في وقت تستكمل القوات الأجنبية العاملة تحت قيادة أميركية انسحابها من أفغانستان، لا تزال حركة «طالبان» تحقق تقدماً ميدانياً سريعاً والاستحواذ على المزيد من الولايات حيث سيطرت، أمس، على عاصمة جديدة، هي التاسعة من بين 34، خلال 6 أيام، تزامناً مع وصول الرئيس أشرف غني إلى مدينة مزار شريف لحشد قواته للدفاع عن عاصمة ولاية بلخ. وأفاد النائب ذبيح الله عتيق، أن «طالبان استولت على فايز آباد، عاصمة إقليم بدخشان»، التي يبلغ تعداد سكانها أكثر من 78 ألف نسمة، ووتقع في أقصى الشمال الشرقي على الحدود مع طاجيكستان وباكستان والصين.
وقال جواد مجددي عضو المجلس المحلي في فايز أباد، إن «القوات الحكومية تراجعت إلى منطقة قريبة بعد معركة طويلة في المدينة، وأن مقاتلي طالبان سيطروا على معظم أنحاء الإقليم».وباتت «طالبان» تسيطر على 9 من 34 عاصمة ولاية، أي أكثر من ربع الولايات، بينها 7 في الشمال حيث كانوا يواجهون مقاومة على الدوام، في حين تسيطر على أجزاء واسعة من ولايات أخرى دون عواصمها فيما تستمر المعارك في العواصم الأخرى.وقال الناطق باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد، إن الحركة سيطرت على ولايتي بغلان وبدخشان واستهدفت بالصواريخ قاعدة باغرام العسكرية شمال كابول. وأضاف أنها باتت تسيطر على ولايات نيمروز وجوزجان وسربل وقندوز وتخار وسمنغان وفراه وبغلان وبدخشان.
مزار شريف
وأمام الهزائم التي لحقت بالقوات الحكومية، أفاد مصدر أمني، أنه تمت إقالة قائد الجيش الجنرال ولي محمد أحمد زاي من منصبه، وتعيين الجنرال هيبت الله علي زاي قائداً جديداً للجيش.وتزامن ذلك مع وصول الرئيس أشرف غني إلى مدينة مزار شريف عاصمة ولاية بلخ، وتفقّد الوضع الأمني العام في المنطقة الشمالية، وأجرى محادثات المسؤولين المدنيين والعسكريين وزعماء القبائل والأحزاب السياسية ومع الرجل القوي في مزار الشريف عطا محمد نور، وزعيم الحرب السابق المعروف الجنرال عبدالرشيد دوستم، بشأن الدفاع عن المدينة، حيث افتتح مركزاً للعمليات ضد «طالبان» بالولايات الشمالية.وقال مصدر مقرب من دوستم، إنه من المتوقع أن يكلف الرئيس الأفغاني الجنرال دوستم بالإشراف على العمليات ضد «طالبان».وقال دوستم، إن «طالبان لن تستطيع الخروج من المناطق الشمالية التي تحاول السيطرة عليها»، في إشارة إلى تصدي القوات الحكومية لهجمات مسلحي الحركة.وكانت وسائل إعلام، أشارت إلى أن دوستم غادر إلى مزار شريف كبرى مدن الشمال، ويرافقه العشرات من قوات الأمن.ودوستم متهم بقتل مئات أو حتى آلاف من سجناء الحرب من «طالبان» خلال عمليات مدعومة من الجيش الأميركي في 2001 أدت الى الإطاحة بنظام «طالبان».استسلام وسقوط
لكن سرعان ما طغى على زيارة غني، الإعلان عن استسلام مئات من عناصر قوات الأمن، الذين انسحبوا إلى مطار قندوز بعد سقوط المدينة الواقعة في شمال شرقي البلاد في نهاية الأسبوع، لحركة «طالبان» أمس.وقال عمر الدين والي عضو مجلس ولاية قندوز، «هذا الصباح استسلم مئات من الجنود والشرطيين وعناصر من قوات المقاومة كانوا متمركزين في المطار، لطالبان مع كل عتادهم». وأفاد ضابط في الجيش، انهم تعرضوا للقصف بالهاون في مطار قندوز ولم يكن أمامهم من خيار سوى الاستسلام.وفي وقت نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول عسكري أميركي قوله، إن «طالبان قادرة على عزل كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً»، أفادت صحيفة «واشنطن بوست»، أمس، بأن الإدارة الأميركية لا تستبعد سقوط العاصمة الأفغانية في أيدي «طالبان» في غضون شهر إلى 3 أشهر.بايدن وروسيا
ورغم هذا السيناريو القاتم والتقدم الذي تحققه «طالبان»، لم يصدر الرئيس الأميركي جو بايدن أي إشارة على عزمه تأخير سحب كل قواته بحلول 31 أغسطس وحض في المقابل القادة الأفغان «على التحلي بعزيمة القتال».وقال الرئيس الأميركي للصحافيين في البيت الأبيض، «لست نادماً على قراري، وعلى الأفغان أن يقاتلوا من أجل أنفسهم، من أجل أمتهم». وتابع: «لقد انفقنا أكثر من ألف مليار دولار في 20 عاماً، قمنا بتدريب وتجهيز أكثر من 300 ألف جندي أفغاني».وفي موسكو، أكد وزير الدفاع سيرغي شويغو، أهمية أن يكون الحلفاء والشركاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي على استعداد للتصدي لأي تسلل محتمل «للإرهابيين» من أفغانستان. وأشار في كلمة أدلى بها خلال منتدى «ساحة المعاني» التعليمي الشبابي، أمس الأول، إلى أن «المخاطر التي كانت أفغانستان مصدرها في وقت سابق، وهي تهريب المخدرات وتسلل الإرهابيين إلى بلادنا عبر طاجيكستان وقرغيزستان وأوزبكستان، لم تتقلص، ومن المهم بالنسبة لنا أن تكون القوات المسلحة لطاجيكستان وأوزبكستان مستعدة للتصدي للاستفزازات المحتملة، رغم أن طالبان وقادتها وعدوا بأنهم لن يحاولوا القيام بأي أعمال عدائية وعبور الحدود وشن هجمات على الأراضي المجاورة».