التحالف بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة يحتاج إلى تعديل!
بعد 70 سنة من الشراكة، حان الوقت لتعديل التحالف بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، يجب أن يعيد البلدان النظر بالتهديدات العسكرية الكورية الشمالية التي أصبحت اليوم أكثر تنوعاً، حيث تُهدد الاعتداءات العسكرية التقليدية التي تلوّح بها كوريا الشمالية إرث البلد، وتواجه كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الآن تهديداً نووياً واحتمال التعرّض لاعتداءات غير متكافئة عبر الفضاء الإلكتروني أو بوسائل غير تقليدية أخرى.
المقاربة الجديدة أصبحت ضرورية!
يبرز سبب آخر لمراجعة السيناريوهات العسكرية المطروحة بشكلٍ عاجل، ففي 21 مايو الماضي، خلال القمة التي جمعت جو بايدن ومون جاي إن في العاصمة واشنطن، وافق الرئيس الكوري الجنوبي على المشاركة في الاستراتيجية التي يقودها الأميركيون في منطقة المحيطَين الهندي والهادئ، فبرأي عدد كبير من الخبراء العسكريين، يعني هذا الموقف أن التحالف بين البلدين لن يتابع التركيز بالكامل على الوضع العسكري في شبه الجزيرة الكورية، وفي المستقبل، قد يستلم الجيش الكوري الجنوبي وقيادة القوات المشتركة في البلدين أدواراً ومهام عسكرية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، أو حتى في بحر الصين الجنوبي أو مضيق تايوان، وفي هذه الحالة، سيحتاج التحالف بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة إلى التعديل كي يشمل مفاهيم مختلفة حول العمليات المشتركة والعقائد الجديدة.يحمل التحالف العسكري بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة تاريخاً طويلاً وناجحاً، إنه تحالف عظيم فعلاً، لكن في ظل البيئة العسكرية المعقدة والمتنازع عليها في شبه الجزيرة الكورية اليوم، تحتاج قيادة القوات المشتركة إلى مقاربة جديدة للحفاظ على هذا التحالف مستقبلاً، ويجب أن نعالج نقاط الضعف والقيود التي تَحِدّ من فاعلية التحالف الراهن.أولاً، يجب ألا نكتفي بالاستعداد لمواجهة التهديدات المتماثلة والمخاطر المطروحة على إرث الدول، بل يُفترض أن نتعامل أيضاً مع التهديدات غير المتكافئة ضمن ساحة معركة تشمل جميع المجالات، فقد أصبحت التهديدات التقليدية التي تطرحها كوريا الشمالية واضحة جداً بعد مرور سبعة عقود على ظهورها، لكن بدأت تهديداتها غير المتكافئة تتوسّع، وهي لا تحمل خصائص محددة، وحتى الآن لا يطبّق الحلفاء أي تدابير مضادة فاعلة.ثانياً، تبرز الحاجة إلى إعادة رسملة ميزانية الدفاع الخاصة بكوريا الجنوبية بدل إعطائها الأولوية أو إعادة إحيائها لتطوير عقائد جديدة ومفاهيم مختلفة حول العمليات المرتقبة وبناء المنصات المناسبة، ويجب أن تشمل عملية إعادة الرسملة إضافة سلاسل القيادة والتحكم الخاصة بكوريا الجنوبية والولايات المتحدة لمجابهة التهديدات الجديدة والناشئة مقابل التخلي عن خطة التحكم بالعمليات التي طرحها مون.ثالثاً، من المتوقع أن تنفذ وحدة القيادة والتحكم المستجدة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة مجموعة إضافية من المهام والأدوار المتنوعة بعد موافقة كوريا الجنوبية على الاستراتيجية الأميركية في منطقة المحيطَين الهندي والهادئ، ويُفترض أن تنشأ قيادة تطوير القتال للقوات المشتركة بين البلدين استعداداً لأي عمليات عسكرية خارجية وجماعية ما وراء شبه الجزيرة الكورية.
توسيع التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية
وافق مون، خلال القمة التي جمعته مع بايدن في 21 مايو، على انضمام القوات المسلحة الكورية الجنوبية إلى قوات الولايات المتحدة في كوريا كجزءٍ من استراتيجية متوسعة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، لكن ما المواقف التي يُفترض أن يستعد لها التحالف الأميركي الكوري الجنوبي في الظروف العسكرية الجديدة ما وراء شبه الجزيرة الكورية، وكيف يمكن أن تُطوّر قيادة القوات المشتركة الراهنة المفاهيم الجديدة والضرورية لتنفيذ هذا النوع من العمليات؟في المقام الأول، يجب أن تعيد وزارة الدفاع الوطني رسملة ميزانيتها لتطوير مفهوم جديد حول عمليات التحالف الجماعية والمشتركة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة كي يشمل منصات الجيل المقبل مثل الفِرَق المأهولة وغير المأهولة، وأجهزة استشعار متطورة وخاصة بالاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، لإنشاء نسخة كورية من نظام "القبة الحديدية الإسرائيلية"، فضلاً عن شبكات القيادة والتحكم التي تستطيع التكيّف مع مواقع تتجاوز شبه الجزيرة الكورية.وبما أن قوات كوريا الجنوبية ستبدأ عملياتها المشتركة مع قوات الولايات المتحدة في كوريا كجزءٍ من استراتيجية واسعة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، يجب أن يطلق التحالف الأميركي الكوري الجنوبي مفهوماً جديداً يرتكز عليه أي موقف دفاعي ثنائي وجماعي للتعامل مع تهديدات كوريا الشمالية أو الأزمات الإقليمية.سيكون الالتزام بهذا النوع من المرونة الاستراتيجية صعباً على الجيشَين معاً، فبالنسبة إلى كوريا الجنوبية، قد يؤدي انشغال قوات الولايات المتحدة في كوريا بالأزمات الإقليمية، بما يتجاوز نطاق شبه الجزيرة الكورية، إلى نشوء فراغ شائك في القوة العسكرية، ويجب أن تكون القوات المسلحة الكورية الجنوبية مستعدة للتحرك عند الحاجة. من وجهة نظر واشنطن، قد يؤدي توسيع مسؤوليات قوات الولايات المتحدة في كوريا وتنويعها إلى توجيه رسالة خاطئة إلى كوريا الشمالية مفادها أن واشنطن بدأت تفقد اهتمامها بكوريا، مما قد يُمهّد لحسابات خاطئة وكارثية، وفي غضون ذلك، قد تتوصل الصين وروسيا إلى استنتاج مماثل حول الالتزام الأميركي بتحالفه مع كوريا الجنوبية، مما يؤدي إلى زعزعة الأمن الإقليمي.قد تترافق المرونة الاستراتيجية التي تحملها قوات الولايات المتحدة في كوريا، في ظل مشاركة معينة من القوات المسلحة الكورية الجنوبية، مع منافع هامشية على مستوى التحكم بالحالات الأمنية الطارئة في المنطقة، لكنها ستنعكس أيضاً على ميزان القوى في شبه الجزيرة الكورية، فبرأي واشنطن، قد تكون المرونة الاستراتيجية لدى قوات الولايات المتحدة في كوريا نهجاً مغلوطا، لكن من وجهة نظر كوريا الجنوبية، قد تصبح هذه الخاصية مسألة وجودية. سمح التحالف بين واشنطن وكوريا الجنوبية بتبديد الاضطرابات التي طبعت عهد دونالد ترامب وسياسته المبنية على شعار "أميركا أولاً"، لكنه أصبح أكثر ضعفاً، ويأمل الكوريون الجنوبيون اليوم في تحسّن الوضع في المرحلة المقبلة ويشعرون بقلق حقيقي من تداعيات هذه المرونة الاستراتيجية، فقد بدأت إدارة بايدن أيضاً تعيد النظر بانتشارها العسكري في الخارج في تقرير "مراجعة الموقف العالمي"، فهل يجب أن تقلق كوريا الجنوبية من عواقب هذا التوجه؟طوال سبعة عقود، ركّز التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية على التعامل مع التهديدات العسكرية التقليدية التي تطرحها كوريا الشمالية، لكن بدأت طبيعة تلك التهديدات تتغير اليوم ويحتاج التحالف إلى التعديل أيضاً، ولتحقيق أهدافه المرتبطة بالصمود والردع، يجب أن يصبح أكثر تكاملاً ويعيد رسملة الميزانيات للتكيف مع التهديدات والاستفزازات الجديدة، فقد مرّ التحالف الثنائي بفترة من الإهمال النسبي، لكنه يحتاج إلى المضي قدماً الآن، ومنذ عقد القمة بين بايدن ومون، أصبح سبب وجود قوات الولايات المتحدة في كوريا غير واضح، لذا يجب أن تبذل واشنطن قصارى جهدها لطمأنة كوريا الجنوبية وإقناعها بأن الاستراتيجية العامة في منطقة المحيطَين الهندي والهادئ لن تُهدد أمن شبه الجزيرة الكورية.* سوكجون يون