حركة «طالبان» تدخل كابول وتطالب بانتقال سلمي للسلطة

تزاحم غربي على إخلاء السفارات... وواشنطن تدعو الحركة لمنحها 72 ساعة لإجلاء مواطنيها

نشر في 16-08-2021
آخر تحديث 16-08-2021 | 00:05
دخل مقاتلو حركة «طالبان» العاصمة الأفغانية كابول بالتزامن مع إجلاء الولايات المتحدة الدبلوماسيين من سفارتها، في وقت أعلنت الحكومة الأفغانية أن السلطة ستُسلم إلى إدارة مؤقتة.
تسارعت الأحداث على الساحة الأفغانية مع وصول حركة «طالبان» إلى العاصمة كابول، آخر معاقل الحكومة التي أعلنت أن «انتقالاً سلمياً للسلطة إلى حكومة انتقالية» سيجري قريباً، بينما باتت البلاد بقبضة الحركة.

وأعلن الناطق باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد، أمس، أن «الإمارة الإسلامية تطلب من جميع قواتها البقاء على مداخل كابول وعدم محاولة دخولها بالقوة»، مضيفاً أن مفاوضات تجري من أجل «انتقال سلمي». إلا أنه أكد في وقت لاحق بعد فرار الرئيس أشرف غني، السماح لمقاتلي الحركة بدخول العاصمة «منعاً لأعمال النهب والسرقة بعد فرار رجال الشرطة وتنفيذ القانون».

من ناحيته، صرّح أحد المتحدثين باسم «طالبان» سهيل شاهين الموجود في قطر ضمن وفد يجري مفاوضات مع الحكومة الأفغانية، أن المتمردين «يريدون تسلم السلطة في الأيام المقبلة من خلال انتقال سلمي».

وأوضح شاهين: «نسعى لتشكيل حكومة يشارك فيها الجميع»، مشدّداً على أن الحركة «ستحترم حقوق المرأة وستسمح لها بالتعليم والعمل على أن ترتدي الحجاب»، مؤكّداً «نطمئن الناس، لاسيما في كابول أن ممتلكاتهم وحياتهم آمنة ولن يكون هناك انتقام من أحد».

وقال مفاوض حكومي أفغاني إن وفداً تابعاً للحكومة ويضم المسؤول البارز عبدالله عبدالله عاد الى الدوحة، أمس، للقاء ممثلين عن الحركة لمناقشة تسليم السلطة بحضور مسؤولين أميركيين.

وكانت وكالة «أسوشيتد برس» ذكرت أن مفاوضي «طالبان» توجهوا إلى القصر الرئاسي تحضيرا «لنقل» السلطة، فيما أفادت مصادر في القصر الرئاسي، أن غني، وافق على نقل السلطة، مشيرة إلى وجود أنباء عن وصول قيادات «طالبان» إلى العاصمة عن طريق مطار كابول الدولي.

وأوضحت مصادر دبلوماسية، أنه تم اختيار علي أحمد جلالي الأكاديمي المقيم في أميركا ووزير الداخلية السابق لرئاسة حكومة موقتة. وأكد وزير الداخلية الأفغاني عبدالستار ميرزا كوال الذي دعا الأفغان إلى «عدم القلق»، أن «انتقالاً سلمياً للسطة إلى حكومة انتقالية» سيجري.

من ناحيته، قال غني أمس، «أمرتُ قوات الأمن بضمان سلامة جميع مواطنينا. إنها مسؤوليتنا وسنفعل ذلك بأفضل طريقة ممكنة. سيتمّ التعامل بالقوة مع أي جهة تفكر في إثارة الفوضى أو النهب».

ونقلت شبكة CNN الإخبارية الأميركية عن مصدر في مطار حامد كرزاي الدولي في كابول، إن عدداً من المسؤولين رفيعي المستوى، بينهم مستشارون للرئيس غني، وصلوا إلى صالة كبار الشخصيات بالمطار وينتظرون رحلة للمغادرة إلى وجهة غير معروفة.

خليل زاد

من ناحيتها، نقلت شبكة «CNN الإخبارية الأميركية عن «مصدر مطلع»، أن المبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان زلماي خليل زاد طلب من الحركة إبقاء مقاتليها خارج كابول حتى يتم إجلاء المواطنين الأميركيين.

ونقلت الشبكة عن مصدرين آخرين أن الولايات المتحدة تنوي إتمام سحب جميع الموظفين من السفارة في كابول خلال الـ 72 ساعة المقبلة، بما في ذلك كبار المسؤولين.

ولفتت إلى أن هذا يمثل تسريعاً كبيراً للعملية التي تم الإعلان عنها الخميس الماضي فقط، إلا أنها أشارت إلى أنه وضع توقع كثيرون من مسؤولي الأمن في وزارة الخارجية حدوثه مع تسارع سيطرة «طالبان» على الأرض. وسيتوجه معظم الدبلوماسيين إلى مطار كابول تمهيدا لإعادتهم للولايات المتحدة.

بدورها، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز»،أمس، عن مسؤول أميركي أن الأعضاء الأساسيين في البعثة الدبلوماسية الأميركية يعملون من مطار كابول، مشيراً إلى أن أقل من 50 من موظفي السفارة الأميركية سيبقون في كابول في الوقت الحالي.

وحلّقت مروحيات ذهاباً وإياباً في كابول بين المطار الدولي والمجمع الدبلوماسي الأميركي في المنطقة الخضراء الخاضعة لإجراءات حماية مشددة.

بايدن

وإزاء تقهقر الجيش الأفغاني، أعلن بايدن رفع عديد القوات الأميركية المرسلة إلى أفغانستان للمشاركة في إجلاء طاقم السفارة ومدنيين أفغان إلى 5 آلاف عنصر، محذّرا «طالبان» من عرقلة هذه المهمة ومتوعدا إياها بـ«رد عسكري أميركي سريع وقوي» إذا ما هاجمت مصالح أميركية.

ودافع بايدن مجدّداً عن قراره إنهاء 20 عاماً من الحرب، قائلاً «أنا رابع رئيس يتولى المنصب في ظل وجود قوات أميركية في أفغانستان، و»لن أورّث هذه الحرب إلى رئيس خامس».

السفارات

وفي وقت قررت دول غربية عدة تقليص وجودها إلى الحّد الأدنى، أو إغلاق سفاراتها بشكل موقت أو كلّي، أعلنت روسيا أمس، أنها لا تنوي إخلاء سفارتها مشيرةً أيضاً إلى أنها تعمل من أجل عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن حول أفغانستان، في حين قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إن «العالم يراقب بفزع نتيجة تجربة تاريخية أخرى لواشنطن في أفغانستان».

الوضع الميداني

وخلال اليوم، سادت حالة من الهلع في العاصمة كابول حيث أغلقت المحلات أبوابها وباتت زحمة السير خانقة وشوهد شرطيون يقايضون بزّاتهم بملابس مدنية.

وشهدت معظم المصارف ازدحاماً، وسط تهافت الناس على سحب أموالهم قبل فوات الأوان. وكانت الشوارع أيضاً مكتظة بالسيارات المحمّلة بالأغراض محاولةً مغادرة المدينة أو اللجوء إلى حيّ يعتبره السكان أكثر أماناً.

وفي وقت سابق، سيطر المتمردون على مدينة جلال آباد في شرق أفغانستان بدون أن يواجهوا أي مقاومة، بعد ساعات من استيلائهم على مزار شريف، رابع أكبر مدينة وكبرى مدن شمال البلاد. وتمكنت «طالبان» التي بدأت هجومها في مايو مع بدء الانسحاب النهائي للقوات الأميركية والأجنبية، من السيطرة خلال 10 أيام فقط على معظم البلاد.

وفي لندن، أفاد مصدر في مكتب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أمس، بأن البرلمان البريطاني سيقطع عطلته الصيفية هذا الأسبوع لعقد اجتماع طارئ لمناقشة الوضع في أفغانستان.

من هم قادة الحركة المتشددة؟

يكتنف الغموض قادة حركة «طالبان»، التي يبدو أنها في طريقها للعودة إلى السلطة في أفغانستان، بعدما سيطرت على الجزء الأكبر من البلاد خلال أيام، كما حدث تماما عندما حكمت البلاد بين 1996 و2001.

فيما يأتي عرض موجز للقادة الرئيسيين لهذه الجماعة الإسلامية المتشددة:

هيبة الله أخوند زاده

عُيِّن الملا هيبة الله أخوند زاده قائداً للحركة في مايو 2016 أثناء انتقال سريع للسلطة، بعد أيام على وفاة سلفه أختر محمد منصور، الذي قُتل في غارة لطائرة أميركية مسيرة في باكستان.

قبل تعيينه، لم يكن يُعرف سوى القليل عن أخوند زاده الذي كان اهتمامه منصباً حتى ذلك الحين على المسائل القضائية والدينية أكثر من فن الحرب.

كان عالم الدين هذا يتمتع بنفوذ كبير داخل حركة التمرد التي قاد الجهاز القضائي فيها، لكن محللين يرون أن دوره على رأس «طالبان» سيكون رمزياً أكثر منه عملياً.

وأخوند زاده هو نجل عالم دين وأصله من قندهار قلب منطقة البشتون في جنوب أفغانستان ومهد «طالبان». وقد بايعه على الفور المصري أيمن الظواهري زعيم تنظيم «القاعدة».

وقد أطلق عليه الظواهري لقب «أمير المؤمنين».

تولى أخوند زاده المهمة الحساسة المتمثلة بتوحيد «طالبان» التي مزقها صراع عنيف على السلطة بعد وفاة الملا منصور، وكشف عن إخفائها عدة سنوات وفاة مؤسسها الملا محمد عمر.

عبدالغني برادر

عبدالغني برادر ولد في ولاية أرزغان (جنوب) ونشأ في قندهار. وهو أحد مؤسسي «طالبان» مع الملا عمر، الذي توفي في 2013 لكن لم يكشف موته إلا بعد سنتين.

في 2001 بعد التدخل الأميركي وسقوط نظام «طالبان»، قيل إنه كان جزءاً من مجموعة صغيرة من المتمردين المستعدين لاتفاق يعترفون فيه بإدارة كابول. لكن هذه المبادرة باءت بالفشل.

كان الملا برادر القائد العسكري لـ»طالبان» عندما اعتقل في 2010 في مدينة كراتشي الباكستانية. وقد أطلق سراحه في 2018 تحت ضغط من واشنطن.

ويلقى برادر احتراما لدى مختلف فصائل «طالبان»، ثم تم تعيينه رئيسا لمكتبهم السياسي في العاصمة القطرية الدوحة.

سراج الدين حقاني

سراج الدين حقاني هو نجل أحد أشهر قادة الجهاد ضد السوفيات جلال الدين حقاني. وهو الرجل الثاني في «طالبان» وزعيم الشبكة القوية التي تحمل اسم عائلته.

تعتبر واشنطن «شبكة حقاني» التي أسسها والده إرهابية، وواحدة من أخطر الفصائل التي تقاتل القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي في العقدين الماضيين في أفغانستان.

و«شبكة حقاني» معروفة باستخدامها العمليات الانتحارية، ويُنسب إليها عدد من أعنف الهجمات في أفغانستان في السنوات الأخيرة.

وقد اتهم أيضا باغتيال بعض كبار المسؤولين الأفغان، واحتجاز غربيين رهائن قبل الإفراج عنهم مقابل فدية أو مقابل سجناء مثل الجندي الأميركي بو برغدال، الذي أطلق في 2014 مقابل 5 معتقلين أفغان من سجن غوانتنامو.

يعقوب عمر

الملا يعقوب هو نجل الملا محمد عمر، ورئيس اللجنة العسكرية التي تتمتع بنفوذ كبير في «طالبان»، حيث تقرر التوجهات الاستراتيجية للحرب ضد الحكومة الأفغانية.

ويشكل ارتباطه بوالده الذي كان مقاتلو الحركة يبجلونه كزعيم لحركتهم، عامل توحيد لحركة واسعة ومتنوعة إلى هذا الحد.

مع ذلك، مازال الدور الذي يلعبه داخل الحركة موضع تكهنات.

ويعتقد بعض المحللين أن تعيينه رئيسا لهذه اللجنة في 2020 كان مجرد إجراء رمزي.

بايدن يعيد إرسال 5 آلاف جندي ويحذّر من رد عسكري سريع وقوي
back to top