توتر بين أحمد مسعود و حركة طالبان : مهلة وتهديد بالحرب

20 قتيلاً في فوضى مطار كابول... و«البنتاغون» يستعين بالطيران المدني لاستكمال الإجلاء

نشر في 23-08-2021
آخر تحديث 23-08-2021 | 00:05
جنود ألمان يساعدون على إنزال مدنيين أفغان لدى وصولهم إلى أوزبكستان مساء امس الأول (رويترز)
جنود ألمان يساعدون على إنزال مدنيين أفغان لدى وصولهم إلى أوزبكستان مساء امس الأول (رويترز)
وسط الفوضى الشاملة التي يشهدها مطار كابول اتجهت الانظار أمس إلى التوتر بين حركة «طالبان» والقيادي الشمالي أحمد مسعود المتحصن في وادي بنجشير، آخر منطقة غير خاضعة للحركة.
أصبح التوتر سيد الموقف أمس، بين حركة طالبان التي تسيطر على معظم الأراضي الأفغانية، وبين أحمد مسعود، نجل القائد الأفغاني السابق أحمد شاه مسعود، الذي يتحصن في وادي بنجشير شديد الوعوة والتحصين في شمال البلاد، والذي انضم إليه آمر الله صالح، النائب الأول للرئيس أشرف غني، والذي أعلن نفسه الرئيس الشرعي للبلاد وقوات حكومية التجأت إلى آخر منطقة خارج سيطرة الحركة المتشددة.

ونفت "طالبان" على لسان متحدثها قاري يوسف، الأنباء التي أشارت إلى مبايعة أحمد مسعود للحركة، ونقلت مصادر عنها أمس، أنها منحت مسعود 4 ساعات لتسليمها وادي بنجشير.

وفيما بدا أنه رد على هذه المهلة، قال أحمد مسعود، "إذا رفضت طالبان الحوار فلا مفر من الحرب"، مؤكداً في الوقت نفسه أنه يريد التفاوض وليس القتال، وليست لديه مشكلة مع حكومة تشارك فيها الحركة لكن لا بد من إجراء مشاورات مع كل الأطراف.

ورأى مسعود الذي ينتمي الى الأقلية الطاجيكية (حوالي 10 في المئة من السكان) أن "طالبان لن تدوم طويلاً إذا استمرت في هذا الطريق".

وقال أحمد مسعود لـ "العربية"، إن وادي بنجشير لن يتم تسليمه لحركة طالبان، و"إذا حاولت السيطرة عليه، فنحن مستعدون للمقاومة"، محذراً من أنه "إذا حاولت طالبان فرض فكرها فإن ذلك مخالف للشريعة".

وأكد مسعود أنه "مستعد للدفاع عن بلاده"، لكنه حذر في الوقت ذاته من إراقة الدماء، مشيرا إلى أن أفغانستان على شفا كارثة إنسانية.

في المقابل، نقلت "الجزيرة" عن مصادر في "طالبان"، أن الحركة فتحت قنوات اتصال مع مسعود، وتستعد لإرسال وفد إلى بنجشير؛ لإجراء حوار حول الشروط التي وضعها لتسليم المنطقة سلمياً إلى الحركة.

وكان مسعود، أكد في حديث صحافي نشر أمس، أنّه مستعد للمسامحة في دماء والده الذي اغتاله تنظيم "القاعدة" قبل أيام من هجمات 11 سبتمبر 2001.

وقال:"إن الحركة تريد فرض الأشياء بالسلاح، وهو ما لن نقبله، فإذا كانوا يريدون السلام، وتحدثوا إلينا وعملوا معنا، نحن جميعاً أفغان وسيكون هناك سلام"، مضيفاً: "لا نريد القتال، ومع ذلك، فإننا على استعداد للقتال إذا دخلوا بنجشير. صحيح أنهم يمكنهم الدخول بسلام بدون أسلحة، ولكن في حال دخلوا بالبنادق، فنحن مستعدون للدفاع حتى آخر رجل، ولكن يجب إعطاء السلام فرصة حتى ولو كان هذا السلام مع طالبان".

وقال: "نحن مستعدون لتشكيل حكومة شاملة مع طالبان من خلال المفاوضات السياسية، ولكن ما هو غير مقبول هو تشكيل حكومة تتسم بالتطرف التي من شأنها أن تشكل تهديداً خطيراً، ليس لأفغانستان فحسب لكن للمنطقة والعالم بأسره".

ويقول مقربون من مسعود إن ما يزيد على 9 آلاف مقاتل، من فلول وحدات الجيش والقوات الخاصة وكذلك مجموعات الميليشيات المحلية، تجمعوا في الوادي، ومعهم بعض الطائرات المروحية ومركبات عسكرية.

ونقل السياسي والكاتب والفيلسوف الفرنسي برنار هنري ليفي، الذي كان لعب دوراً نشيطاً خلال أحداث ما يعرف بـ "الربيع العربي"، عن أحمد مسعود قوله له في اتصال هاتفي: "أنا ابن أحمد مسعود شاه الاستسلام ليس في قاموسي".

وفي مقال رأي بصحيفة "واشنطن بوست" الأسبوع الماضي، دعا مسعود المجتمع الدولي إلى توفير أسلحة وذخائر لمحاربة طالبان. وقال: "لا يزال بإمكان أميركا بناء ترسانة كبيرة للديمقراطية".

مناوشات في بغلان

يأتي ذلك بينما أفادت وسائل إعلام بأن "طالبان" استعادت السيطرة على منطقة اندراب الواقعة في ولاية بغلان المجاورة لبنجشير.

وأوضح مصدر في "قوات المقاومة" المناوئة لـ"طالبان"، أن نحو 3 آلاف من مسلحي الحركة مزودين بأسلحة ثقيلة سيطروا على المنطقة التي يقطنها نحو 47 ألف شخص.

وكانت اندراب بين 3 مناطق أعلنت "المقاومة" أخيراً استعادتها من "طالبان".

وساطات

وقال الرئيس التنفيذي السابق لأفغانستان عبدالله عبدالله عبر حسابه على "تويتر": "التقينا شيوخ وعلماء دين وممثلين وقادة إقليم بنجشير في مقر إقامتي في كابول. ناقشنا التطورات الحالية في البلاد، وسبل دعم السلام".

كما أعلنت موسكو أنها نقلت عرضاً من "طالبان" لوادي بنجشير، بنية الحركة للحوار وللتوصل لاتفاق سياسي مع مسعود بدلاً من إراقة الدماء.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال أمس، إن روسيا ترى أن "طالبان" أوفت بتعهداتها بشأن وقف الأعمال القتالية والعفو العام وضرورة الحوار الوطني العام لتشكل هيئات السلطة الائتلافية الشاملة.

مطار كابول

وفيما يتعلّق بالوضع على الأرض في محيط مطار كابول، ذكر شهود أن مقاتلي "طالبان" أطلقوا النار في الهواء واستخدموا الهراوات لحمل الناس على الوقوف في طوابير منظمة طويلة خارج المطار، أمس. جاء ذلك بعد إعلان وزارة الدفاع البريطانية مقتل 7 أشخاص في تدافع عند بوابات المطار ما رفع عدد الضحايا إلى 20 قتيلاً خلال اسبوع.

وحمّل القيادي الكبير في "طالبان" أمير خان متقي أمس، الولايات المتحدة مسؤولية الفوضى التي تسود عمليات الإجلاء.

وقال متقي: "أميركا بكل قوتها ومنشآتها، فشلت في إحلال النظام في المطار. يسود سلام وهدوء في كل أنحاء البلاد، لكن هناك فوضى فقط في مطار كابول".

وفيما يسيطر 6 آلاف جندي أميركي مدججين بالسلاح على مطار كابول، تقوم "طالبان" بدوريات في الشوارع المحيطة، ما يمنع العديد من الأفغان من الوصول إلى المطار.

من ناحيته، صرّح عضو باللجنة الثقافية للحركة عبدالقهار البلشي، إن الحركة لديها "علاقة عمل" مع أميركا، فيما يتعلق بالترتيبات الأمنية، في المطار.

وكانت الولايات المتحدة نصحت رعاياها في أفغانستان بعدم الذهاب إلى مطار كابول في الوقت الحالي، مشيرة إلى وجود "تهديدات أمنية محتملة" للأميركيين من الموالين لتنظيم "داعش"، وأشار مسؤولون إلى أن "البنتاغون" يدرس تجميع الأميركيين في مواقع في العاصمة قبل نقلهم مباشرة إلى المطار.

ولم يستبعد الناطق باسم "البنتاغون" جون كيربي إمكان خروج القوات الأميركية إلى ما وراء المحيط الأمني للمطار من أجل المساعدة في عمليات الإجلاء الجارية.

وأفادت إدارة الرئيس جو بايدن أمس، بأن طائرات تجارية ستُستخدم للمساعدة في نقل أناس تم إجلاؤهم من أفغانستان.

وقال ناطق "البنتاغون"، إن واشنطن ستنشر 18 طائرة تجارية، من بينها طائرات تابعة لشركات "يونايتد وأميركان آيرلاينز" و"دلتا" لنقل المتعاونين الأفغان من الدول التي نقلوا إليها.

وفي لندن، أعلن رئيس الوزراء بوريس جونسون، أن قادة مجموعة السبع سيعقدون اجتماعاً غداً عبر الإنترنت لبحث الوضع في أفغانستان بمشاركة بايدن.

في الأثناء، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس، إن بلاده أجلت من أفغانستان حتى الآن 30 ألفاً من الأميركيين والأفغان.

وأضاف بلينكن في تصريحات لشبكة "فوكس نيوز" أن الوضع في كابل متقلب جداً، مشيراً إلى حشود كبيرة للناس قرب المطار.

بدوره، قال وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، إن فرنسا لا تخطط للاعتراف بحركة طالبان. وذكر في مقابلة مع "جورنال دو ديمانش"، أن أهم مطالب بلاده من الحركة تتمثل في تمكين الأفغان الذين تتعرض حياتهم للخطر من مغادرة البلاد، وكذلك قطع العلاقات مع "الإرهابيين".

وأشار إلى وجود "ثلاث مهام في المقدمة الآن: منع تحول أفغانستان إلى منصة لأعمال الإرهابيين، وعدم السماح بالنزوح الجماعي المحتمل في الأشهر المقبلة، وضمان الاستقرار الإقليمي حتى لا يزعزع الوضع في أفغانستان المنطقة بأسرها".

وأسوة بنظيره البريطاني قال لودريان، إن فرنسا تؤيد التعاون مع روسيا وإيران والصين، لحل الوضع في أفغانستان.

اجتماع لمجموعة السبع غداً لبحث التطورات
back to top