على أول عاصمة ولاية هي زرنج في نيمروز بالجنوب، عند الحدود مع إيران، وانتزعت في اليوم التالي شبرغان في ولاية جوزجان الشمالية عند الحدود مع تركمانستان.

وأفادت تقارير عن وقوع معارك على أطراف هيرات في الغرب ولشكركاه وقندهار في الجنوب.

دعم أميركي

وشكّلت وتيرة التقدّم الذي حققته "طالبان" مفاجأة للقوات الحكومية، الذين تلقوا دفعة إلى الأمام في وقت متأخر، أمس الأول، بعدما قصفت مقاتلات أميركية مواقع الحركة في شبرغان.

وقالت الناطقة باسم القيادة المركزية ماجور نيكول فيرارا، إن "القوات الأميركية نفّذت ضربات جوية عدة دفاعاً عن شركائنا الأفغان في الأيام الأخيرة".

وفي وقت سابق، أفادت قناة "طلوع نيوز" الأفغانية وصحيفة "دايلي ميل" البريطانية، بأن الرئيس الأميركي جو بايدن أمر باستهداف مواقع لـ"طالبان" من أجل وقف تقدم الحركة شمال البلاد.

وفي السياق نفسه، أعلن الناطق باسم وزارة الدفاع الأفغانية فؤاد أمان، أن طائرة أميركية من طراز (B 52)، وطائرات حربية طراز "إيه سي 130 سبكتر" استهدفت تجمعا لمسلحي "طالبان" في شبرغان، وقتلت 200 من مسلحي الحركة.

وقال المتحدث الآخر باسم "طالبان"، قاري يوسف أحمدي، أمس، إن "طالبان ستنتقم من الغارات الجوية الأميركية "بكل ما أوتيت من قوة"، مضيفا أن أميركا استهدفت بنية تحتية مدنية مثل المستشفيات والمدارس.

قندهار

وفي تطورات ميدانية أخرى، أعلن أمان أن القوات الحكومية بدأت عملية عسكرية بولايتي قندهار وهلمند، موضحا أن تعزيزات عسكرية جديدة وصلت إلى مطار قندهار لمساندة القوات الموجودة جنوب البلاد.

بدوره، ذكر مصدر أمني حكومي أن مدرج مطار قندهار تعرض أمس، لقصف بالصواريخ، مما استدعى إلغاء جميع الرحلات إلى الولاية.

تصفية للطيارين

في غضون ذلك، أعلنت "طالبان" أنها تشنّ حملة استهداف وتصفية للطيارين الحربيين الأفغان الذين تلقوا تدريبا أميركيا، وقد قتل أمس الأول، ثامن طيار على الأقل بقنبلة زرعت في سيارته انفجرت بأحد أحياء العاصمة كابول.

وأعلن قائد سلاح الجو الأفغاني، عبدالفتاح إسحقزاي، أن الطيار حميد الله عظيمي، كان مدربا على قيادة المروحية الأميركية "يو إتش 60 بلاك هوك" وكان يعمل في سلاح الجو منذ 4 سنوات، وأضاف أن عظيمي انتقل إلى كابول مع أسرته قبل عام، تفادياً لتهديدات أمنية.

وقال مجاهد، في بيان، إن "طالبان" نفذت الهجوم.

ويعتقد مسؤولون أميركيون وأفغان أن استهداف "طالبان" للطيارين يهدف للقضاء على الطيارين الحربيين الذين دربتهم أميركا وحلف شمال الأطلسي "ناتو". وتريد الحركة، التي لا تملك سلاحا جويا، تحقيق المساواة مع القوات الحكومية الأفغانية.

السفارة الأميركية

من ناحيتها، طالبت السفارة الأميركية في كابول الحركة بوقف إطلاق النار في أفغانستان الآن والانتظام في عملية السلام.

وأضافت: "إذا ادّعت طالبان أنها تريد الشرعية الدولية فإن الهجمات المستمرة لن تجعلها تحصل عليها".

واشنطن تدعو «طالبان» إلى وقف هجماتها والانتظام في عملية السلام
back to top