آيات المعتوق إحدى أصغر مرضى «كورونا» في الكويت تهزم المرض بروح التحدي والبراءة
بعد معاناة طويلة بالعناية المركزة
كأنما هو حلم طويل أو كابوس طال أمد معاناته عاشته الطفلة الكويتية آيات يوسف المعتوق ابنة الـ14 ربيعاً في العناية المركزة أثر إصابتها بفيروس «كورونا» لكنه وإن أدمى جسدها الغض لم ينل من عزيمتها مكللة ذلك بنصرها عليه بإرادة مفعمة بالمحبة والبراءة مطلقة العنان للجميع بنصيحة طفولية عميقة أن اهتموا بأنفسكم «ترى الصحة زينة».ولم يكن سهلاً تقبل ذلك الانطباع الأول من اللقاء مع آيات وهي على فراش المرض أو تحمل وطأة المرض اللعين على هذه الروح البريئة والجسد اليانع قبل أن تبدده هي بنفسها بتلك الابتسامة الساحرة معلنة فيه هزيمته ووضع تاج الصحة على رأسها والطمأنينة في قلوب أهلها والكادر الطبي في المستشفى وكل من عرف حكايتها.وأكثر ما في هذا المرض من بشاعة وأسى أنه لا يفرق بين كبير وصغير إذ كانت هناك رضيعة في الكويت مصابة بالفيروس في بداية ظهوره في البلاد وأيضاً تعتبر آيات إحدى أصغر المرضى بـ «كوفيد-19» لكنها رقدت في العناية المركزة حوالي الشهر إذ كانت مصابة بالفيروس المتحور «دلتا».
وتروي آيات لوكالة الأنباء الكويتية «كونا» كيف تسلل المرض إلى جسدها حيث بدأت رحلتها مع المعاناة بعد أن تأكدت إصابتها بفيروس «كورونا» نهاية شهر يونيو الماضي وعلى أثرها تم نقلها إلى مستشفى الصباح لتدخل العناية المركزة قرابة 30 يوماً حتى أنهكتها أجهزة التنفس الاصطناعي والأنابيب.وتلفت آيات إلى أول موقف حفر عميقاً في ذاكرتها في هذه الرحلة المريرة وتسبب بتحطيم نفسيتها متمثلاً لدى دخولها إلى المستشفى وعبور ممراته وهي على السرير وسط الأجهزة الموصولة حين لمحت مشهدا مؤثرا لبكاء أبناء أحد المرضى الذي فارق الحياة أثر إصابته بـ «كورونا» للتو وهي لم تدخل الجناح المعد للعلاج بعد.وتابعت بتأثر شديد «لقد سيطر الخوف علي وبت أرى كل شي أسود فأنا متعلقة جداً بأمي وأبي ولا أريد أن أموت ولا أن يحزنوا علي.. مكثت أياماً معدودة في مستشفى الصباح إلى أن تم نقلي إلى العناية المركزة في مستشفى الرازي لتبدأ رحلتي الحقيقية للعلاج ومن ثم في مستشفى جابر».وبكلمات معبرة بأسلوب طفولي توضح آيات أن وجودها في العناية المركزة كان مثل الحلم.. «كنت أعتقد أنني سافرت إلى الهند مع أبي لأنه وعدني بذلك قبل فترة ولم أكن بوعيي تماماً.. كان كل شي مثل الحلم.. الذي كنت أصحو منه من شدة الألم.. ألم الأجهزة الموصولة في جسدي والأنبوب الذي كان في فمي.. عانيت ضيق التنفس الشديد وعدم القدرة على مضغ الطعام ولم أستطع حتى شرب الماء». وبعد نقلها إلى مستشفى جابر أفادت بأن الاهتمام «الذي تلقيته هناك كان له عظيم الأثر في تحسن صحتي ونفسيتي لقد خصصوا لي ممرضة تقوم كلياً على رعايتي يومياً ولم تفارقني لحظة إلى جانب اخصائية للعلاج الطبيعي».وتوجهت الطفلة آيات بالشكر لكل الطاقم الطبي والتمريضي الذي أشرف عليها منذ بداية رحلتها العلاجية حتى الآن وهم الدكتور حسين المجادي من مستشفى الرازي وطاقم مستشفى جابر الدكتورة سارة بوعباس والدكتور عبدالله الفارس وعبدالله نعنوع والممرضة سارة جمال والاخصائية بتول علي.وتختم آيات حكايتها بالقول «هذه هي قصتي وأتمنى تكون عبرة لمن يعتبر اهتموا بأنفسكم ترى الصحة والله زينة أنا الحين أحسن الحمدلله بس الركب فيها ماي وعوار يبجي».من ناحيته، قال يوسف المعتوق والد الطفلة آيات إنه فوجئ بإصابة ابنته بفيروس «كورونا» لأنها صغيرة السن ودخلت المستشفى قبل إصابتها بـ «كوفيد-19» لارتفاع السكري فقط.ويحكي والد الطفلة كيف مرت رحلة علاج آيات بأيام عصيبة جداً «لم أكن أستطيع تقبل فكرة فقدان ابنتي لكن بفضل الله تعالى وجهود الطاقم الطبي والتمريضي المشرف عليها استعادت صحتها وتم نقلها إلى الجناح وسنحتفل بخروجها من المستشفى قريباً».من جهته، قال رئيس قسم العناية المركزة في مستشفى الرازي والمشرف على حالتها الصحية الدكتور حسين المجادي إن الطفلة آيات تعاني مرض السكري وكانت إصابتها بالفيروس شديدة وبدأت حالتها الصحية تتدهور والمشاكل التنفسية تظهر لديها بسرعة لأنها طفلة وبالتأكيد العامل النفسي كان له دور في انتكاسة حالتها الصحية لأن الأطفال إضافة لشعورهم بالتعب الجسدي يسبب لهم العامل النفسي الخوف والقلق المضاعف.وذكر المجادي أن الطفلة آيات تم نقلها لمستشفى جابر بعد التنسيق بين العناية المركزة فيه والعناية المركزة في مستشفى الرازي وتم اختيار التوقيت المناسب لأن حالتها الصحية دقيقة جداً وأي خطأ بالتوقيت كان ممكناً أن تكون نتائجه كارثية لذلك جاء قرار نقلها لتكون قريبة من جهاز «ECMO» في حال احتاجت له.وأضاف أن الطفلة آيات عانت كثيراً «لكنها فاجأتنا بإصرارها وقوة عزيمتها مما ساعدها في التماثل للشفاء علماً أن حالتها كانت حرجة جداً وكان والدها يأتي يوميا ليسأل عنها وكنت أحاول أن أطمئنه لكنها لم تكن مهمة سهلة لذا قررت أن أتواصل معه مباشرة عدة مرات في اليوم حتى يكون على علم بأدق التفاصيل إلى أن من الله عليها بالشفاء».