مناكفات أبي فراس للمُتنبي
![د.نجم عبدالكريم](https://www.aljarida.com/uploads/authors/23_1682354851.jpg)
"يا أعدل الناس إلا في معاملتي فيك الخصام وأنت الخصمُ والحكمُأُعيذها نظرات منك صادقة أن تحسب الشحم فيمن شحمهُ ورمُ".- وهنا صرخ أبوفراس: هذا مسروق من دعبل، يوم قال:"ولست أرجو انتصافاً منك ما ذرفت عيني دموعاً وأنت الخصم والحكمُ".لم يردّ المتنبي، واستمر يُنشد:"سيعلم الجمع ممن ضم مجلسُنابأنني خير من تسعى به قدمُأنا الذي نظر الأعمى إلى أدبيوأسمعت كلماتي من به صممُ".- فصاح أبوفراس: وهذا مسروق من عمرو بن عروة بن العبد، إذ قال:"أوضحتُ من طُرق الآداب ما اشتكلتدهراً وأظهرتُ إغراباً وإبداعاًحتى فتحتُ بإعجازٍ خُصصتُ بهللعُمي والصُم أبصاراً وأسماعاً". لكن المتنبي لم يعبأ، واستمر:"الخيل والليل والبيداء تعرفنيوالسيف والرمح والقرطاس والقلمُ".- فصرخ أبوفراس: وماذا أبقيت للأمير؟ بعد أن وصفت نفسك بالشجاعة والفصاحة والرياسة، ثم إنك تمدح الأمير بما تسرقه من غيرك.تماسك المتنبي بكل رباطة جأش، واستمر يُلقي شعره:"وما انتفاع أخي الدنيا بناظرهِإذا استوت عندهُ الأنوار والظلمُ".- فتصدى أبوفراس: وهذا مسروق من البكري، إذ قال:"إذا المرءُ لم يدرك بعينيه ما يُرىفما الفرق بين العُمي والبصراءِ".***• وهنا انفجر سيف الدولة غضباً، فضرب المتنبي بالدواة، فقال له المتنبي:"إن كان سَرَّكمُ ما قال حاسدنافما لجرحٍ إذا أرضاكمُ ألمُ".- لكن أبا فراس لم يترك هذا البيت يمر دون أن يُظهر أنه هو الآخر مسروق من بشار بن بُرد:"إذا رضيتم بأن نُجفى وسَرّكمقول الوشاة فلا شكوى ولا ضجرا".***وهكذا بدأت مرحلة جديدة في حياة المتنبي، حين قرر الرحيل إلى مصر، بعد أن لحقته الإهانة في حلب.