بعد فزعة وزير التجارة لصوت التطرف، وسرعة استجابته بإزالة مجسمات من بعض المجمعات التجارية، ضارباً عرض الحائط بما يمنحه الدستور والقانون من حرية المواطن، وغاضاً الطرف عما يحدث في وزارته من تجاوزات، انتفض عدد من القوى الوطنية في وجه تلك الرجعية والمستجيبين لها أو الخاضعين لضغوطها.

وقال الأمين العام للتحالف الوطني الديموقراطي بشار الصايغ، إن الإجراءات التي قامت بها وزارة التجارة في الآونة الأخيرة، سواء بغلقها أحد المعاهد الرياضية أو ما حدث مع أحد المحلات أو المجمعات، تمثل محاولة لإخفاء فشل الوزارة وقيادييها، بمن فيهم الوزير، في أداء مهامهم الحقيقية.

Ad

وأضاف الصايغ أن «التجارة» يفترض أن تقوم بالاقتصاد الوطني خاصة بعد الظروف التي مرت بها الكويت والعالم إثر جائحة كورونا، «لكن في المقابل نرى أن هناك ضعفا ولا مبالاة وعدم اهتمام بإعادة بناء التجارة في البلاد، سواء فيما يتعلق بالتجارة الداخلية وتطويرها، أو حتى العلاقة مع دول العالم والتجارة العالمية».

وأوضح أنه كان من الأجدى بالوزارة، إذا كانت تعتقد أنها قادرة على فرض الوصاية الدينية على المجتمع، أن تفرض الوصاية الصحيحة داخل جهازها، «فنحن قبل فترة تابعنا واستمعنا إلى حجم التجاوزات في وزارة التجارة، خصوصاً في مكتب وزيرها، إضافة إلى ما يتعلق بمستشارين وموضوع القسائم الصناعية»، متسائلاً: «أين الوزارة من كل شبهات الفساد هذه، أم أنها قادرة فقط على إزالة مجسم في أحد المجمعات والتفاعل معه سريعا؟».

وأكد أن ما قامت به «التجارة» بهذه السرعة في هذا الشأن يعد إهانة للمجتمع، لافتا إلى أن «مجتمعنا اليوم فاهم وواع، ولن يفكر أنه يعبد تمثالاً موضوعاً في مجمع، فعبادة التماثيل انتهت ولم تعد موجودة في مجتمعاتنا العربية والمسلمة، لكن إثارة هذا الأمر بين فترة وأخرى يعد إساءة للمجتمع، واستخفافاً بفهمه وعلمه وقدرته على استيعاب التطورات والأحداث التي تحدث حوله».

وتابع: «لا أعتقد أن الحكومة ستتوقف عند هذه الحادثة، بل ستكرر الكثير من الحوادث المشابهة، خصوصاً في ظل ما نراه من متغيرات أخيرة تحدث في العالم، ويبدو أن هذه المتغيرات شجعت الصوت المتطرف في الكويت، ليظهر من جديد على الساحة، ويرفع من سقف مطالباته، وسقف رقابته على المجتمع».

وأكد الصايغ أن «المجتمع المدني في الكويت، المعروف بحب الانفتاح وثقافته العالية، إذا لم يتحرك لمواجهة هذه الخطوات وهذا النوع من الأفكار التي كنا نعتقد أنها انتهت فسنكون أمام موجة أخرى من التطرف الديني في الكويت».

من جهته، أعرب الأمين العام المساعد للمنبر الديموقراطي الكويتي فهد بن ثاني عن أسفه الشديد على ما قام به وزير التجارة، استجابة لدعوات مجموعة سياسية أو قوى اجتماعية، وصفت هذه المجسمات بـ «الأصنام» بحيث بدا الأمر كما لو «لم نكن في القرن الـ 21، بل نحن نعيش في الماضي السحيق».

وقال بن ثاني إن هذا المجتمع جُبِل على التعاطي مع جميع الحضارات دون أن يتاثر بها، «ونحن نرى ذلك يومياً بدليل أن أحداً من أبناء الكويت حين يسافر إلى الدول الأوروبية لا تمس مشاعره حين يرى تمثالاً بالشارع أو بالمعارض، أو في أي مكان»، غير أن هناك إصراراً من هذه الجماعات على أن مثل تلك المجسمات، التي تتناسب مع بعض المشاريع التجارية أو الفنية وغيرها، من شأنها أن «ستمس ثقافتنا وديننا».

وأضاف أن بلادنا ديموقراطية ودولة قانون، يجب أن تعزز فيها قيم القانون والضمانات الدستورية لكل من يريد أن يمارس أفعالاً وفق هذه الآداب والأطر، لكن الحكومة لا تحمي مثل هذه الضمانات وهذا مؤسف «وعندها استعداد أيضاً أن تقوم بهذا الدور مرة ومرتين وثلاثاً»، مؤكداً أن «هذا ما سيحدث في المستقبل القريب، وكأن الحكومة تقوي هذه الجماعة الرجعية المتطرفة وتجرئها على الدولة، مع أنها أقلية، ولا يمكن للمجتمع أن يتبنى أفكارها في كويت القرن الـ 21».