في وقت ينتظر الطلبة حسم وزارة التربية الشهر الجاري قرارها النهائي بشأن خطة عودة الدراسة العام المقبل، بأحد 3 سيناريوهات، إما العودة لمقاعد المدارس أو "الدمج" أو "الأونلاين"، يقف أولياء الأمور متخوفين بين نار مخاطر "كورونا" في التعليم التقليدي ومساوئ "النظام الالكتروني". وأكد عدد من أولياء الأمور، في تحقيق أجرته "الجريدة"، أنهم يفضلون الخيار الأول رغم قلقهم على أبنائهم، في حين رفضه آخرون بداعي المحافظة على صحة أطفالهم، إلا أن جميعهم اتفقوا على أن نظام "الأونلاين" لا يسمن ولا يغني من جوع الأطفال إلى التعليم والتربية.
وقال أولياء الأمور إن المدرسة ليست مكاناً للتعلم فقط، بل البيت الثاني الذي تتشكل فيه شخصية الطالب حيث يكوّن من خلالها علاقات اجتماعية وصداقات، متمنين، بعد مرور 3 فصول دراسية من التعليم الالكتروني على مدار ما يقارب عاماً ونصف العام، عودة الدوام المدرسي، لاسيما أن الأطفال منذ الجائحة يمرون بأزمات نفسية ومن الضروري المحافظة على صحتهم.وشددوا على ضروة الاستعداد جيداً للعودة من جميع النواحي، النفسية والصحية والاجتماعية... وإلى التفاصيل:أكدت الكاتبة فلول الفيلكاوي، وهي ولية أمر طلاب، أنها تؤيد عودة الدوام المدرسي حفاظا على سلامة الاطفال النفسية، مع التشديد على تطبيق اشتراطات السلامة الصحية والوقائية، لما في ذلك من سعادة الطفل بعودة الحياة الطبيعية، وممارسة نشاط جماعي بعيداً عن الحجر والانغلاق في البيت.وأضافت الفيلكاوي أن الطفل بحاجة للتعارف والتجانس الاجتماعي لتكوين شخصية اجتماعية طبيعية غير منعزلة.ومن جهته، وصف أحمد الرفاعي، أحد أولياء الأمور، الدراسة عبر"الأونلاين" بأنها نظام فاشل لا يعتد به وإذا استمر فسينتج جيلاً غير متعلم وغير كفء، متمنياً عودة الدوام المدرسي، بوصفه ضرورة للطلاب لمساعدتهم على تكوين شخصيتهم.وأوضح الرفاعي أن التلقي المباشر للدروس تحت نظر المعلمين والمعلمات مختلف تماما عن التواصل عبر شاشات، وعلى هذا "فالعودة للدراسة ضرورة لا غنى عنها وإن كنا نخاف على أبنائنا"، داعيا إلى التقيد بالاشتراطات الصحية، والالتزام بالتباعد الاجتماعي ولبس الكمامات والتشديد عليها.وأضاف أنه إذا كان قرار الوزارة العودة الجزئية للدوام المدرسي "فنتمنى أن تخفف المواد، وألا يحدث دمج للدوام المدرسي والأونلاين حتى لا يتشتت الطلاب".
ضوابط واشتراطات
من جهتها، قالت هبة الله علي، ولية أمر إحدى طالبات المرحلة الابتدائية، إنه من الصعب وصف الحالة التي توصلنا لها من خلال الدراسة المنزلية عبر "الأونلاين"، حيث إن ابنتي في مرحلة التأسيس، ولكن نظرا للظروف التي فرضها علينا الوباء كانت دراستها في المنزل غير مثمرة نظرا لقلة التركيز والتشتيت وعدم التقيد بالضوابط التي تفرض على الطلاب مدرسيا وتنمي بداخلهم الانضباط والالتزام بالقواعد المدرسية.وأشارت علي إلى أن نظام التعليم الالكتروني أدى إلى تشتيت الطلاب وعدم ثبات المعلومات والربط بينهم، متمنية أن تفتح المدارس أبوابها للطلبة تحت الضوابط الصحية، "ومن الممكن أن يتم تقسيم أيام الأسبوع على المراحل الدراسية وحسب نسبة أعداد الطلاب في كل مرحلة".سلبيات وإيجابيات
في المقابل، عبرت إيمان سعد، ولية أمر طالبة في المرحلة الثانوية، عن قلقها من عودة المدارس مع استمرار وجود "كورونا"، مقرة بأن للدراسة الأونلاين سلبيات وإيجابيات، إذ من إيجابيتها تخفيف الازدحام الصباحي، بينما سلبياتها انتشار الغش وعدم تحمل المسؤولية، "ولكن تبقى سلامة أبنائنا أهم أولوياتنا وعلينا الالتزام بتعليمات وزارة الصحة".وأضافت سعد: "إذا أقرت عودة دوام الطلبة في المدارس فبالتأكيد سنلتزم بكل الاشتراطات، وسنحرص على تذكير أبنائنا دائما بأهمية التباعد ولبس الكمام"، مطالبة بأن تكون العودة إما بدوام كامل أو استمرار الدراسة أونلاين، "أما الدمج بين النظامين فسيربك الطلاب ويشتتهم".الوضع غير مطمئن
من جانبها، أكدت رندا سعدي، ولية أمر طالب في المرحلة الابتدائية، أنه لا يوجد منطق في خطة عودة الدوام المدرسي "فكيف سنأمن أن نرسل أبناءنا إلى المدارس بعد أن تم إغلاق الأنشطة الصيفية والنوادي وحتى السينما ممنوعة على الأطفال؟".وقالت سعدي إن "الوضع غير مطمئن، والحياة مازالت لم تعد لطبيعتها، فأنا ضد العودة حتى وإن كانت جزئية، فلا داعي للمغامرة بصحة أبنائنا"، لافتة إلى أن الدراسة عبر الأونلاين ليست بالسيئة رغم بعض العيوب، لكنها آمنة في الوقت الحالي على صحة وسلامة أبنائنا وسلامة المعلمين أيضا".أما كوثر العبسي، ولية أمر طالب في الابتدائية، فتمنت عودة الدوام المدرسي وحضور الطلاب لصفوفهم والتلقي المباشر من المعلم، ولكن يجب أن تكون العودة تحت ضوابط واشتراطات مشددة "وعلى الجميع الالتزام حتى نحافظ على سلامة الجميع سواء من الطلاب أو هيئة التدريس".وأضافت أن العودة ضرورية لاسيما أن "الأونلاين" بكل أسف لا فائدة منه، والطلاب لا يلتزمون به، وأضراره أكثر من نفعه بالنسبة للحصيلة العلمية والثقافية التي يتلقاها الطلاب.الحياة الطبيعية
وجاء رأي آمال العيدان، ولية أمر ومدرسة رياض أطفال، مؤيدا للعودة، إذ أكدت أنها مع عودة الدوام المدرسي مع الالتزام بالاحترازات والتباعد، "فمن الضروري أن يعود الطلاب لمقاعدهم الدراسية لتعود الحياة الطبيعية ونتابع أعمالنا، فالحياة ستستمر بطبيعة الحال، وعلينا التعامل مع أي وضع مختلف وجديد، ويكفي عامان مرا والطلاب محرومون من العودة إلى مدارسهم وفصولهم ومقاعدهم".وذكرت العيدان أن المدرسة ليست مكانا فقط بل بيت يشكل شخصية الطلاب ويمنحهم الكثير من الخبرات الحياتية في صور مصغرة ولا يجب أن نحرم أولادنا أكثر من ذلك من العودة لحياتهم الطبيعية، مؤكدة أن صحة وسلامة الطفل النفسية أيضا ضرورة ومنذ هذه الجائحة والأطفال والمراهقون يمرون بأزمات نفسية عدة نتيجة تواجدهم الدائم في المنزل وعدم وجود أنشطة ليمارسوها".منع انتشار العدوى
بدورها، قالت شيري عجلان إنه بعد أزمة "كورونا" تغيرت كثير من الأمور في حياة أطفالنا، ومنها بالتأكيد الدراسة من المنزل، مردفة أنه في حال عاد الدوام المدرسي، وهذا الذي اتمناه، فلن تكون الأحوال كما كانت في السابق، فإدارة المدرسة سيكون عليها أن تتخذ إجراءات صارمة لحماية صحة الجميع، كما يجب التشديد على أي طالب يشعر بارتفاع درجة حرارته أو يعاني من نزلة برد بالبقاء في المنزل وعدم حضوره للمدرسة منعا لانتشار العدوى. وأضافت: "بالطبع هنالك خوف عند الآباء والأمهات من فكرة عودة إرسال أبنائهم للمدرسة، ولكنها ضرورة لابد منها، ويجب الاستعداد لها جيدا من جميع النواحي سواء النفسية أو الصحية أو الاجتماعية".استياء من مقترح دوام الفترتين
سادت حالة من الاستياء وعدم الرضا والرفض لمقترح تقسيم الدوام المدرسي بين فترتين صباحية ومسائية، حيث قال عدد من أولياء الأمور لـ«الجريدة»، إن هذا المقترح يجب أن تتم دراسته من جميع الجوانب، متسائلين: «كيف للأم العاملة أن توفق بين عملها ودراسة أبنائها ومتابعتهم، خصوصا إذا كان لديها أبناء في مراحل تعليمية مختلفة؟!».وأضافوا «إننا نواجه مشاكل في إيصال الأبناء للمدرسة، إذ إن مواعيد العمل تقيدنا، وهناك ربات منازل ليس لديهن رخص قيادة، ولن توفر المدارس حافلات لنقل الطلبة، فكيف سيكون الوضع هكذا؟!».وتابعوا: «الاسرة التي بها أبناء في مراحل دراسية مختلفة كيف سيتم إيصال كل منهم إلى المدرسة وإرجاعه إلى المنزل في أوقات مختلفة، وكيف سيتدبر أولياء الأمور هذا؟»، مؤكدين أنهم ضد مع هذا المقترح ولا يؤيدون تنفيذه.في المقابل، رأى بعض أولياء الأمور إنه إذا كان هذا القرار سيطبق فمن الضروري تثبيت موعد دوام الطالب، إما صباحا أو مساء، «حتى نستطيع تدبر الوضع وتنظيم أوقاتنا، وإن كان هذا سيشكل صعوبة كبيرة بالنسبة لنا ولأبنائنا».كريم: مللت المنزل وأريد المدرسة
أكد طالب المرحلة الابتدائية كريم محمود أنه سيكون سعيدا جدا بعودة المدرسة، «وأنا في انتظار هذا الخبر، حيث مللنا التواجد في المنزل والدراسة عبر الأونلاين».وأضاف أن «التعليم الالكتروني في بداياته كان ممتعا، ولكن مع الوقت أصبح مملاً، وبرأيي العودة للمدرسة ستكون أفضل حل بالرغم من أن الفروض المنزلية ستكون أكثر»، مستطردا: «أعتقد أن عودتنا للمدرسة بعد هذا الغياب الطويل ستكون إيجابية».