ميلادا هوراكوفا سياسية ومناضلة تشيكية، تم القبض عليها في عام 1940 وإرسالها إلى معسكر الاعتقال بتيريزين ثم إلى سجون مختلفة في ألمانيا أثناء الحكم النازي بسبب مقاومتها للاحتلال، وقد أطلق سراحها من السجن في عام 1945 عن طريق القوات الأميركية.

عقب تحرير تشيكوسلوفاكيا في عام 1945 عادت هوراكوفا إلى براغ لتنخرط في العمل السياسي بعد انضمامها إلى قيادة الحزب الاشتراكي الوطني التشيكوسلوفاكي، حيث نشطت في تعزيز دور المرأة في المجتمع، والمحافظة على المؤسسات الديموقراطية في تشيكوسلوفاكيا، لكنها قدمت استقالتها من البرلمان احتجاجاً على ممارسات الشيوعيين.

Ad

في سبتمبر 1949 أُلقي القبض عليها، واتُّهمت بأنها زعيمة مؤامرة مزعومة للإطاحة بالنظام الشيوعي، بإقامة اتصالات مع شخصيات سياسية تشيكوسلوفاكية في المنفى وتم الحكم عليها بالإعدام.

اللافت في قضية ميلادا هوراكوفا إيمانها وتمسكها بمبادئها الديموقراطية رغم حجم التعذيب الذي عانته أثناء فترة احتجازها وما سبقه من إغراءات قدمها الحزب الشيوعي الحاكم لو أنها استجابت لطلباته، لكنها ظلت صامدة مؤمنة بمبادئها وقضيتها العادلة.

من اللافت أيضاً تخلي المجتمع التشيكي عنها رغم ما قدمته من تضحيات كبيرة أثناء فترة مقاومة الاحتلال الغازي ودورها السياسي في البرلمان بسبب التضليل الذي مارسه الإعلام بأوامر من الحزب، وهو دلالة على أهمية الدور الإعلامي وتأثيره في توجيه الشارع متى ما تخلى عن مبادئه.

اللافت أيضا إن رسائل الاستعطاف التي وصلت إلى مكتب رئيس الوزراء كان منها البروفيسور ألبرت أينشتاين والذي كنت أظن أنه لا يتدخل بالشأن السياسي خوفا من التهم المعلبة التي توجه للنخب الأكاديمية بهدف إقصائهم عن أداء دورهم السياسي والاجتماعي تجاه مجتمعاتهم.

قصة السيدة المناضلة ميلادا هوراكوفا تقودنا إلى واقع بعض الناشطين السياسيين عندنا وكيفية تملصهم من مبادئهم والشعارات الزائفة التي يرفعونها قبل الوصول إلى الكرسي الأخضر بعد تزويدهم بالوقود عند أول محطة.

هذه السيدة وجدت من يخلد ذكرى مبادئها بعد أكثر من نصف قرن، لكن هل هناك من يخلد ذكرى نائب باع ناخبيه ومبادئه؟ وهل سيلقى التكريم المناسب من قبل ناخبيه في الانتخابات القادمة؟

ودمتم سالمين.

أ. د. فيصل الشريفي