اللقاء الذي جمع سمو رئيس مجلس الوزراء بالطلبة المتفوقين من خريجي جامعة الكويت قبل أيام كان مميزاً بالحديث والكلام المعسول الذي نتمنى جميعنا تحقيقه، ففي هذا اللقاء الذي ينوي من خلاله رئيس الوزراء تحقيق الأحلام أصبحنا نصاب بأرق شديد حين نسمع بها، لأننا شبعنا من وسائد الأحلام المتعددة والمتمددة التي تتكرر كل مرة لحديث مللناه كثيراً وصور جمالية رُسمت في الخيال.

فيا سمو الرئيس: إن هذه الأحلام المتوالدة والمكبلة تحت غطاء «سوف نعمل، سوف ننجز، سوف ننتهي، سوف نحقق، سنعمل على تحقيق الحلم»، وغيرها لم تكن وليدة اليوم، بل هي امتداد لسنوات نسمع عنها ولم نشاهدها، وأتمنى ألا يصبح وباء كورونا إحدى الشماعات التي اعتدنا سماعها لتبرير الإخفاقات، أو عدم تعاون السلطة التشريعية معكم لأن المجالس السابقة منذ عام 2012 كانت أكثر مواءمة وتودداً مع سلطتكم الموقرة.

Ad

منذ أن أطلقنا أحلامنا قبل عشرين عاما أو أكثر ونحن ما زلنا «مكانك راوح» و«على طمام المرحوم» لم نتقدم خطوة واحدة، لأننا ما زلنا في بداية الحلم ولم نصل حتى منتصفه، في حين نامت دول الجوار وحلمت واستيقظت ونفذت وها هي تطلق مشاريعها وتسبقنا ونحن ما زلنا متأخرين.

سمو الرئيس: هل تعلم أننا ما زلنا نعاني ويلات الحصى المتناثر وما ترتب عليه من شوارع مكسرة في مناطق يفترض أنها متطورة ونموذجية حتى بتنا نزور شركات الصيانة أكثر من منازلنا؟ فأي حلم سنبدأ به ونحن نشاهد معركة طاحنة في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتعطيل الجلسات قبل ختام دور الانعقاد الحالي حتى أصبحت مصالح الناس معلقة؟ وإذا كان التبرير هو النواب الذين جلسوا في مقاعد الوزراء فهو غير منطقي لأنه كان بإمكانكم تفويت الفرصة عليهم والجلوس في أي مقعد طالما هناك من يريد العمل والإصلاح، كما حدث في جلسة الميزانيات التي مررت في دقائق معدودة.

سمو الرئيس: الكلام المرصع بالألماس كثير، لكننا لا نزال نهوي في مطبات لا نعرف مستقرها، وإلى أين ستنتهي بنا في ظل دوامة الأحلام ونحن نتحسر في كل يوم، في حين نشاهد دول الجوار من حولنا تقفز بخطواتها عبر إطلاق مشاريعها دون الالتفات إلى الوراء.

إن العمل الحقيقي والإنجاز الفعلي والواقعي لا يتوقفان على حلم بقدر سرعة الانتهاء من المهام الموكلة إلى جهات التنفيذ ومحاسبة غير الملتزمين بالمدة المقررة للإنجاز، وعلاج جذري لشوارع تفشت فيها الرمال المتحركة التي أصبحت تغطي نصف الحقيقة الغائبة عن البعض ممن يشاهدون بعين واحدة، وذلك خوفا من أن تتبخر أحلامهم أمام عجز في الميزانية أو قضايا فساد جديدة أو تناحر أصحاب المصالح في شفط المناقصات، والمواطن هو من يدفع الضريبة التي شاء أم أبى هي حاضرة، ولكن بغطاء من حرير.

سمو الرئيس: أتمنى أن تصل الرسالة واضحة حتى لا نغرق في شبر ماء، أو نسقط في حفرة بشارع معاناته تجسد آهات سنوات، ونحن لا نزال في بداية الطريق، وأن يصبح الإصلاح أولى خطوات الانطلاق ليصبح الحلم حقيقة، ويتلاشى السراب الذي نعيشه، وتتبدد الأوهام ليكون الغد حاضراً أمامنا بصورة أجمل.

● د. مبارك العبدالهادي