تعهدت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس بـ"التزام أميركي دائم" للولايات المتحدة في آسيا، في مسعى لطمأنة دول المنطقة، خصوصاً بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، الذي أثار تكهنات بأن واشنطن تتخلى عن حلفائها.

وقالت هاريس، في مؤتمر صحافي، مشترك في سنغافورة مع رئيس وزراء سنغافورة، لي هسين لونغ، أمس، "تتعهّد إدارتنا بالتزام دائم في سنغافورة وجنوب شرقي آسيا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ".

Ad

وأضافت: "سبب وجودي هنا هو أن الولايات المتحدة قوة عالمية، ونحن نأخذ هذا الدور على محمل الجد".

لكنها تجنّبت الرد على الأسئلة بشأن إن كانت مصداقية الولايات المتحدة تضررت بفعل الفوضى التي حلّت بأفغانستان، مشيرة إلى أن إدارتها تركّز على "إجلاء المواطنين الأميركيين والأفغان الذين عملوا معنا، والأفغان الأكثر عرضة للخطر بمن فيهم النساء والأطفال".

ورحب رئيس وزراء سنغافورة، لي هسين لونغ، بتطمينات نائبة الرئيس الأميركي، لكنه أعرب في الوقت ذاته عن أمله في "ألا تتحوّل أفغانستان مجددا إلى بؤرة للإرهاب".

وتسعى إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى إعادة إطلاق العلاقات في آسيا بعد حقبة الرئيس السابق دونالد ترامب العاصفة، وتصوير واشنطن على أنها قوة تعزز الاستقرار في وجه عدائية الصين المتزايدة.

لكن المحللين يشيرون إلى أن استحواذ "طالبان"، التي عرفت بتشددها عندما حكمت البلاد بين عامي 1996 و2001 على السلطة والانهيار السريع للقوات الأفغانية التي درّبها الجيش الأميركي على مدى سنوات أثار القلق بشأن مدى إمكانية الاعتماد على الولايات المتحدة.

وتواجه هاريس انتقادات لمضيها قدما بالزيارة إلى فيتنام، في وقت تحاول القوات الأميركية جاهدة إجلاء عشرات آلاف الأشخاص من أفغانستان.

وأعادت الأزمة إلى الذاكرة سقوط سايغون عام 1975، عندما نقلت المروحيات الأميركية آخر الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من على سطح السفارة مع تقدم قوات "فيت كونغ".

لكن المسؤولين الأميركيين يصرّون على أن الجولة كانت مقررة قبل وقت طويل من أزمة أفغانستان، وتركّز على أهداف واشنطن الاستراتيجية الأوسع في آسيا.

وتحمل منطقة جنوب شرقي آسيا أهمية بالغة، في وقت تتحدى الصين نفوذ الولايات المتحدة السياسي وهيمنتها البحرية في المنطقة.

وانتقدت واشنطن مرارا مطالبات بكين ببحر الصين الجنوبي كله، في ظل مطالبات مماثلة بالبحر من دول عدة في جنوب شرق آسيا وتايوان.

وشددت هاريس، في مؤتمرها الصحافي، على التزام الولايات المتحدة بـ"الحفاظ على النظام الدولي القائم على القواعد وحرية الملاحة، بما في ذلك في بحر الصين الجنوبي".

وقالت إنها ناقشت مع لي أيضاً مسألة بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه، وهو نقطة اشتعال للمنافسة الأميركية- الصينية، والوضع في ميانمار، حيث استولى الجيش على السلطة في انقلاب بفبراير.

وبعد وصولها نهاية الأسبوع، بدأت هاريس نشاطاتها الرسمية أمس، عبر عقد محادثات مع لي، فيما وقعت الولايات المتحدة على اتفاقيات مع سنغافورة تتعلّق بمكافحة التهديدات الإلكترونية والتغير المناخي ووباء كوفيد.

كما تم استقبالها رسميا في مقر إقامة الرئيسة الرسمي، وتم تقديم نبتة "أوركيد" لها تحمل اسمها، وهي لفتة تقليدية لتكريم الشخصيات الرفيعة التي تزور سنغافورة.

وأجرت زيارة إلى قاعدة بحرية وألقت خطابا أمام البحارة الأميركيين على متن سفينة "يو إس إس تلسا" الحربية التي تزور سنغافورة.

وتقيم سنغافورة علاقات أمنية قوية وتاريخية مع واشنطن، لكنها تحافظ في الوقت ذاته على روابط متينة مع بكين، حتى ان قادتها حذّروا الولايات المتحدة من تبني نهج متشدد حيال الصين.

وستلقي هاريس اليوم خطابا تستعرض من خلاله رؤية واشنطن المرتبطة بالمنطقة، فيما ستلتقي قادة المال والأعمال لمناقشة المشاكل المرتبطة بسلاسل الإمداد، وخصوصا نقص الشرائح الدقيقة، الذي شكّل ضربة لقطاع صناعة السيارات، وستتوجه إلى هانوي مساء اليوم.