الحرامي الكبير لن يتحمل آثامك أيها الحرامي الصغير
أخبار الاحتيال في المؤسسات الحكومية لا تتوقف، فعلى سبيل المثال تلقت «نزاهة» بلاغا يفيد بشبهة تنفيع بشأن إصدار شهادات إعاقة ذهنية وبصرية بدرجتي «شديدة ومتوسطة» لأكثر من 2300 مواطن والاستفادة من الخدمات التي يحصلون عليها من الجهات الحكومية الأخرى. (القبس 15-7-2021)، وفي خبر آخر من يومين أيضاً عن قيام وزارة الشوون بالتحقيق في 270 ملفاً لمواطنات استلمن مساعدات وتبين أنهن غير مستحقات بعد أن تقدمن بأوراق غير صحيحة، وقبل ذلك ما تم اكتشافه من إدراج أسماء موظفين غير مستحقين لمكافأة الصفوف الأمامية. هذه الأمثلة السيئة أصبحت شبه دائمة في أخبارنا اليومية، وللأسف يختلط عند البعض مفاهيم الحلال والحرام في الأموال العامة والخاصة، وفي معرض بحثهم عن سبل وضيعة للاستيلاء على المال واكتنازه بأي حيلة كانت، لا يجد بعض ضعاف النفوس وقليلي الذمة أي حرج في تبرير مد أيديهم على الأموال التي لا تحل لهم، بأنهم يفعلون ذلك بسبب وجود الحرامية الكبار الذين يسرقون الملايين ويختلسون من خزينة الدولة، ويتلاعبون بعقودها ومناقصاتها دون أن تطولهم يد العقاب والمحاسبة.الموضوع ههنا بالتأكيد لا علاقة له بالقانون وتطبيقه ولا بالعقوبات وتنفيذها ولا بملاحقة كبار سراق المال العام وتوقيفهم، الموضوع شرعي وأخلاقي صرف ومرتبط مباشرة بالحلال والحرام وعقيدة المسلم بأنه سيحاسب عما اقترفته يداه لوحده، ولن يعفيه من ذلك اشتراك العالم أجمع في الجريمة صغرت أو كبرت.
من يأخذ ديناراً بالحرام فسيحاسب عليه ومن يأخذ مليوناً فسيحاسب عليه، وكم هي مصيبة لمن يسرق القليل أن تكون نيته الاستمرار في السرقة وأن يتمنى لو استطاع الحصول على المزيد من المال الحرام، ولكنه لا يستطيع، فيكون إثمه كمن سرق فعلا ذلك المال، فلا هو حصل عليه في الدنيا وقد لا يسلم من عقوبة الفعل في الآخرة والعياذ بالله.على المرء السوي والمواطن الصالح والمسلم الصحيح أن يحمل في قلبه السعي إلى الرزق الحلال له ولمن يعول، وأن يحمل في قلبه الإخلاص لأهله ومجتمعه ووطنه، وأن يربي أبناءه على ذلك، وأن يسعى إلى محاربة الفساد صغيره وكبيره بقدر طاقته، ولنستذكر حديث الرسول ﷺ: «لَيَأْتِيَنَّ علَى النَّاسِ زَمانٌ، لا يُبالِي المَرْءُ بما أخَذَ المالَ، أمِنْ حَلالٍ أمْ مِن حَرامٍ». وإنه من الضلال البين أن ينحرف بعض الناس بيننا هذه الأيام عن تلك القيم الشرعية العظيمة، ويشرعوا مبدأ فاسداً لنفسهم ولغيرهم، فلنتق الله في أنفسنا وبلادنا. والله الموفق.