خاص

فورة «الصخري» وانتشار «دلتا» ضغطا على أسعار النفط

● نفطيون لـ الجريدة•: الإغلاقات الجديدة وقيود السفر أدتا إلى تباطؤ استهلاك الوقود
● قرارات «أوبك» الأخيرة بزيادة الإنتاج 400 ألف برميل يومياً ستؤثر مباشرة وسلباً على الأسعار
● الأسعار شهدت تقلباً بصورة عنيفة بعد وصولها آخر مايو إلى 78 دولاراً
● هناك من يلوح لمؤتمر غلاسكو في نوفمبر لمناقشة فرض عقوبات وضرائب لعرقلة تمويل «الطاقة الأحفورية»

نشر في 23-08-2021
آخر تحديث 23-08-2021 | 00:05
أستاذ هندسة البترول في جامعة الكويت د. أحمد الكوح - الخبير والاستشاري النفطي د. عبدالسميع بهبهاني - الخبير النفطي د. خالد بودي - الخبير النفطي الإماراتي د. علي العامري
أستاذ هندسة البترول في جامعة الكويت د. أحمد الكوح - الخبير والاستشاري النفطي د. عبدالسميع بهبهاني - الخبير النفطي د. خالد بودي - الخبير النفطي الإماراتي د. علي العامري
قال خبراء نفطيون إن زيادة إنتاج منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) مؤخراً قابلها ضعف في الطلب، لأن الاقتصاد الصيني الأكثر طلباً على النفط أصيب بالبطء مقارنة بالتوقعات العالمية، موضحين أن ذلك يرجع إلى أن المتحور الهندي من فيروس كورونا المعروف بـ «دلتا» قد دخل إلى دول عدة في العالم، خصوصاً بعد بدء عودة النشاطات الاقتصادية.

وأضاف الخبراء، في تحقيق أجرته «الجريدة» حول الانخفاض الحالي لأسعار النفط، أن هناك تراجعاً في استهلاك الوقود مع ظهور المتحور «دلتا»، الذي أدى إلى إغلاقات جديدة في بعض البلدان؛ تخوفاً من تفشيه، لاسيما أنه سريع الانتشار.

وأشاروا إلى أن هناك عوامل أخرى لها تأثير كبير على هبوط أسعار النفط بعيداً عن العرض والطلب، ومنها على سبيل المثال سعر الدولار، موضحين أن «أوبك» لن تتحرك إلا إذا كانت هناك أسعار منخفضة لبرميل النفط دون 50 دولاراً.

وأضافوا أن من هذه العوامل أيضاً، الارتفاع الذي طرأ على أسعار الخام في الأشهر الماضية دون بوادر حقيقية تعكس مدى تعافي الاقتصاد العالمي، وكذلك المضاربات في أسواق النفط العالمية، فضلاً عن الفورة في سوق النفط العالمي، الذي تتمثل في عزم بعض شركات النفط الصخري الأميركية على البدء في زيادة الإنتاج.

وأوضحوا أنه حدث تباطؤ في أنشطة الصناعات التحويلية والاقتصادية في الولايات المتحدة والصين، إضافة إلى إعلان إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن مخزونات الخام ارتفعت 3.6 ملايين برميل على نحو غير متوقع الأسبوع الماضي، مما انعكس بشكل سلبي على الأسعار. وفيما يلي التفاصيل:

قال الخبير والاستشاري النفطي د. عبدالسميع بهبهاني، إن أسعار النفط شهدت تقلباً بصورة عنيفة بعد أن كانت قد وصلت في آخر مايو الماضي إلى 78 دولاراً، ثم هوت إلى 68 دولاراً في منتصف يوليو، ثم ارتفعت مرة أخرى في أغسطس إلى 76 دولارا، والآن انخفضت إلى 65 دولاراً، متوقعاً أن تستمر هذه التقلبات بين 5 و8 دولارات حتى نهاية العام الحالي، مما قد يجهض التوقعات لسعر البرميل على المديين القريب والمتوسط.

تقديرات متفاوتة

وأضاف بهبهاني أن ذلك جعل المؤسسات الاقتصادية والمالية تتفاوت في تقدير الأسعار المستقبلية بين الـ 65 و100 دولار، لافتا إلى أن هذا الفارق الكبير في توقعات الاسعار المستقبلية للنفط هو نتيجة القلق المصاحب من نقص المعروض والزيادات الإضافية للإنتاج، ومن ثم مدى انضباط تحالف «أوبك بلس» فيما يخص توقيت وكمية زياده الإنتاج، فهناك عامل مصاحب لذلك، وهو متحور «دلتا» الذي يعد عائقاً فجائياً غير متوقع يشكل أيضاً عائقاً للنمو الاقتصادي.

وأوضح بعض المؤثرات الأساسية لهذه المخاوف، والتي منها النمو الصيني، الذي انخفض في الربع الثاني عن الربع الأول لهذا العام، وكذلك ظهور قوانين جديدة تقيد حركة المصافي النفطية وحريتها في الاستيراد، حيث كانت هناك ملاحظات سجلت انخفاضا في حركة الموانئ بمواقع تحميل النفط، وإصدار قوانين جديدة في الاحتكار والاستثمار في التكنولوجيا، ومحاولة وضع قيود وانضباط لاستثمار الولايات المتحدة في بعض الشركات الصينية، لافتا إلى أنها عوامل تنظيمية طبيعية، لكن تكدسها في التقارير الاقتصادية ضخَّم أثرها النفسي.

مؤثرات أساسية

وذكر أنه من الجانب الأميركي ظهرت مؤثرات أساسية مهمة، فهناك مشروع الإدارة الأميركية لتطوير البنى التحتية، الذي رصدت له 550 مليار دولار، وظهر هذا المشروع الضخم في وقت يعاني الاقتصاد الأميركي ظروف الغلاء، ونقص القدرة الشرائية، وارتفاع أسعار الوقود، وارتفاع الدولار، الأمر الذي جعل الرئيس الأميركي يطلب بشكل علني من تحالف «أوبك» زيادة إنتاج النفط بوتيرة أسرع، حتى تنخفض أسعار الطاقة، التي ستلعب دورا أساسيا في هذا المشروع الضخم، الذي يحتاج إلى طاقة أرخص من المتوافرة حاليا.

وتابع: «كذلك الاقتصاد العالمي لايزال يعاني الإغلاقات الفجائية، نتيجة انتشار متحور فيروس دلتا، كما تظهر أيضا بين فترة وأخرى تقارير ضاغطة شعبيا للتغير المناخي والإلحاح للتوجه للطاقة الخضراء أو المتجددة، حيث المبالغة والتضليل في تحليل الكوارث التي تحدث هنا وهناك، ومن ثم تخبط معرقل للنمو الاقتصادي العالمي».

وعرج بهبهاني إلى مشروع تصفير الاستهلاك النفطي والاستكشافات النفطية، واصفاً إياه بالمشروع المتقلب، الذي أعلنت عنه وكالة الطاقة الدولية ابتداء من النصف الثاني من هذا العام، ثم تراجعت عنه، وطلبت من «أوبك» زيادة الإنتاج، لمواكبة النمو العالمي للاقتصاد.

وقال إن هناك مَن يلوّح لمؤتمر غلاسكو في نوفمبر المقبل، لمناقشة فرض بعض العقوبات والضرائب الإضافية لعرقلة تمويل مشاريع الطاقة الأحفورية، كذلك هناك مشروع استثمارات الصندوق الأخضر الذي لايزال متعثرا، موضحا أن ذلك ستتبعه ضغوط على شركات الاستكشاف والتطوير.

وأعرب بهبهاني عن اعتقاده بأن العامل الأهم، هو العامل الجيوسياسي، حيث إن انعكاسات ضغوط الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين بدأت تزحف إلى طريق التطبيق الفعلي حول بورصات الصين في هونغ كونغ وشنغهاي، وكذلك بورصات وول ستريت بالولايات المتحدة، وتصريح الرئيس الأميركي العلني لتحالف «أوبك»، رغم رفضها هذا العامل الأهم في عدم استقرار الأسعار للفترة المقبلة، التي تبدأ من النصف الثاني لهذا العام إلى النصف الأول من العام المقبل، ما يجعل وجود شكوك حول إمكانية تقبل التحالف بهذا الموضوع بين الفترة والأخرى.

ضمانات مستقبلية

وحول ضمانات مستقبل أسعار النفط، أشار بهبهاني إلى أنها ستكون متأثرة بتركيز دول التعاون الاقتصادي الآسيوي، على الاقتصاد الآسيوي، الذي هو المصدر الأساسي لاستيراد نفط «أوبك»، إذ تستحوذ على 80 في المئة من هذه النفوط، وهي في سباقها أسرع في النمو الاقتصادي من دول التعاون الاقتصادي الأوروبي.

وقال إن النقص في الطلب يحتاج إلى 5 ملايين برميل يوميا تقريبا، ونمو العرض بطيء، حيث يبلغ 1.5 مليون برميل يوميا، ما يجعل النقص في الإمدادات النفطية يقدَّر بنحو 4 ملايين برميل يوميا.

وأضاف أن الزيادة الحقيقية في الأسواق مع نهاية العام الحالي ستكون 4.5 ملايين برميل يوميا، نتيجة زيادة «أوبك» (قرار يوليو 19)، منوها بأنه يظل هناك نقص يقدَّر بـ 3 إلى 4 ملايين برميل في 2022، موضحا أن الأسعار في ارتفاع، لولا الضربات الجيوسياسية، التي هي العامل المؤثر الأساسي، فضلاً عن تقارير وضغوط الطاقة الخضراء أو مشروع الطاقة المتجددة والقرارات العشوائية التي تؤخذ بين الفترة والأخرى، مشيرا إلى أن عام 2021 سوف ينتهي بمعدل سعر 72 دولارا للبرميل لخام برنت.

عوامل مباشرة

من جهته، قال أستاذ هندسة البترول في جامعة الكويت د. أحمد الكوح، إن السوق النفطي يتحكم فيه موضوع العرض والطلب بشكل مباشر وعوامل أخرى بشكل غير مباشر. وأضاف أنه من الواضح أن قرارات «أوبك» الأخيرة، بزيادة الإنتاج 400 ألف برميل يوميا سوف تؤثر بشكل مباشر وسلبي في الأسعار، وهو «أمر أعتقد أن (أوبك) كانت تتوقعه»، منوها بأنه من غير الممكن أن تتم زيادة الإنتاج دون توقع هبوط الأسعار.

ولفت الكوح إلى أن زيادة إنتاج «أوبك» من النفط قابلها ضعف في الطلب، كون الاقتصاد الصيني الأكثر طلبا للنفط قد أصيب بالبطء مقارنة بالتوقعات العالمية، موضحا أن سبب ذلك يرجع إلى أن فيروس كورونا المعروف بالمتحور الهندي دلتا بدأ دخول دول عدة حول العالم، خصوصا بعد أن بدأت نوعا ما عودة النشاط الاقتصادي.

إغلاقات جديدة

وأشار إلى أن هناك تراجعا في استهلاك الوقود مع ظهور متحور «دلتا»، الذي أدى إلى إغلاقات جديدة في بعض البلدان، تخوفاً من انتشاره، لاسيما أنه سريع الانتشار.

وأوضح أن من العوامل الأخرى التي لها تأثير كبير على النفط، بعيداً عن العرض والطلب هي، على سبيل المثال، سعر الدولار، مبيناً أن أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) لن يتحركوا إلا إذا كانت هناك أسعار منخفضة للبرميل دون 50 دولارا، مشيرا إلى أنه عند وصول الأسعار الى هذا الحد سنشاهد تحركا سريعا من أعضاء «أوبك» لتغيير الخطط الحالية. مضاربات الأسواق

من ناحيته، قال الخبير النفطي الإماراتي، د. علي العامري، «جاء على رأس العوامل التي ساهمت في هبوط أسعار النفط، الارتفاع الذي طرأ على أسعار الخام في الأشهر الماضية دون بوادر حقيقية تعكس مدى تعافي الاقتصاد العالمي، وكذلك المضاربات في أسواق النفط العالمية».

وأضاف العامري «أما السبب الآخر فهو المخاوف من تأثير انتشار السلالة المتحورة من فيروس كورونا (دلتا) على الطلب العالمي على الطاقة، إذ تم فرض المزيد من القيود في بعض الدول، ومنها أستراليا، والصين، واليابان، الأمر الذي أثر بطبيعة الحال على وسائل النقل وحركة الطيران»، منوها إلى أن هذا بدوره يهدد الطلب على حركة المرور على الطرق البرية عبر دول جنوب شرق آسيا مثل كوالالمبور، وبانكوك، وجاكرتا، وسنغافورة.

وأشار إلى أنه حدث تباطؤ في أنشطة الصناعات التحويلية والاقتصادية في الولايات المتحدة والصين، فضلا عن إعلان إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن مخزونات الخام ارتفعت 3.6 ملايين برميل على نحو غير متوقع الأسبوع الماضي، الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على الأسعار، لافتا إلى أن ارتفاع الدولار كان من الأسباب التي أثرت على أسعار النفط.

وبيّن العامري أن من بين أسباب تراجع سعر النفط الفورة في سوق النفط العالمي، الذي تمثل في عزم بعض شركات النفط الصخري الأميركية على البدء في زيادة الإنتاج، وكذلك زياده الإنتاج من دول «أوبك بلس»، حسب الاتفاق الجديد.

احتياطي استراتيجي

بدوره، قال الخبير النفطي، د. خالد بودي، إن «هناك عدة أسباب للتراجع الحالي في أسعار النفط، ومن أبرزها المخاوف من موجة جديدة من الإغلاقات، والقيود على السفر والانتقال نتيجة متحور دلتا».

وأضاف أن «هذه القيود تؤدي إلى انخفاض في استهلاك الوقود، مما يؤدي إلى انخفاض أسعاره، كما أن ارتفاع المخزون من الاحتياطي الاستراتيجي النفطي الأميركي، وارتفاع سعر الدولار من العوامل التي ساهمت في تراجع الأسعار، بالإضافة إلى أن الزيادة الحالية لإنتاج النفط من دول «أوبك بلس» شكلت ضغوطاً على الأسعار».

وأشار إلى أن هذه العوامل مجتمعة تعد أهم أسباب نزول الأسعار، منوها إلى أن «أوبك» بحاجة ماسة، خلال الفترة المقبلة، إلى مراقبة الوضع الحالي، وتعديل سياسات الإنتاج على المدى القريب، إذا ما لزم الأمر ذلك، لافتا إلى أن ذلك قد يساهم في خفض المعروض من النفط لدعم الأسعار، خصوصا إذا ما استمرت الأسعار في الهبوط.

● أشرف عجمي

العامل الجيوسياسي وضغوط الحرب التجارية بين واشنطن وبكين سيؤثران على الأسعار .... بهبهاني

تحركات «أوبك» لتعديل الأوضاع ستبدأ بعد وصول السعر إلى ما دون 50 دولاراً .... الكوح

ارتفاع الأسعار في الأشهر الماضية لا يعكس حقيقة تعافي الاقتصاد العالمي .... العامري

الزيادات الأخيرة لإنتاج «أوبك» من عوامل الضغط على أسعار الخام .... بودي

تقارير ضاغطة للتغير المناخي وإلحاح للتوجه للطاقة الخضراء أو المتجددة

ضمانات مستقبل الأسعار ستتأثر بالاقتصاد الآسيوي المستورد الأساسي لـنفط «أوبك»
back to top