ما أهمية كشمير؟
يصادف هذا العام مرور سنتين منذ أن عمدت الهند إلى تجريد إقليم جامو وكشمير المحتلّ من مكانته الخاصة بطريقة أحادية الجانب وغير قانونية، فقد أثبت هذان العامان أن سكان كشمير لا يزالون تحت احتلال عسكري وحشي، لكن رغم استمرار الاحتلال منذ سبعة عقود وحرمان السكان من حقهم بتقرير مصيرهم، يتابع الكشميريون المطالبة بحق اختيار مستقبلهم، ولم تُضعف حملات القمع الوحشي والأعمال العدائية قوة تصميمهم يوماً.تُجمِع باكستان وشعبها على دعم كشمير بقوة وصدق ولطالما أيّد هذا البلد إيجاد حل سلمي لنزاع كشمير، بما يتماشى مع طموحات الشعب ومبادئ قرارات مجلس الأمن، ورغم التلقبات المتواصلة في السياسة العالمية، التزمت باكستان دوماً بهذه القضية وستبقى ملتزمة بها إلى أن يحصل سكان كشمير على حق تقرير مصيرهم ويكسبوا حريتهم.تتابع الحكومة التحرك لتسليط الضوء على قضية كشمير وإصرار الهند على انتهاك حقوق الإنسان على الساحة العالمية، وللمرة الأولى منذ عقود، يناقش مجلس الأمن في الأمم المتحدة قضية كشمير، انتقد عدد كبير من القادة حول العالم وبعض الصحافيين الدوليين الهند بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان في إقليم جامو وكشمير المحتلّ.
بالإضافة إلى التغيّر الديموغرافي الحاصل، مررت الحكومة الهندية قانوناً لحصر نطاق استعمال اللغة الأردية التي كانت اللغة الرسمية في الإقليم في آخر 131 سنة، كذلك بدأت الأسماء المسلمة للأماكن العامة تتغير، في حين تستمر محاولات طمس هوية الكشميريين الفريدة من نوعها عبر تقليص تمثيل المسلمين من خلال الترسيم القسري.للسيطرة على المقاومة الواسعة التي يبديها الكشميريون ضد تلك التحركات الصارمة، حوّلت قوات الاحتلال الهندي إقليم جامو وكشمير المحتلّ إلى سجنٍ لا مثيل له في أنحاء العالم، واليوم ينتشر جندي هندي واحد مقابل كل ثمانية كشميريين، ولا يزال آلاف القادة السياسيين والمعلمين والناشطين والصحافيين والطلاب محتجزين في السجون الهندية بموجب قوانين تعسفية وبسبب تُهَم مفبركة. كذلك، تدهورت صحة بعض قادة تحالف «حرية» ويخاف أفراد عائلاتهم على سلامتهم. لقد أثبت حزب «بهاراتيا جاناتا» الهندي أن ميوله وتحركاته السياسية لا تُهدد هوية كشمير السياسية وإرثه التاريخي فحسب، بل إنها تطرح خطراً على السلام الإقليمي والنظام العالمي المبني على معايير الاختيار والحرية، وأصبحت الهند في عهد هذا الحزب أكثر رجعية وتسلطاً، فهي تسعى إلى تغيير الوضع القائم عبر استعمال القوة وإطلاق مغامرات عسكرية.لتحويل الأنظار عن الكارثة الإنسانية في إقليم جامو وكشمير المحتلّ بشكلٍ غير قانوني، أطلقت الهند جهوداً مكثفة للتشهير بباكستان دولياً عبر حملة دعائية واسعة تزامناً مع دعم الإرهاب ضدها، وكشفت منظمة DisinfoLab المرموقة في الاتحاد الأوروبي عن جهود خبيثة للتلاعب بنظام الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي عبر استعمال مجموعة مزيفة من المنظمات غير الحكومية ومواقع إخبارية كاذبة لمهاجمة باكستان. تطرح هذه التحركات أسئلة مهمة بالنسبة إلى باكستان والمنطقة ككل، فهل يمكن اعتبار الحكومة الهندية الراهنة لاعبة منطقية أم نظاماً تُحرّكه الأيديولوجيا ولا يمكن الوثوق به؟يُعتبر الصراع في كشمير مسألة محورية ولطالما حصل الإقليم على دعم شعبي ضد الاحتلال العسكري الهندي، فقد خسرت الهند العدائية، بسبب تحركاتها الأخيرة، الدعم الضئيل الذي كانت تحظى به في إقليم جامو وكشمير المحتلّ. لطالما أثبت الكشميريون شجاعتهم وقوتهم ومثابرتهم في وجه الظلم ووحشية الدولة، وسيقاومون الاحتلال الهندي إلى أن يكتسبوا حقوقهم السياسية التي يضمنها المجتمع الدولي بموجب قرارات مجلس الأمن.من المتوقع أن تتابع باكستان إيقاظ ضمير العالم بشأن محنة الكشميريين، ويجب أن تتذكر جميع الدول أنها تدين لشعب كشمير ولمبادئ الإنسانية بالسماح لسكان الإقليم بتقرير مستقبلهم، بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن، فيبقى إقليم كشمير إذاً وعداً غير مُحقّق على ضمير العالم... على أمل ألا يكون يوم تحرير شعب كشمير من نير الاحتلال الهندي بعيداً.* عارف ألفي