في الصميم: لجان المجلس النائمة
المعلوم المعروف عن لجان المجالس التشريعية الحية في العالم المتحضر أنها المطابخ المركزية لها، ولم يكن المنتسبون إليها يوماً طامعين فيها من أجل التباهي أو التفاخر، فمهمة كل اللجان الأساسية والوحيدة هي أن تجتمع وتفكر وتقترح القوانين والتشريعات، التي تصب في مصلحة الوطن أولاً والمواطن ثانياً، ولكننا منذ سنوات طويلة نرى تسابقاً على لجان برلمانية بعينها، بهدف خدمة مصالح انتخابية لفئة معينة من نواب وناخبيهم.بعضهم، كما هو ملاحظ، ورغم تواضعهم التعليمي والمهني، يحرصون دائماً على أن يكونوا أعضاء في اللجنة الصحية من أجل التوسط للسياحة الصحية، أو يستميتون على «الداخلية» للإقامات والتجنيس، و»الخارجية» حق الرزة والسفرات، و«التشريعية» من أجل صياغة قوانين تخدم ناخبيهم تحديداً، رغم إضرارها بمصالح الأمة على المديين القريب والبعيد، فكيف للّجان ألّا يملك بعض أعضائها أياً من مقومات الخبرة أو مؤهلات تجعلهم فاعلين فيها؟مرت على البلد عدة دورات انعقاد لمجالس تشريعية، سنوات متتابعة، ثقيلة، مملة، لا إنتاجية ولا أداء معتبر، ولا حتى حضور للجلسات، إلا من رحم الله بهم هذه الأمة المبتلاة بأغلبهم، ومع نهاية كل موسم يخرج علينا بعض النواب بتصريحات صحافية وأخرى على صورة إعلانات على نواصي الشوارع عن إنجازاتهم لناخبيهم فقط! إنه بيان صارخ واعتراف منهم عن تسهيلات رسمية وواسطات وهدر لأموال البلد.
«الجريدة» في تقرير لها كشفت عن سقوط اللجان الدائمة في اختبار إنجازاتها، التي انحدرت إلى نسبة لم تتجاوز الـ 6% بأداء مجلس مرت عليه حتى الآن خمسة أشهر عجاف، أضاعوها من عمر البلد على التناحر والاستجوابات، والغياب المتكرر لملاحقة ملفات جماعاتهم في أروقة الوزارات، فهناك لجان إنجازاتها لم تتخطَّ الصفر. لا شك في أن هناك أسباباً جوهرية لذلك الفشل الذريع للجان البرلمانية، وبالتالي لمجلس الأمة، في إنجاز ما هو مطلوب، أهمها بالطبع الأزمات السياسية المزمنة بسبب الصراع والتنافس، من أجل الهيمنة على الوضع المالي والسياسي، هذا الصراع أفرز مجموعة من النواب وبعضاً من كبار القياديين الذين تحولوا إلى أدوات وأتباع يقتاتون من خدماتهم.هذا الوضع جعل من عضوية مجلس الأمة، ومن لجانه، هدفاً أساسياً للبعض، من أجل الثراء السريع، وهذا فعلاً ما هو ملاحظ، فهناك مجموعة القبيضة المعروفين، وهناك من دخل المجلس وهو مطلوب للبنوك وخرج وهو مملوء الجيوب، فكيف للمواطن العادي أن يأمل خيراً من لجان كهذه؟