رجعنا على الطير يلي، الجرائد تضج بأخبار الخيبة الحكومية عن أكبر عجز "فعلي" في تاريخ الكويت، المصاريف ضعف الإيرادات تقريباً، الباب الأول "الرواتب والأجور" يستهلك 70 في المئة من المصروفات، أوكي، ماذا يمكننا أن نصنع نحن- الناس أهل الطبقة الوسطى- فحالنا من حال المليونيرية مع اختلاف الدرجة مع هذه الأخبار "الحكومية"، الكل يرضع من ثدي الدولة ذاته بالحلال أو بالحرام، بالرواتب والأجور أو بما ينفق من هذه الرواتب على الاستهلاك الإنساني الذي يدخل كله في جيب التاجر المورد والمحتكر!

نحن لم نفتح الباب الأول على مصراعيه، وخنقنا في الوقت ذاته القطاع الخاص المنتج وليس الاستهلاكي أو المشترك لتوفير فرص العمل، نحن لم نوزع الكوادر المالية العالية على كل منْ هبّ ودبّ بغرض شراء الولاءات، ونحن لم نغسل شيئاً غير ملابسنا، فلم نغسل الأموال أو ننظف النعال، ولم نسهل أمور الفساد واستغلال المنصب العام للإثراء غير المشروع، ونحن لم نخلق بيروقراطية تافهة مستبدة تقول ناقصك ورقة، واذهب لرئيس القسم، وثبت تطبيق "مسافر" مع اللعنة، ونحن لم نغلق أبواب الاستثمار الأجنبي بالدولة عبر ثقافة الحلال والحرام، وقوانين ولوائح إشكالية معقدة تسد النفس.

Ad

هؤلاء أنتم الذين في السلطة، أنتم الثابتين على كراسيكم مَنْ خلَق كل ما سبق، ماذا يمكننا أن نفعل الآن؟ أخبار العجز المرعب وتنزيل التصنيف المالي للدولة، هذه الأخبار التي سُطرت بالصحف أتت منكم صراحة. أخبار تستنجد بالناس من الوضع الاقتصادي المتردي، وتقول في النهاية إنهم في السلطة الحاكمة "متوهقين" لا يستطيعون الاقتراض، ولا تسييل أصول الأجيال، وتريدون منا التفهم والعطف لنقبل بعد الاقتراض فرض بعض الضرائب لتخفيف العجز قبل الإفلاس.

من قال لكم لا وممنوع؟ على سبيل المثال لا الحصر، افرضوا الضرائب التصاعدية حسب مداخيل المـؤسسات والأفراد وفقاً لقاعدة الغنم بالغرم، وارفعوا الدعوم عمن ليست له حاجة إليها، أو ادفعوها نقداً لأصحاب الدخول المتوسطة والبسيطة، أصلحوا الاقتصاد، وافتحوا الديرة للاستثمار وتوفير فرص العمل للشباب وزرع الفرح في قلوبهم، بعد عقود الملل والكآبة وقصر "الوناسة" على مَن يحط قدميه بأرض غير هذه الأرض الملتهبة بحرها وثقل دمها.

أغلبية النواب ستقف ضدكم، هكذا تروجون المسألة، حلوا هذا المجلس وكل مجلس يقف ضد الإصلاح الحقيقي لا الشكلي الذي يتحمله البسطاء، وإذا عاد النواب ذاتهم فحلوا المجلس مرة ثانية وثالثة، ولا يكون المجلس "عثتكم" لإنقاذ الاقتصاد، فلستم بلداً ديموقراطياً، ولم تكونوا يوماً ديموقراطيين، وليس دستوركم المخترق ألف مرة منكم ديموقراطياً، فلماذا الضحك على الذقون؟!

كل ما سبق ممكن نظرياً متى وجدت إرادة الإصلاح، وقبلها العقول المنفتحة والضمائر الحرة التي تحترم المال العام، هذا ممكن لكن معكم غير ممكن، فسيفوه منتشر كوباء سرطاني في جسد الدولة... حسافة.

حسن العيسى