أي مراقب للوضع السياسي في البلاد يدرك أننا مقبلون على تشكيل حكومة جديدة، والسؤال: هل تكون حكومة مختلفة تعتمد على تغيير حقيقي بشكل أو بآخر أم ننتظر أن تعيد الحكومة إنتاج نفسها بنفس النهج ونفس الأشخاص ولو اختلفت قائمة الأسماء قليلاً؟ما يدفعنا لهذا التساؤل هو الطريقة التي تُدار بها الأمور، وكأن الكويت بما تمتلكه من طاقات كبيرة ومن شباب لديهم الكفاءة والمقدرة والشهادات العالية، موقوفة على عدد محدود من الأسماء يعاد تدويرها دائماً لتظل في مواقع المسؤولية بصرف النظر عن إنجازها أو أحقية غيرها بهذه المناصب.
الحكومة دائماً ما تبحث عن نفس الأسماء ــــ ولا داعي لذكرها فهي على كثرتها معروفةـــ فتعيّن هذا وزيراً، ثم إذا خرج من الوزارة تعطيه مؤسسة، وتالياً تسلمه هيئة عامة، أو تعيّنه في مجلس إدارة، وكأن المناصب الحكومية نوع من المكافآت ينالها البعض، وفرصة لتكريم هذا أو ذاك. فهل هي حسبة؟ أم توزيع أدوار؟ أم رغبة حكومية متأصلة بعدم الإنجاز؟ أم نوع من احتكار المناصب؟ مع أن هؤلاء الذين تعيد الحكومة تكريمهم نالوا فرصتهم... بعضهم قدم ما قدم، وغالبيتهم لم ينجزوا شيئاً يذكر خلال فترات توليهم، وحتى لو افترضنا جدلاً أن بعضهم مستحق فهناك الأكثر استحقاقاً، ناهيك عن أن مؤسسات الدولة تحتاج دائماً إلى فكر جديد ودماء جديدة وهو ما تحرص عليه كل دول العالم لتحقيق التقدم ومواكبة الحياة.ما يحصل يترك نوعاً من الإحباط عند غالبية أفراد المجتمع ممن يعتقدون أن لهم الأحقية، وبالفعل لهم الأحقية، فكثير من الكفاءات وأصحاب الشهادات العالية يشعرون بالتهميش والإقصاء ولا ينالون فرصتهم لخدمة بلادهم.نحن لا نتحدث هنا عن تدوير المناصب بين أفراد المجتمع؛ اليوم زيد وغداً عبيد، لكن هذا لا يعني أن أسماء محددة هي التي تتبوأ المسؤوليات دائماً، فالكويت ولّادة مواهب وكفاءات، والتغيير والتجديد سُنة الحياة وأقصر الطرق إلى التقدم والمواكبة.ونتيجة لهذه السياسة غالباً ما يحدث التخبط، وحدث أكثر من مرة أن تم تعيين أشخاص لديهم مشاكل سياسية أو جنائية، أو شخصيات لا تحظى بقبول مجتمعي. ولذلك آن الأوان لأن يكون هناك معيار موضوعي لاختيار القياديين في مؤسسات الدولة، وهذا يستدعي اعتماد سجل معلومات لكل المسؤولين يبين مؤهلاتهم وإمكانياتهم، الأمر الذي يسهّل عملية الاختيار ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، لتكون النتيجة نجاح القيادي في أداء مهامه.من الواضح أننا ذاهبون نحو تغيير حكومي كما أسلفنا، وعلى الحكومة أن تقرأ نتائج الانتخابات جيداً إذا أرادت أن تكون متوافقة مع الإرادة الشعبية التي تؤمّن لها النجاح والاستقرار، أو على الأقل إدراك هذه النتائج ومراعاتها والاسترشاد بها، وفي حال تم التغيير الحكومي ستكون الحكومة الثالثة خلال فترة قصيرة، وهي فرصة لحلحلة الأمور وتأمين المناخ الإيجابي الذي يؤمّن انطلاقة العمل الحكومي والبرلماني، فالشعب الكويتي مازال ينتظر إرادة سياسية جادة تُخرج الكويت من الاستعصاء الحاصل، وتعطيه الأمل في الاستقرار والإنجاز."Catalyst" مادة حفازة:لا تنمية + لاعدالة = هذا ولدنا
أخر كلام
حوار كيميائي: هذا ولدنا... كيفنا!
22-08-2021