اعتماد العالم على «المتجددة» حماية للاقتصادات من الصدمات الخارجية المتعلقة بأمن الطاقة
التركيز على قضية تغير المناخ، لا يزال متواصلاً جراء الانبعاثات المتأتية من احتراق أنواع الوقود الأحفوري، ورغم وجود الكثير من العوامل المهمة الأخرى التي تساهم في هذا الأمر، ومن أجل الحد من هذه الظاهرة، فقد بات من الضروري، بل من الأهمية بمكان، أن تعمل جميع دول العالم للتخلص من محروقات الكربون. وبالنظر إلى الاهتمام بأنواع الطاقة المتجددة، فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى التخلص من تلوث الهواء، وتوفير فرص عمل كثيرة، علاوة على أن تكنولوجيات الطاقة المتجددة تكاد تقتصر على استخدام الموارد الذاتية المتوفرة في كل بلدان العالم، مما قد يساهم في حماية اقتصادات بلدان العالم من الصدمات الخارجية، فيما يتعلّق بأمن الطاقة. وإذا كانت هناك حواجز تحول دون المضى قدماً في الاعتماد بشكل واسع على هذه الطاقة النظيفة، فإن الأمر ربما يتعلق بنقص الأطر التنظيمية التي أدت إلى نقص المعلومات عن فوائد الطاقة المتجددة لاستيعاب أهميتها لتوفير بيئة صحية، فضلاً عن صعوبة الحصول على التمويلات اللازمة.
ورغم الصعوبات في الوصول إلى إتمام تطبيق الطاقة المتجددة سريعاً، فإن هناك تقارير تظهر أن حجم الاستثمارات في مجال تحول الطاقة لخفض الانبعاثات الكربونية الضارة تجاوز عتبة الـ 500 مليار دولار خلال العام الماضي، للمرة الأولى، رغم تحديات جائحة كورونا، ليبلغ حجم الاستثمارات في هذا المجال الضعف بعد تسجيل حجم استثمار في عام 2010 بلغ 250 مليار دولار، مع تعهد الدول الأكبر اقتصادياً في العالم بالوصول إلى انبعاثات صفرية بحلول منتصف القرن الحالي.وبالنظر إلى الحواجز التقنية التي من الممكن أن تحول دون تزايد تكامل الموارد المتجددة المختلفة، ومنها، على سبيل المثال، الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، فإن تكاليف إدخالها للعمل بالشبكة قد تكون متواضعة . بيد أن الاحتياطي الإضافي اللازم لتلبية حالات التقلّب في الأحمال ومواجهة حالات الانقطاع وتوفير القدرة على الاستمرار عبر فترات زمنية أطول لأشعة الشمس المنخفضة أو الرياح يمكن أن تزيد من التكاليف الإجمالية للشبكة، لكن في الوقت نفسه فإن الفُرص المتاحة لخفض التكاليف في المعدات وفي إنشاء المشاريع ما زال بالإمكان استكشافها. ولعلنا بحاجة للحديث عن السبب فيما تكتسبه الطاقة المتجددة من أهمية كبيرة، فالعالم يواجه اليوم نقطة تحول غير مسبوقة إذ يمثل تغير المناخ تهديداً حقيقياً وداهماً للرخاء الذي يتمتع به الكثيرون اليوم وما تطمح إليه الملايين وتعمل من أجل تحقيقه مستقبلا.وقد يبدو أن التحدي الأساسي الذي يواجهه العالم الآن هو تنافسية المصادر المتجددة، ففيما توجد تباينات في تكاليف الإنشاء، ليس فقط بين البلدان بل داخل أي بلد منها، لكن بعضاً من هذه الاختلافات يرجع إلى مسائل هيكلية أو إلى قضايا تتصل تحديداً بمشروع بعينه، وإن كان الكثير من هذه القضايا يمكن التصدي له من خلال اتباع سياسات أفضل تعود بالنفع على الجميع وعلى الراغبين في التحول إلى بيئة أكثر أماناً.وأخيراً وليس آخراً، فإن جميع المهتمين بتلك الطاقة يشيرون إلى ضرورة اغتنام الفرصة التي تتيح التعجيل بانتشار المصادر المتجددة، بما يكفل تلبية الأهداف المشتركة، التي تتمثل في التوصل إلى قطاع للطاقة المستدامة بيئياً، ويتسم بأنه قطاع آمن وموثوق وميسور التكاليف، فضلاً عن تقليل الاعتماد على الطاقة التقليدية المعتمدة على الوقود الأحفوري.