الزلازل السياسية القادمة
منذ أسبوعين كتبت التغريدة التالية: «الأشهر القادمة ستشهد المنطقة الممتدة من أفغانستان حتى شرق وشمال إفريقيا زلازل سياسية وجيولوجية وستتأثر بها المنطقة العربية... الله يستر». لم يمر أسبوعان حتى رأينا انسحاب القوات الأميركية المفاجئ من أفغانستان وعودة حركة طالبان التي حلت مكان السلطة السابقة، وسيطرت على البلاد بدون استخدام القوة على غير المتوقع، فالتغير السياسي في أفغانستان صاحبه الهلع بين الناس وهرب أركان السلطة السابقة، وعمت الفوضى وخصوصاً في منطقة مطار كابول (المسمى مطار حامد كرزاي) حيث تسابق الناس للحاق بالطائرات الأميركية التي حملت الكثير من الأفغان، حتى أن بعضهم ركبوا على أجنحة الطائرة في مشهد يماثل ما نراه في الأفلام، لأنهم للأسف الشديد والمؤلم كانوا يريدون الفرار بأي طريقة فدفعوا حياتهم ثمنا لما حصل، وهذا منظر لم نشاهده حتى أثناء الحرب الأميركية على فيتنام. هذه المناظر لا شك أن كل إنسان شاهدها اقشعر بدنه، لأن أناسا فقدوا حياتهم هربا من الجحيم، فالزلزال السياسي الذي ضرب أفغانستان سيكون له ارتدادات كبيرة وخطيرة على الوضع الأمني في المنطقة المحيطة بأفغانستان وسيتعداها إلى مناطق أخرى قد تشمل منطقتنا العربية حتى شرق وشمال إفريقيا، فقد أصبحت سيطرة طالبان على السلطة في أفغانستان حقيقة على الأرض، وتبين فشل السياسة الأميركية كما هي الحال في حرب فيتنام في حقبة الستينيات.
على العالم أن يدرك أن أي حرب تدور رحاها في أفغانستان هي حرب خاسرة، لأن الأفغان الحرب مهنتهم وهوايتهم، ومن يقرأ تاريخهم يعرف ذلك، وعلى الأفغان أن يحكموا بلادهم بأنفسهم دون تدخل خارجي، وهناك من يريد أن يستفيد مما حصل في أفغانستان، خصوصاً الدول الكبرى المحيطة بها كالصين وروسيا وباكستان والهند وإيران، وستعمل مخابرات هذه الدول عملها لمحاولة التدخل في شؤون أفغانستان الداخلية، كما أن دولا أخرى محيطة بأفغانستان تنظر إلى ما حدث فيها بحذر وخوف على أمنها وسيادتها، لا سيما الدول التي ينحدر منها بعض مكونات المجتمع الأفغاني مثل أوزبكستان وطاجيكستان وباكستان وحتى إيران. تلك المنطقة التي حدث فيها الزلزال السياسي الذي سيكون له ارتدادات مثل الزلزال الجيولوجي الذي يضرب المنطقة بين فترة وأخرى، تثير التساؤل حول تأثير الوضع في أفغانستان على المناطق المجاورة، خصوصاً المنطقة العربية وما يجاورها من دول إفريقية، لا سيما في شرق وشمال إفريقيا، ولكن ذلك سنسلط الضوء عليه في مقال قادم، والله يستر من الأحداث في الأشهر القادمة... وللحديث بقية.