بدأ اعتباراً من الإثنين في فرنسا العمل بالتصريح الصحّي الذي سيصبح جزءاً من الحياة اليومية للسكان على الرغم من اعتراض الشارع، بعدما صادق عليه المجلس الدستوري للحد من انتشار فيروس كورونا.وسيتعيّن على الفرنسيين أن يُبرزوا هذه الوثيقة في كلّ مكان، من الحانات والمطاعم ودور السينما والمسارح إلى المستشفيات وقطارات المسافات الطويلة.. وحتّى إذا أرادوا شرب القهوة على شرفة أيّ مقهى.
وأعلنت الحكومة أنّه سيكون هناك أسبوع من التساهل والاستعداد، ليُتاح لأصحاب المؤسّسات الاعتياد على الوثيقة الجديدة المتمثّلة برمز الاستجابة السريعة «كيو آر».
تفهّم
في مقهى سان ميشال في بوردو في جنوب غرب البلاد، رفض المسؤول ستيفان لاتور استقبال امرأة شابة هي زبونة اعتيادية لانها لم تتلق بعد الجرعة الثانية من لقاحها وحاول تهدئتها، وقال «باستثناء البعض، الناس يتفهمون، إذا لم يكن التصريح في حوزتهم، يطلبون القهوة ويحملونها معهم».وعلى مسافة غير بعيدة، أعربت النادلة ماتيلد كوتو عن قلقها قائلة «نخسر زبائن، وحتى ظهر اليوم ليس لدينا أي حجز في حين أن المكان يمتلىء عادة بالرواد».وأقرّ المتحدّث باسم الحكومة غابريال اتال بأنّه «إجراء ملزم إضافي»، لكنّ الحكومة تعتبره ضرورياً بينما يستمرّ الوضع الصحّي في التدهور.مزيد من الإجراءات
وقالت إدارة الصحة العامة الفرنسية إن وحدات العناية المركزة استقبلت 1510 مصابين السبت مقابل 1099 قبل أسبوع، وارتفع عدد الحالات التي تتطلب الدخول للمستشفيات إلى 8425 مقابل 8368 الجمعة.وصرح وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران إنّ «التصريح الصحّي والتقدّم في التطعيم يفترض أن يسمحا لنا بتجنب مزيد من إجراءات حظر التجول والإغلاق».وتُقدم العديد من النصوص والمراسيم والأوامر التي نُشرت الأحد في الجريدة الرسمية، تفاصيل عَمَليّة بشأن استخدام التصريح.وليكون صالحاً، يجب أن يثبت التصريح الصحي الذي أصبح مطلوباً في بلدان أوروبية عدّة، أن عمليّة التطعيم استكملت أو أن حامله أصيب بالفيروس وشفي منه أو خضع لفحص قبل «أقل من 72 ساعة» أثبت عدم إصابته بالمرض.ولن يكون تصريح الأمان الصحي هذا مطلوباً لدى زيارة طبيب صحة عامة، لكنه سيكون إلزامياً للتوجه إلى المستشفى «شرط ألا يشكل في أي حال من الأحوال عائقاً أمام الحصول على رعاية ضرورية وعاجلة»، حسب ما أوضح فيران.التدابير الجديدة
في مستشفى جورج بامبيدو الأوروبي في باريس، حصلت مشادة صباحاً مع زائر لم يكن يحمل التصريح.وصرخ السبعيني برنار فرنسوا من خلف الحاجز الأمني بعدما عجز عن مرافقة زوجته نيكول المصابة بالسرطان لاجراء صورة شعاعية، «هذا الأمر يثير اشمئزازي، سأشعر بالعار لو كنت مكانكم».وتدخل هذه التدابير الجديدة حيز التنفيذ، بينما شهدت فرنسا السبت، خلال عطلة نهاية الأسبوع الرابعة على التوالي، مزيداً من التعبئة ضد التصريح الصحي والتطعيم الإجباري لمقدمي الرعاية الصحية.وذكرت وزارة الداخلية أن نحو 237 ألف شخص خرجوا في مسيرة سلمية، بينهم 17 ألفاً في باريس.ويعترض جزء كبير من المتظاهرين على فرض إبراز التصريح الصحي معتبرين أنه محاولة «مُقَنّعة» لإجبارهم على تلقي التطعيم، وهم يشعرون بالقلق خصوصاً من إمكان أن يُعلّق صاحب أي مؤسسة عمل موظف ليس بحوزته تصريح أمان.أما الحكومة فتشدد باستمرار على أن عدد الذين تلقوا اللقاح يفوق بكثير عدد المتظاهرين.وقال وزير الصحة الفرنسي إن وجه فرنسا التي تقاتل هو وجه ملايين الفرنسيين الذين احترموا تدابير التباعد واهتموا بأحبائهم وتلقوا اللقاح، وأضاف «هؤلاء نتحدث عنهم للأسف بدرجة أقل من الحشد المناهض للتطعيم والعلوم والدولة».وتابع «أنا على استعداد لسماع المخاوف وأن أفعل كل شيء لطمأنة القلقين ولكن في لحظة ما أقول كفى».وحتى السبت كان 44,6 مليون شخص (66,2 بالمئة من السكان) تلقوا جرعة واحدة على الأقل من اللقاح و37 مليوناً (55,1 بالمئة) استكملوا اللقاح.وتريد السلطة التنفيذية الواثقة من أنها ستحقق الهدف المتمثل بتطعيم خمسين بالمئة من السكان بجرعة أولى بحلول نهاية أغسطس، وتؤكد مصادر فيها أن خطاب إيمانويل ماكرون في 12 يوليو أعطى دفعاً للحملة.فمنذ ذلك الحين تم تحديد أكثر من 6,8 ملايين موعد لجرعة أولى، كما تؤكد مصادر قريبة منه.وخلال الأسبوع الجاري نشر رئيس الدولة 12 مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تمت مشاهدتها أكثر من 60 مليون مرة، للإجابة على أسئلة الفرنسيين ودعوتهم إلى تلقي لقاح ضد كورونا.