«الحل والربط» في عالم التحليل السياسي
من الملاحظ أن أدوات التحليل السياسي نسيها أو تناساها أهل الحل والربط في عالم السياسة وابتعد عنها المحللون السياسيون لأسباب قد تكون جائحة فيروس كورونا على رأسها.
تصدرت أنباء أفغانستان الصحف ونشرات الأخبار وتشتت الأنظار بين الوضع الإنساني والحقوقي والسياسي وعمت الفوضى، فمن المحللين من تفاجأ بالخبر ومنهم من عاد إلى الأدوات التحليلية التي ارتبطت بأحداث أوائل الألفية الثانية وأحداث الحادي عشر من سبتمر آنذاك وتداعياتها، لذا استدعت باعتقادي الحاجة إلى إعادة تفعيل دور الدراسات الاستشرافية التي كان لنا دور في السابق في المشاركة بها تحت مظلة مؤسساتنا الأكاديمية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر مركز الدراسات الآسيوية بجامعة الكويت، وهنا أتساءل: أين دور المركز في تقديم دراسة تحليلية حول الوضع في أفغانستان؟ ولم لا نجد إلا المانشيتات التي تتصدر صحفنا المحلية؟وفي نظرة سريعة إلى بعض أدوات التحليل السياسي المعروفة التي لا تخلو منها كتب العلاقات الدولية، والتي أحرص على الاستناد إليها وسط الأحداث، فإن أداة التحليل الأولى تستند إلى منهج التاريخ الدبلوماسي ورصد الأحداث السياسية دون الاهتمام بالتطورات الاقتصادية والاجتماعية، أما الأداة الثانية فهي الاستناد إلى المنهج الأيديولوجي في تفسير الأحداث، والأمثلة الكلاسيكية المعروفة من خلال الدول التي ارتبطت أنظمتها بالصراعات الطبقية، أما الأداة الثالثة فهي القوى الكبرى، ففي كل مرحلة نتابع هيمنة قوة كبرى على الساحة أو«شبكة» من الدول إحداها مهيمنة على المجموعة.والأداة الرابعة هي الفترات التاريخية وتتضمن تعزيز دور التاريخ في قراءة وتحليل الأحداث بالإضافة إلى التاريخ العالمي للأنظمة الدولية، والذي يشمل نظرية العلاقات الدولية.. وهناك أدوات أخرى كالواقعية والمثالية والتحليل الكمي الإحصائي، وهو الذي غاب عن الدراسات بسبب عزوف المحللين السياسيين والباحثين لارتباطه بالإحصاء والأرقام، وقد شعرنا بندرتها في الدراسات الخاصة بالمرأة وتمثيلها البرلماني حيث أقبلت الأغلبية على تفسير العقبات التي حالت دون وصول المرأة إلى المناصب القيادية والبرلمان، مستندة إلى التفسيرات الاجتماعية ومتناسية الأدوات الاستقصائية والإحصائية.
ما سبق أخي القارئ لم يكن إلا لمحة من أدوات التحليل السياسي التي نسيها أو تناساها أهل الحل والربط في عالم السياسة وابتعد عنها المحللون السياسيون لأسباب قد تكون جائحة فيروس كورونا على رأسها.