بعد يوم على إرسالها المئات من مقاتليها إلى الولاية، أعلنت حركة "طالبان" الأفغانية فرض حصار على وادي بنجشير، حيث يتحصّن معارضون لها بقيادة أحمد مسعود، نجل القائد أحمد شاه مسعود الذي اغتاله تنظيم "القاعدة" عام 2001.

وأكدت الحركة، رغم ذلك، على لسان الناطق باسمها ذبيح الله مجاهد، محاولتها حل القضية سلمياً وعبر الوسائل السياسية بدل المواجهة.

Ad

وقال مجاهد، إن مقاتلي الحركة "متمركزون قرب بنجشير، والمنطقة باتت محاصرة من 3 جبهات". وأضاف: "تحاول الإمارة الإسلامية حل المسألة سلمياً"، مشيراً في الوقت نفسه إلى استعادة مناطق بانو وبول حصار ودي صلاح في ولاية بغلان بالكامل بعدما سيطر عليها أنصار مسعود في وقت سابق.

ونقل مراسل "الجزيرة" عن مصدر في الحركة أن مسلحيها تمكنوا من دخول الوادي، وينتظرون توجيهات قادة عسكريين لشن الهجوم على مقر الولاية.

ولا تزال بنجشير، المعروفة بدفاعاتها الطبيعية إذ لم تتمكن القوات السوفياتية ولا مقاتلو "طالبان" في الماضي من اختراقها قط، آخر معقل رئيسي للقوات المناهضة لـ"طالبان" بقيادة مسعود، الذي يقود "جبهة المقاومة الوطنية".

كما أن النائب الأول للرئيس الأفغاني السابق أمرالله صالح، الذي أعلن نفسه "رئيساً للبلاد"، موجود في المنطقة.

وعبّر دبلوماسيون غربيون وآخرون عن شكوكهم بشأن قدرة الجماعات المتجمعة هناك على شن مقاومة فعالة، في ظل الافتقار إلى الدعم الخارجي والحاجة إلى إصلاح الأسلحة وصيانتها.

عفو عن غني

إلى ذلك، أعلن المسؤول في الحركة خليل الرحمن حقاني المصنف ارهابياً في الولايات المتحدة في مقابلة مع قناة "جيو" الباكستانية، أمس، إن "طالبان عفت عن الرئيس أشرف غني ونائبه أمرالله صالح، وتدعوهما للعودة إلى البلاد إذا رغبا في ذلك"، مؤكداً أن "لا عداوة بين طالبان والرئيس المخلوع ونائبه، ومستشار الأمن القومي حمدالله محب".

حكومة وحاكم

وفي سياق متصل، أعلنت "طالبان" تعيين حاجي محمد إدريس قائماً بأعمال محافظ المركزي "للمساعدة على تنظيم أوضاع المؤسسات ومعالجة القضايا الاقتصادية التي يعاني منها السكان".

وفي حين وسّعت الحركة دائرة اتصالاتها مع مسؤولين سابقين وقادة قبائل من أجل تشكيل حكومة موسعة. وأفاد مصدران في "طالبان"، أمس، بأن الحركة "اتّخذت قرارها بأنه لن يتم الإعلان عن تشكيلة الحكومة في ظل وجود جندي أميركي واحد في أفغانستان".

اشتباكات المطار

وبينما يشهد مطار كابول ازدحاماً وتهديدات أمنية وسقوط قتلى وسط الفوضى الناجمة عن محاولة آلاف الأشخاص الفرار من بلادهم معرضين حياتهم للخطر فيما تستمر عمليات إجلاء مضنية تقوم بها دول أجنبية، أعلن الجيش الألماني أن "معركة بالأسلحة النارية اندلعت بين قوات الأمن الأفغانية ومهاجمين مجهولين عند البوابة الشمالية بمطار كابول" أمس.

وأكد أن أحد أفراد قوات الأمن الأفغانية لقي حتفه وأصيب 3 آخرون في المعركة التي شاركت فيها أيضا قوات أميركية وألمانية.

وذكرت شبكة CNN أن قناصاً خارج المطار أطلق النار على حرس أفغان داخل المنشأة فرد الحرس بالمثل.

ويساعد الحراس، وهم نحو 600 جندي أفغاني سابق، القوات الأميركية في المطار.

ونقلت CNN عن مصدر، أن الولايات المتحدة ستسمح فقط للأميركيين وحاملي البطاقة الخضراء ومواطني بلدان حلف شمال الأطلسي "الناتو" بدخول المطار .

كما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أيضاً أن المطار سيتم إغلاقه لمدة 48 ساعة لإجلاء أولئك الموجودين بالفعل على أرضيته، ويصل تعداد هؤلاء إلى المئات.

ووصفت وزيرة الدفاع أنيغريت كرامب كارنباور الوضع في كابول بأنه متوتّر جداً وأكدت أن هناك تهديدات إرهابية متزايدة.

وتسببت الفوضى العارمة الناجمة عن تدفق عشرات آلاف الأفغان اليائسين إلى مطار كابول، بوفاة 20 شخصاً منذ 15 أغسطس الجاري.

رفض التمديد

في غضون ذلك، رفضت "طالبان" تمديد مهلة انسحاب القوات الغربية إلى ما بعد 31 أغسطس الجاري وهو الموعد المقرر لإنهاء 20 عاماً من الوجود الأجنبي في تلك البلد.

وقال الناطق باسم الحركة سهيل شاهين، في مقابلة مع شبكة "سكاي نيوز" البريطانية من الدوحة، "هذا الموعد خط أحمر. لقد أعلن الرئيس جو بايدن أنهم سيسحبون جميع قواتهم العسكرية في 31 الجاري، لذا إذا قاموا بتمديد الأجل، فهذا يعني أنهم يمدّدون الاحتلال من دون داع".

وأضاف:"إذا طلبت الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة مزيدا من الوقت لمواصلة عمليات الإجلاء، ستكون الإجابة لا. وإلا ستكون هناك عواقب".

يأتي هذا بينما ينوي رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مناشدة بايدن شخصياً لتمديد الموعد النهائي لمغادرة القوات الأميركية للسماح بإجراء المزيد من عمليات الإجلاء.

ومساء أمس الأول، صرّح الرئيس الأميركي للصحافيين في البيت الأبيض أن "ثمة مناقشات جارية بيننا وبين الجيش بشأن التمديد. نأمل بألا نضطر إلى التمديد لكننا سنناقش مدى تقدم عملية الإجلاء" في حين أعلنت لندن عقد قمة عبر الإنترنت لمجموعة السبع، اليوم، "لإجراء مناقشات عاجلة حول أفغانستان".

موسكو

وفي موسكو التي تخشى من إمكان تسلل المقاتلين في آسيا الوسطى إلى الأراضي السوفياتية السابقة، أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القادة في آسيا الوسطى خلال قمة لزعماء المنطقة عبر الإنترنت، أمس، بأن من الضروري تجنب أي انتشار للتطرف الإسلامي من أفغانستان إلى المنطقة وإبقاء المتطرفين الإسلاميين بعيداً.

وعبّر بوتين وزعماء آسيا الوسطى عن مخاوفهم من استمرار وجود موطئ قدم لتنظيم "داعش" في أفغانستان وتشكيله تهديداً.

وأعرب ستانيسلاف زاس، الأمين العام لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي وهي تحالف عسكري تقوده روسيا، عن أسفه أمس، لبطء "طالبان" في تشكيل حكومة انتقالية.

وقال زاس الأمين العام لهذا التحالف الذي يضم الجمهوريات السوفياتية السابقة لاسيما أوزبكستان وطاجيكستان المجاورتين لأفغانستان "إنه أمر مقلق جداً أن الوعود التي قطعها ممثلو قيادة طالبان بالمساهمة في تشكل حكومة ائتلافية لم تدخل بعد مرحلة التنفيذ".

وقال نائب وزير الخارجية الروسي أوليغ سيرومولوتوف، إن مسألة إرسال فرقة عسكرية إلى أفغانستان غير مطروح ومثل هذه الخطوة لن تتوافق مع مصالحنا".

كما لفت سيرمولوتوف إلى أن روسيا لن تستعجل في رفع حركة "طالبان" من قائمة الإرهاب، ولن تعترف بالسلطات الجديدة، إلا بعدما ترى خطواتها العملية.

ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن نائب رئيس الوزراء الروسي قوله، أمس، إن بلاده مستعدة لتزويد حلفائها في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، بالأسلحة والعتاد العسكري بأسعار خاصة منخفضة.

(عواصم ـــ وكالات)