إدارة بايدن ستعطي الصين ما تريده
تكلم الرئيس جو بايدن ومستشاروه عن التغلب على الصين في مناسبات كثيرة منذ بدء العهد الرئاسي الجديد في يناير، كان هذا الموقف مفاجئاً للكثيرين لأن عدداً كبيراً من الناس افترض أن بايدن سيرضخ لبكين، لكن حتى في مسألة تحديد أصل فيروس كورونا، رفض فريق بايدن دحض جميع الادعاءات القائلة إن الوباء يشتق من مختبر في ووهان، وبعد حصول هجوم إلكتروني حديث، أطلقت إدارة بايدن مساراً لم يكن يتصوره أحد في السابق بأن اتهمت الصين علناً بتنفيذ هجوم إلكتروني ضد شركة «مايكروسوفت»، حتى الرئيس السابق دونالد ترامب المعروف بعدائيته تجاه الصين لم يتخذ هذا النوع من المواقف.لكن كما يحصل في ملفات كثيرة داخل العالم السياسي اليوم، قد تكون المظاهر خادعة ونادراً ما تتحول المواقف والأفكار إلى واقع ملموس، فالرئيس بايدن مثلاً يريد أن يوحي بأنه صاحب القرار الأخير، لكنّ الوضع على أرض الواقع أكثر تعقيداً بكثير، نُشِرت تقارير عدة مفادها أن بايدن لا يوجّه إدارته بنفسه، بل تتعدد مراكز السلطة التي تتنافس في ما بينها في عدد من المسائل، منها سياسة واشنطن تجاه الصين أو سياسة الاحتباس الحراري.في ملف الصين، يصعب أن يفوّت بايدن فرصة ترك إرث مهم، لا سيما مع اقتراب دورة الانتخابات الرئاسية في عام 2024، إذ ستبرز الحاجة حينها إلى اتخاذ قرارات صعبة حول ترشّح بايدن لولاية رئاسية جديدة، علماً أنه سيبلغ في تلك المرحلة 82 عاماً، ومن المستبعد أن يترشّح مجدداً، لكنه قد يحاول ترسيخ إرثه بدل أن يبقى مجرّد رئيس ديمقراطي عابر بين عهدَي باراك أوباما وكامالا هاريس، فهو يستطيع تحقيق هذا الهدف عبر حث بكين وواشنطن على التعاون في مجال التغير المناخي.
من المتوقع أن يغيّر بايدن موقفه الصارم ظاهرياً تجاه الصين، إذ كان تكليف جون كيري، المسؤول المخضرم في واشنطن، بدور «قيصر المناخ» مبرراً، إذ يقال إن كيري يقيم في جناح من المكاتب في «فوغي بوتوم»، مقر وزارة الخارجية الأميركية الذي يديره تابعه السابق أنتوني بلينكن، علماً أن هذا الأخير يتفوق على كيري من الناحية التقنية، ومن الواضح أن الأجندة الحقيقية على المدى الطويل لا تقضي بالوقوف في وجه الصين أو جعلها تدفع ثمن أكاذيبها الواضحة بشأن طريقة تفشي فيروس كورونا في عام 2020. ستتابع إدارة بايدن على الأرجح اتخاذ مواقفها الصارمة من الصين حتى الفترة التي تلي الانتخابات النصفية في عام 2022، لكن بعد تلك المرحلة، من المتوقع أن تُغيّر الإدارة الأميركية مسارها وتتخلى عن موقفها العدائي من الصين وتتبنى موقفاً سلمياً لتحقيق الأهداف التي تسعى إليها منذ وقت طويل في مجال التغير المناخي.سيكون أي اتفاق مناخي مع الصين سطحياً وأحادي الجانب طبعاً، وستضطر الولايات المتحدة لتحمّل هذا العبء بنفسها، أما الصين فستحقق أهدافها من دون مواجهة أي مصاعب، لكن على الورق سيعقد بايدن بهذه الطريقة اتفاقاً بالغ الأهمية وسيتمكن من التقاعد بشكلٍ مُشرّف ثم يتذكره الناس باعتباره الرئيس الذي أنقذ البيئة، وفي غضون ذلك ستنجح الصين في التحول إلى القوة العظمى الطاغية في العالم، وسيصبح دور الولايات المتحدة كقوة من الدرجة الثانية في عالم تسيطر عليه الصين أمراً واقعاً.يجب ألا ينخدع أحد إذاً بما تفعله إدارة بايدن في الوقت الراهن، بل يُفترض أن يراقب الجميع لعبة التغير المناخي على المدى الطويل وصفقة التدمير الذاتي التي ستتبعها على الأرجح. * براندون وايكرت