الدور الرابع... المشكلة بالطول والعرض
لا شك في عدم وجود حل يلوح في الأفق لحل معضلة الأزمة السكانية في الكويت، وهذا اليقين من عدم وجود حلول عملية كان سبب فقد الكثير من الأسر الكويتية الأمل في إيجاد «بيت العمر» في المستقبل القريب، وهذا يرجع لعدة أسباب، أهمها عدم ربط الحكومة بين المعطيات التي بين يديها ومشاكل وهموم المواطن الحقيقية، فالحكومة تتصرف وفقا للمعطيات المتاحة فحسب، دون محاولة تطويع تلك المعطيات للمرور بمنحنى المواطن.وعلى الرغم من موافقة المجلس البلدي على اقتراح أحد أعضائه «أحمد هديان العنزي»، في شأن السماح بزيادة نسبة البناء في القسائم دون 375 مترا، والمتمثل بالسماح ببناء الدور الرابع فإن القرار مرهون بموافقة وزير الدولة لشؤون البلدية، ووزير الدولة لشؤون الإسكان والتطوير العمراني «شايع الشايع»، وما بين حالتي الرفض والقبول لذلك القرار، فمع شديد الأسف رجحت كفة الرفض، وهذا لأسباب منطقية مجردة، ولا تنحاز لأحد، وأسباب فنية بحتة، وتخص صميم المجتمع الكويتي.على صعيد معسكر الرافضين للقرار فقد لاقى القرار الكثير من الامتعاض والنكران، نظرا لعشوائيته بعض الشيء، أو لعدم دراسته دراسة كافية، باعتبار أن القرار ترقيع للأزمة لا حل لها، في ظل نقص المساحات السكنية والعمرانية، وهو ضد طبيعة خصوصية المجتمع الكويتي الذي تعود على الخصوصية والأمان، والسكن المستقل الذي لا يشاركه فيه أحد، ولا يسكن مع أحد بطبيعة الحال.
وأخطر ما في الموضوع البنية التحتية من كهرباء وماء وصرف ومرافق، كيف نزيد الضغط على قسائم ومناطق بنسبة 25% جملة واحدة، باعتبار أن الدور الرابع يمثل 25% زيادة سكانية على خطوط الكهرباء والماء والصرف الصحي والمرافق نفسها، والحدائق والطرق والمداخل والمخارج، وهو ما يعتبر قنبلة موقوتة لا يشعر بها أحد الآن، ففي غضون بضع سنوات لن تجد لابنك مقعداً في مدرسة نظراً لتكدس الأعداد، ولا سرير في مستشفى في منطقتك. والأمر الخطير الآخر هو، ما الضمانات من استفـــادة الشباب الكويتيين من تلك القرارات، لا سيما أنها تصب في مصلحة تجار العقارات الذين يؤجرون البيوت للعزاب والوافدين، في الوقت الذي تقوم ضبطيات الكهرباء بمطاردة شقق العزاب، وقطع التيار عليهم ومخالفتهم، فهل نفتح بابا آخر لتجار العقارات لاستنزاف الشباب الكويتيين من جديد؟! وهناك الكثير من أسباب الرفض، لكن تلك كانت أخطرها. وعلى الصعيد الآخر وفي معسكر الموافقين للقرار كانت أسباب موافقتهم بطعم الأمر الواقع (مجبر أخاك لا بطل)، ومن تلك الأسباب وأهمها االتغلب على مشكلة قلة أراضي البناء عن طريق إنشاء وحدات سكنية عمودية قريبة من المواقع الحيوية والخدمات العامة، في ظل طول فترة الانتظار للبناء الأفقي في القسيمة التي تمتد إلى سنوات طويلة، كما هو حاصل حالياً، كما أنه سيخفف العبء عن كاهل غالبية المواطنين الذين أنهكتهم الإيجارات، وبالتالي قد يجدون منها الخيار الأفضل والأسرع للاستقرار بدلاً من مواصلة الصبر للحصول على بيت العمر المنتظر.ختاماً نقول: إذا كان هذا القرار في حيز التنفيذ فلا بد من مراعاة بعض الشروط، وهنا نقدم اقتراحات أيضاً، وهي مراعاة أن يكون سردايب السيارات في دور تحت الأرض، لتخفيف ضغط السيارات على الشوارع، وهذا بالطبع ينطبق على القسائم التي ستبنى لاحقا، كما هو متبع في العمارات في المناطق الاستثمارية والتجارية، وهنا نقترح أيضا، بل نطالب المهندسين العقاريين أن يدركوا الأمر في مهده، وأن يقدمون اقتراحات تنقذنا فيما بعد من الخنقة المرورية والمعيشية، بل الصحية أيضا، كما نريد من جميع المهندسين في مختلف القطاعات أن يحسبوا للأمر حسبته، وإنقاذ المرافق في المستقبل من الانهيار، فهذا القرار يعتبر نقطة تحول جوهرية في التركيبة السكانية في الكويت لعقود قادمة.اللهم إني بلغت... اللهم فاشهد.