بثوبٍ أبيضٍ ناصع وعينين تلمعان شغفاً، يقف الطفل يوسف العلم البالغ سبع سنوات برفقة عمه، أمام المتجر الرسمي لنادي باريس سان جرمان الفرنسي في الدوحة، متأملاً قميص أيقونته ليونيل ميسّي.

عند سؤاله عن ميسي، تتبدّل نبرة يوسف، الخجول، صاحب الوجه المستدير والخدين الممتلئين.

Ad

بيديه الصغيرتين، يُعدّل «العقال» الأسود ليتناسق مع الغترة والقحفية البيضاء، ويؤكّد رافعاً إصبع السبابة «أشجع ميسي أولاً، لأنه أسطورة وشيء غير عادي، ويسجّل الأهداف من كرات ثابتة».

انتقل ميسي «34 عاماً» الأسبوع الماضي بشكل صادم إلى صفوف سان جرمان لموسمين، بعد نحو عقدين مع برشلونة الغارق في الديون والذي لم يجدّد عقده بسبب عراقيل اقتصادية وهيكلية متعلقة بقوانين رابطة الدوري الإسباني.

تتطابق حالة يوسف مع كثيرين من أبناء جيله في قطر، إذ يشير عمّه، محمد العلم «50 عاماً» إلى أن نسبة كبيرة من الجماهير الرياضية تشجع أندية دون أخرى بسبب لاعب معين، متوقعاً أن تتضاعف شعبية سان جرمان في العالم أجمع بعد انضمام ميسي.

يلفت العلم إلى أن فريقه المفضل كان وسيبقى برشلونة «لأن الكيان يبقى الأهم، رحل سابقاً العديد من النجوم مثل رونالدو وريفالدو ورونالدينيو».

ويردف محمد «لكن، كشخص مولود على هذه الأرض يهمّني أن يفوز باريس سان جرمان بلقب دوري أبطال أوروبا لأنه اللقب الوحيد الغائب عن خزائنه».

ظهر الاهتمام القطري جلياً بتوقيع ميسي سواء في الإعلام المحلي والفضائي أو في مواقع التواصل الاجتماعي، أو في المجالس التقليدية، كما شهدت المتاجر الرسمية للنادي الباريسي في الدوحة إقبالاً كثيفاً على شراء قميص ميسي.

ومنذ انتقال ملكيته إلى قطر في 2011، تعاقد سان جرمان مع العديد من نجوم الصف الأول مثل السويدي زلاتان إبراهيموفيتش «2012» والبرازيلي نيمار دا سيلفا أغلى لاعب في العالم «2017»، لكن نسبة المواكبة لم تصل إلى هذا الحد.

وعقب توقيع ميسي، وصفت صحيفة الشرق القطرية رئيس النادي ناصر الخليفي بـ «مهندس الصفقات»، مشيدة بـ «ضربة المعلم وصفقة الموسم».

وتستحوذ أندية ريال مدريد، برشلونة، مانشستر يونايتد، ويوفنتوس على جماهيرية واسعة في قطر، قبل أن ينضم النادي الباريسي نسبياً إلى هذه القائمة منذ انتقال ملكيته إلى شركة قطر للاستثمارات الرياضية.

يفسّر وسام رزق، المدرب الوطني الحالي واللاعب الدولي السابق، الحالة اللافتة بالقول «ترك ميسي بصمة وأثر على أجيال عديدة من محبّي اللعبة، ليس في قطر فحسب بل في العالم أجمع، فهو جوهرة وظاهرة، ومن الطبيعي أن تتضاعف شعبية النادي الذي ينتقل إليه».

يؤكد رزق، الذي تبادل القمصان مع ميسي عام 2011 عندما خسر فريقه السد أمام برشلونة في نصف نهائي مونديال الأندية في اليابان، أن الاهتمام بتشكيلة باريس سان جرمان يعكس الشغف القطري بالرياضة والمكانة التي تحتلها بلاده في كرة القدم العالمية.

وعلى الرغم من تشجعيه لنادي ريال مدريد، يؤكد رزق لوكالة فرانس برس أن «جمالية كرة القدم ستظهر في باريس هذا الموسم».

وفيما يرى رزق، بطل «خليجي 17»، أن المجموعة الحالية قادرة على الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا، يؤكد الإعلامي القطري خالد جاسم لـ «فرانس برس» أن التعاقد مع لاعب بحجم ميسي يتجاوز إحراز الألقاب فقط.

يرى جاسم الذي يتابعه نحو مليون شخص على موقع «تويتر» أن التعاقد مع النجم الأرجنتيني «لم يكن عملية فنية فقط بل جاء بعد تأن ودراسة جدوى».

يلفت أن الاستثمار في كرة القدم الأوروبية يعتبر من أنجح الاستثمارات، مؤكداً أن باريس سان جرمان تحول إلى نموذج يحتذى به وأحدثت خطوته صدمة كبيرة في الشارع الرياضي، خصوصاً أن ميسي ولسنوات طويلة، كان محط اهتمام مختلف الشرائح والأعمار في المجتمع.

يقول «بالتأكيد، كانوا يعلمون في النادي بأنه مُنتج سيحقق الكثير.. أغلب القطريين يميلون لتشجيع باريس سان جرمان، وهذا أمر طبيعي، فأي شيء مرتبط باسم بلادنا سنحبه، وليس فقط نحن بل أي شعب في العالم».

لا ينحصر تأثير تشجيع ميسي على القطريين فقط، إذ يشير قائد المنتخب السوري أحمد الصالح إلى أن «شعبية باريس سان جرمان ستتضاعف عربياً أيضاً، الشعب العربي عاطفي، وغالباً ما يتأثر بلاعب ما، ونذكر جميعاً كيف ارتفعت شعبية يوفنتوس بعد انتقال كريستيانو رونالدو عام 2018»، علماً أن حسابات النادي حلقت على مواقع التواصل الاجتماعي وبلغ عدد متابعيه على انستغرام 47 مليوناً.

وعن الرحلة المقبلة المرتقبة لميسي إلى الدوحة، يقول جاسم «اعتاد باريس سان جرمان سنوياً على إقامة معسكره الشتوي في الدوحة أواخر العام، وقد تكون الفرصة متاحة لحضور ميسي قبل قيادته منتخب بلاده في مونديال قطر 2022».

يسأل «إذا كانت الجماهير العربية تأتي لحضور معسكرات بايرن ميونيخ في أسباير، فما بالك اليوم إذا حضر ميسي؟».

وجرت العادة في العقد الأخير أن يقيم ناديا بايرن ميونيخ وباريس سان جرمان معسكراتهما الشتوية في أكاديمية أسباير.

بعينين بارزتين، يبتسم يوسف العلم مجددًا عند سماعه باحتمال حضور النجم الأرجنتيني إلى قطر، يتمتم بصوت خافت،«لأنني أحبّ الكرة، وإن شاء الله عندما أكبر سأصبح مثل ميسي»، يطمئنه عمه محمد «ميسي سيأتي قريباً»!