بعدما تكثّفت الاتصالات السياسية التي يجريها الرئيس اللبناني ميشال عون مع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي للبحث في تفاصيل الحقائب الوزارية اثر اشتداد الأزمة الاقتصادية وانقطاع المحروقات وتصاعد احتجاج المواطنين، أكد عون، أمس، ان مسار تشكيل الحكومة العتيدة "سالك".

وذكر في بيان للرئاسة اللبنانية خلال لقائه وفداً شبابياً: "آمل بأن يخرج الدخان الأبيض قريباً فتتشكل حكومة قادرة على تحمل الأعباء الواجبة لمواجهة تراكم الأزمات بما يرضي تطلعات اللبنانيين".

Ad

من ناحيته، وفي معرض دفاعه عن قرار إيقاف دعم المحروقات الذي استنزف احتياطيات العملة الصعبة، قال حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة إن "لا أحد يدير البلد"، وأضاف أن الحكومة يمكنها حل المشكلة سريعاً باستصدار التشريع اللازم.

وفي مقابلة مع إذاعة "لبنان الحر" أمس، ردّ سلامة على اتهامات الحكومة له باتخاذه قراراً منفرداً عندما أعلن إنهاء الدعم الأربعاء الماضي، وقال إن الكل كان يعلم أن قراره آت.

وأزمة الوقود جزء من انهيار مالي أوسع في لبنان، وقد بلغت مرحلة بالغة السوء مع اضطرار المستشفيات والمخابز وكثير من الأنشطة التجارية لتقليص أعمالها أو حتى الإغلاق التام في ظل نقص الوقود الحاد.

واندلعت أعمال عنف في الطوابير المصطفة أمام محطات البنزين وأغلق محتجون طرقاً وتعرضت ناقلات وقود للخطف الأسبوع الماضي.

ويعني قرار البنك المركزي رفع الدعم أن الأسعار ستزيد زيادة صارخة، وهو يمثل نقطة ساخنة جديدة في أزمة مالية طاحنة أفقدت العملة اللبنانية أكثر من %90 من قيمتها في أقل من عامين وأوقعت أكثر من نصف سكان البلاد في براثن الفقر.

وقال سلامة إن لبنان يمكنه أن يتعافى، لكن ليس بوسعه أن يحدد كم من السنين سيستغرقه هذا. وأضاف: "حتى الآن ما حدا ماسك البلد".

ويدعم المصرف المركزي فعلياً أسعار المحروقات وغيرها من الواردات الحيوية من خلال توفير الدولار بسعر صرف أدنى من السعر الحقيقي لليرة اللبنانية، وهو سعر يدور حالياً حول 3900 ليرة للدولار الواحد بينما يجري التداول بسعر يتجاوز 20 ألفاً في السوق الموازية، وهو ما يستنزف الاحتياطي الذي قال سلامة إنه يبلغ الآن 14 مليار دولار.

وللاستمرار في تقديم مثل هذا الدعم، قال مصرف لبنان المركزي إنه بحاجة إلى تشريع للسماح بالسحب من الاحتياطي الإلزامي، وهو جزء من الودائع يقضي القانون بالحفاظ عليه.

وقال سلامة: "نحن نقول للكل بدكم نصرف من الاحتياطي الإلزامي... نحن حاضرين. اعطونا تشريع، بتاخذ خمس دقايق".

وتقول الحكومة، إنه يجب عدم المساس بأسعار الوقود، وطالب مستوردو النفط بتوضيح قائلين، إنه لا يمكنهم الاستيراد بأسعار السوق والبيع بالأسعار المدعمة.

وأصدر المصرف المركزي وهيئة إدارة قطاع البترول تعليمات للمستوردين ببيع مخزوناتهم بالسعر المدعم البالغ 3900 ليرة مقابل الدولار وإعطاء الأولوية للمستشفيات وغيرها من الخدمات الأساسية.

ويقول منتقدو نظام الدعم إنه شجع على التهريب والتخزين من خلال تقديم السلع بجزء يسير من سعرها الحقيقي.

وقال سلامة إن البنك كان ملزما بتمويل تجار لا يوفرون المنتجات في السوق، وإن أكثر من 800 مليون دولار أُنفقت على واردات الوقود الشهر الماضي كان من المفترض أن تكفي ثلاثة أشهر.

وعلى الرغم من موجة استيراد لم يسبق لها مثيل، أشار سلامة إلى أنه لم يكن هناك ديزل أو بنزين أو كهرباء مضيفاً "هذا ذل للبنانيين".

وتابع سلامة إنه يمكن للبنان الخروج من أزمته إذا تولت زمام الأمور حكومة تفكر في الإصلاح. ومضى قائلاً، إن الليرة اللبنانية "هي اليوم رهينة تشكيل حكومة وإصلاحات".

وأعلنت الحكومة إن رفع الدعم يجب أن يكون بعد توزيع بطاقات تمويلية على الأسر الفقيرة. ووافق البرلمان على البطاقات في يونيو على أن يكون التمويل من الاحتياطي الإلزامي حسبما قال سلامة لكن الأمر لم يتحول إلى واقع حتى الآن.

وختم سلامة: "متى البطاقة؟ لنفترض بأحسن الحالات بعد شهرين أو ثلاثة، يعني بالنمط الذي نسير فيه سندفع 3 ملايين دولار لننتظر البطاقة".

الجيش يداهم محطات الوقود

وسط الأزمة الخانقة التي تعيشها البلاد بسب النقص الحاد في المحروقات، داهم الجيش اللبناني أمس، جميع محطات الوقود، وصادر ما بها من مخزون البنزين.

وقال الجيش في تغريدة له عبر موقع "تويتر": "باشرنا عمليات دهم محطات الوقود ومصادرة الكميات المخزنة من مادة البنزين".

وتهدف هذه المداهمات إلى إرغام أصحاب المحطات على بيع ما لديهم من مخزون الوقود.

وتأتي هذه الخطوة وسط احتجاجات يشهدها لبنان على تردي الأوضاع المعيشية، وأزمة المحروقات، وامتناع محطات الوقود عن تعبئة البنزين.

ويستولي اللبنانيون في عدد من المناطق على صهاريج نقل المحروقات، في محاولة لتأمين عمل المولدات الخاصة للكهرباء، في حين تشهد بعض محطات الوقود، التي لا تزال تؤمن المحروقات، إشكالات تعمل القوى الأمنية على منع تفاقمها.

وبلغت ساعات انقطاع التيار الكهربائي، الذي تؤمنه مؤسسة كهرباء لبنان، نحو 22 ساعة يومياً في معظم المناطق اللبنانية، بسبب نقص المحروقات لتشغيل محطات الكهرباء.