تلقى الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي عرضاً أميركياً مغرياً، عبر وساطات أوروبية، لفك عقدة مفاوضات فيينا النووية المتوقفة منذ نحو 6 أسابيع، دون تحديد موعد لاستئناف جولتها السابعة.وكشف مصدر مقرب من رئيسي، لـ«الجريدة»، أن العرض يتضمن رفع وإلغاء جميع العقوبات المصرفية والتجارية المتفق عليها في الجولات الـ6 السابقة، والتي تعرقل إحياء الاتفاق النووي، ورفع اسم مكتب المرشد علي خامنئي و«الحرس الثوري» ورئيسي من لائحة العقوبات والإرهاب الأميركي.
وأشار إلى أن العرض يمكّن إيران من الوصول إلى أرصدتها المجمدة بالخارج والبالغة 150 مليار دولار، واستئناف تصدير بترولها رسمياً، وبالتالي تحقيق انتعاشة اقتصادية في مستهل ولاية رئيسي.وأضاف أن الأميركيين اشترطوا، في المقابل، أن توافق إيران على فتح مفاوضات بشأن «تهديداتها الإقليمية» وبرنامج تسلُّحها البالستي، والتزامها بشكل كامل بقيود الاتفاق النووي، والسماح لمفتشي منظمة الطاقة الذرية بدخول جميع المنشآت المشكوك في أمرها، والعودة إلى البروتوكول الإضافي لمعاهدة منع انتشار الأسلحة الذرية. وتضمن المقترح الأميركي تعليق العقوبات، التي فرضت بشكل مؤقت، لأجل غير مسمى، شريطة عودة المباحثات وتصرُّف إيران بشكل إيجابي. وفي حال وصول المفاوضات إلى نتيجة شاملة، فإن إدارة الرئيس جو بايدن ستقوم برفع كل العقوبات.
ونبه المصدر إلى أن الأميركيين مازالوا يصرون على «اتفاق شامل» يتضمن، إلى جانب البرنامج النووي، التسلح الصاروخي والنفوذ الإقليمي، ويطالبون بمفاوضات مباشرة مع الإيرانيين، وإنْ بشكل سري في بلد محايد، حتى يصل الجميع إلى نتيجة مرجوة، وبعدها تضمن إدارة بايدن تقديم المعاهدة الكاملة إلى «الكونغرس» لأخذ موافقته وتحصينه، كي لا يستطيع أي رئيس في المستقبل نسفه، على غرار انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاق الذي توصلت إليه إدارة سلفه باراك أوباما مع طهران عام 2015، وإعادته فرض العقوبات عليها عام 2018.وشدد على أن عقدة المفاوضات كانت ومازالت في إصرار إيران على ضرورة رفع العقوبات بشكل كامل، وضمانة عدم إعادتها، مع رفضها بحث برنامج تسلحها الدفاعي أو نفوذها الإقليمي بشكل منفصل عن باقي دول المنطقة، حيث تتمسك بطرح فكرة عقد مؤتمر للسلام تحت إشراف الأمم المتحدة، أو مفاوضات بينها وبين جيرانها بشكل منفصل لتحديد خطوط حمراء لجميع دول المنطقة وموازنة تسلح. وتجادل طهران بأنه لا يمكنها القبول بمفاوضات تسعى لتجريدها من قدراتها الدفاعية ونفوذها، في وقت يفتح الباب على مصراعيه لباقي دول المنطقة لتكديس ترسانتها الدفاعية وزيادة نفوذها.وبين المصدر أن إدارة رئيسي كانت شبه متأكدة من أن السعودية سترسل مندوباً يمثلها في مراسم حلفه اليمين، وأنه تم تحديد موعد لكي يستقبله الرئيس الجديد، إلا أنهم فوجئوا بعدم حضور أي شخصية، وأرجعوا الأمر إلى احتمال تعكير سلسلة الحوادث الغامضة، التي استهدفت السفن بخليج عمان أخيراً، للأجواء مما دفع الرياض لإلغاء مشاركتها.إلى ذلك، سلم وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، دعوة للرئيس الإيراني من رئيس حكومة العراق مصطفى الكاظمي لحضور «اجتماع قمة دول الجوار العراقي»، الذي تسعى بغداد لجعله منصة لتخفيف حدة التوتر بالمنطقة.وأفادت أوساط سياسية بأن الكاظمي، الذي لعب دوراً في وساطة صعبة أطلقت سلسلة اجتماعات بين الغريمين، يسعى مع قيادات سعودية وإيرانية لإقناعها باللقاء وإجراء محادثات ثنائية على هامش مؤتمر دول الجوار المقرر في بغداد نهاية أغسطس الحالي.