«البديل عن تشكيل حكومة هو الخراب الكامل والانهيار الكبير»... جملة تناقلتها معظم الشخصيات السياسية في لبنان والدبلوماسية التي تبدي اهتماماً بالوضع.وعلى وقع انفجار عكار، وأزمة المحروقات وتداعياتها الأمنية والاجتماعية الخطيرة، التي دفعت الجيش إلى توسيع مهمته بالإشراف على عملية توزيعها، وُضع لبنان في عين أزمة متفجرة، ما لم تتشكل حكومة تسحب فتيل التفجير.
وإلى جانب تلك الجملة، التي أجمع عليها كل اللبنانيين، كان هناك سؤال آخر يُطرح حول الجيش، فحواه أنه في حال كان قادراً على رعاية ومراقبة عملية توزيع المحروقات ومنع تخزينها، فهل سيكون قادراً مستقبلاً على مراقبة كل القطاعات الطبية والغذائية وغيرها؟ الجواب البديهي حتماً لا.تحت هذا السقف، وخوفاً من الأخطر والأسوأ، تكثفت المساعي في الوصول إلى اتفاق على التشكيل، فخرج الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله بموقف واضح وحاسم، أمس الأول، دعا فيه الفرقاء إلى ضرورة تشكيل الحكومة، وأعطى مهلة 3 أيام لإنجازها. وكان نصر الله يمرر رسائل واضحة إلى الرئيس ميشال عون بضرورة وقف التصعيد وتخفيف الشروط وتوفير الظروف الآمنة لتسلك حكومة نجيب ميقاتي طريقها.والتقت السفيرة الأميركية دوروثي شيا، في مضمون كلامها، مع نصر الله، فدعت إلى ضرورة تشكيل حكومة توقف الانهيار، وتمنع خراب لبنان، ودعت القوى السياسية إلى مجانبة الحسابات الشخصية والمصلحية والحزبية الضيقة. وكانت حركة السفيرة الأميركية لافتة، صباح أمس، بلقائها عون وميقاتي.
وتكشف مصادر متابعة أن السفيرة الأميركية، في اللقاء مع ميقاتي، كانت واضحة حول ضرورة التشكيل، وفاتحها الرئيس المكلف بعقدة مستجدة لديه، وهي أن «حزب الله» يتمسك بوزارة الأشغال، علماً أنها ستكون صاحبة الوصاية على المرافق العامة، وخصوصاً المرفأ والمطار، في حين كانت واشنطن متشددة جداً حول نفوذ الحزب في هذين المرفقين، وطلب ميقاتي إشارة أميركية إيجابية حول منح وزارة الأشغال للحزب. صحيح أنه لم يأخذها بشكل مباشر، لكن مضمون كلام السفيرة الأميركية يشير إلى فتح الطريق أمام تشكيل الحكومة. أما بشأن نقطة أساسية يطرحها عون وتتعلق بإقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومحاسبته، فحاول ميقاتي استشراف الموقف الأميركي، الذي كان قريباً من ضرورة التريث وعدم البت بهذا الأمر سريعاً، فعون يبدو مصراً على تلك الخطوة، وهذا كان مدار بحث مع السفيرة الأميركية. وبحسب مصادر متابعة، فإن هناك من يسعى لتوفير مخرج آمن ولائق لسلامة بدون توقيفه ومحاكمته. وقالت السفيرة الأميركية بعد لقائها الرئيس: «كل يوم يمرّ من دون حكومة قادرة على تنفيذ إصلاحات ينزلق الوضع أكثر، ونعلم أن الشعب لا يستطيع الانتظار، ونحضّ من يواصل عرقلة الحكومة والإصلاح على وضع مصالح الأحزاب جانباً»، معلنة ترحيبها بالعقوبات الأوروبية، «وسنواصل العمل مع شركائنا، والإصلاح لا يحصل من دون حكومة».النية الصادقة لمعالجة بعض التفاصيل، أصبحت قابلة لخلق ظروف تشكيل الحكومة. هذه التفاصيل والخلافات كانت مدار بحث بين ميقاتي وعون، خصوصاً لناحية توزيع الحقائب الخدماتية، بما أن «السيادية» تم الاتفاق على إبقائها وفق التقسيمات السابقة، أي تكون «الخارجية» و»الدفاع» من حصة عون، و»المال» للثنائي الشيعي، و»الداخلية» للسنة وميقاتي. أما الوزارات الأساسية فيستمر العمل على الاتفاق حول آلية توزيعها، إذ إن عون يطالب بوزارات العدل، والطاقة، والتربية والشؤون، بينما يتم البحث عن حقيبة ترضي الحزب التقدمي الاشتراكي، وأخرى ترضي المردة في ظل تمسك «حزب الله» بالأشغال وميقاتي بالصحة. وفي حال عولجت عملية توزيع الحقائب وإسقاط الأسماء عليها، فإن الحكومة يفترض أن تبصر النور خلال أيام قليلة، وعليه تبقى العبرة بالتنفيذ.