قال تقرير "الشال" الأسبوعي، إنه منذ سبعينيات القرن الفائت، وأهم أهداف التنمية في الكويت تنحصر في اثنين، تنويع مصادر الدخل، والنهوض بالتعليم وربط مخرجاته بمتطلبات سوق العمل، والواقع، إن تحقق هذان الهدفان، يعني ردم كل فجوات الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد.

حديثاً، حسب التقرير، وفي الخطة الخمسية 2010/2014، سطرت أهداف إصلاح اقتصادي ومالي تفصيليين، ونالتا موافقة نيابية بالإجماع، وتكرر ضمنهما التشديد على نفس الهدفين.

Ad

في التفاصيل، عندما انهارت أسعار النفط في خريف عام 2014، وكان حريق المالية العامة الأول، تبنت وزارة المالية أهدافاً مماثلة، وإن بكلمات أخرى، وكانت نفس الأهداف التي سوقت بها لاحقاً طلب الاقتراض من السوق العالمي، كانت تلك الأهداف، تنويع الإيرادات العامة، ضبط وترشيد الإنفاق العام، رفع كفاءة ما لم يتم ترشيده من تلك النفقات، وكان حجم نفقات ميزانية 2015/2016 نحو 18.2 مليار دينار، وارتفع بنحو 4.8 مليارات دينار أو بنحو 26.4 في المئة ليبلغ حجمها المقدر للموازنة الحالية 2021/2022، نحو 23 مليار دينار.

والأسبوع الفائت، وفي ظهور محمود لرئيس الوزراء الكويتي أمام طلبة جامعة الكويت المتفوقين، كرر نفس الأهداف، أو تنويع مصادر الدخل وضبط النفقات العامة بدءاً بالبيت الحكومي، وضرورة ربط مخرجات التعليم بمتطلبات سوق العمل، تبعه مباشرة في رد على سؤال نائب، إشادة وزير المالية بأهمية ما تبنته الحكومة الحالية في برنامجها من أجل إصلاح الاقتصاد والمالية العامة، ملخص تلك الأهداف، كان، إعادة هيكلة القطاع العام، وتطوير رأس المال البشري، أي ربط المخرجات والتدريب والتعليم بمتطلبات سوق العمل.

عزز توجه الاثنين قرار لاحق لمجلس الوزراء بخفض نفقات الموازنة الحالية بـ 10 في المئة على أقل تقدير، أي إن الحساب الختامي للسنة المالية الحالية لن تتعدى نفقاته 20.7 مليار دينار.

الأهداف لم تتغير، وهي أهداف صحيحة ويجب ألا يثور خلاف حولها، لكن، النتائج حتى قراءة الحساب الختامي للسنة المالية الفائتة، وحتى أرقام ومكونات موازنة السنة المالية الحالية وما طرأ عليها من اعتمادات إضافية، وحتى قرارات الأسبوع الفائت لمجلس الوزراء حول زيادات الرواتب والبدلات والمكافآت، نتائجها معاكسة للمستهدف، اقتصادياً ومالياً.

من جانب أخر، حتى نتائج الثانوية العامة الأخيرة التي نجح فيها نحو 97 في المئة من المتقدمين لها، وبتفوق، رغم إقرار الحكومة ببرنامجها الحالي بأن التعليم في الكويت متخلف 4.8 سنة، أيضاً جاءت معاكسة للمنطق وللأهداف المعلنة، إنها سياسة الفعل نقيض القول.

ومن دون أي تشنج سياسي، فالبلد ومصيره أهم بكثير، لا بد من تشخيص دقيق لأسباب الإخفاق المتوارث حتى نعرف مكمن الخلل ونعالجه، ونتجنب البديل، والبديل هو أن الوقت يمضي إن كررنا تصديقنا لتلك الوعود، بما يجعل تكاليف الإصلاح غير محتملة، أو حتى غير ممكنة.

ونحن نعتقد، بأنه لا حاجة لنا لتكرار تلك الأهداف الصحيحة، فالنتائج وفقاً "لأينشتاين"، لن تتغير إن أوكلت إلى صانع المشكلات مهمة حلها، ونعتقد، أن مؤشر الإصلاح الحقيقي سوف يأتي من مراقبة التعيينات المهمة القادمة في كل مناصب الإدارة العامة، مجلس الوزراء أو ما دون، فإن جاءت تلك التعيينات من دون نظر إلى عامل الجينات أو الانتماءات العصبية الصغيرة، ووفقاً للقدرات، سيكون ذلك مؤشراً حاسماً على فهم متطلبات الإصلاح وأملاً كبيراً بتحققه، فتلك النوعية من البشر قادرة على صياغة أهدافها وتنفيذها، وما لم يحدث ذلك، لا أمل في إصلاح.

في عام 1965، انفصلت سنغافورة عن اتحاد ملاوي، كانت تعاني من ضيق المساحة، وتنافر عرقي وديني ضمن سكانها ومع جوارها، كانت مجرد مدينة صغيرة بلا موارد، تناوب على احتلالها وتدمير بناها الفوقية والتحتية، احتلال بريطاني منذ بدايات القرن التاسع عشر، لحقه احتلال ياباني شرس خلال حقبة الحرب العظمى الثانية، ثم عاد إليها احتلال بريطاني جديد.

وتسلم إدارتها "لي كوان يو"، لم ينجح في الارتقاء بها إلى أعلى مستويات الدخل وأفضل مستويات التعليم في العالم فقط، إنما جعل من قصة نجاحها عاملا أساسياً في صهر الاختلافات الدينية والعرقية ضمن تركيبتها السكانية، والإدارة وحدها كانت عنصر القوة في نهضة الألمان واليابانيين، واستنساخ تجربة "لي كوان يو" هو ما صنع معجزة ماليزيا "مهاتير"، والإدارة فقط هي ما تفتقر إليه الكويت لتنهض، والإدارة في الكويت تتدهور بمرور الزمن.