هل يستمر شهر العسل بين «طالبان» وطهران؟
الحركة الأفغانية تفتح «سدود هلمند» باتجاه إيران
فوجئ أهالي محافظة سيستان بلوشستان الإيرانية بسيلان مياه نهر هلمند، بعد أن كانت حكومة الرئيس الأفغاني الهارب أشرف غني قد قطعتها خلال العامين الماضيين.وكان غني اشترط على الإيرانيين، بعد افتتاح سد كمال خان في فبراير المنصرم، إعطاء أفغانستان النفط والوقود مقابل فتح مياه نهر هلمند، في خطوة رأت فيها طهران مخالفة لاتفاقية عام 1970 لتقاسم المياه بين البلدين.وكلف سد كمال خان الذي بناه الأميركيون حوالي 111 مليون دولار، وكان مقرراً أن يتم تأمين كلفة بنائه عبر بيع إنتاجه من الكهرباء.
كما قام الأميركيون منذ احتلالهم أفغانستان بإعادة ترميم وتشغيل سد كجكي الذي بنته شركات أميركية عام 1975 وتوقف عمله خلال الاحتلال السوفياتي، وهو ما أدى الى جفاف كبير في منطقة سيستان وبلوشستان الإيرانية وجفاف بحيرة هامون التي تعد ثالث أكبر بحيرات إیران وسابع مستنقع عالمي مسجل.وأدى جفاف بحرية هامون، التي كانت تستقطب الحيوانات والطيور خلال فصل الشتاء سنوياً، إلى تشكل إعصارات رملية كبيرة وتصحر المناطق الزراعية، وسهل مرور موجات كبيرة من الجراد إلى إيران عبر الجزيرة العربية وإفريقيا.ويعتقد الإيرانيون أن إقفال هذين السدين لم يكن بسبب الجفاف وقلة المطر في أفغانستان التي كانت تهدر كميات كبيرة في الأراضي القاحلة المتاخمة بدل فتحها لإيران، بل بسبب إصرار الأميركيين على استخدام المياه كوسيلة ضغط إضافية على طهران. وكشف أحد قادة «الحرس الثوري» لـ«الجريدة»، أنه بعد خروج الأميركيين، تواصلت إيران مع مجموعات من «طالبان» لديها علاقات جيدة معها وأثارت قضية السدين، وقد وافقت الحركة على إعادة فتحهما، كما وعدت طهران بإرسال خبراء لمساعدة الحركة على تشغيلهما لإنتاج الكهرباء. جاء ذلك في حين استأنفت إيران أمس الأول تصدير الوقود إلى أفغانستان بناء على طلب «طالبان». وقال المتحدث باسم اتحاد مصدري النفط والغاز والبتروكيماويات الإيراني حامد حسيني: «استأنفت إيران تصدير الوقود إلى أفغانستان بعد أن خفضت طالبان الرسوم الجمركية على الوقود بنسبة 70 في المئة»، بحسب وكالة «مهر» شبه الرسمية في إيران.وأشار حسيني إلى أنه رغم استئناف تصير الوقود إلى أفغانستان، فإن بعض رجال الأعمال الإيرانيين يتوخون الحذر من التصدير إلى هذا البلد.وكانت إيران قد علقت صادرات الوقود إلى أفغانستان في 6 أغسطس الجاري، بسبب التطورات الأخيرة والمخاوف الأمنية هناك.ورأى مراقبون في فتح السدود والتخفيضات الجمركية، بالاضافة الى قيام طهران بإرجاع أسلحة ومعدات عسكرية لـ «طالبان» تعود لجنود أفغان فروا الى داخل الأراضي الايرانية بعد سيطرة الحركة على الحدود، بوادر حسن نية بين الطرفين. وأفادت تقارير منقولة عن مسؤولين في «طالبان» بأن الحركة ستشرك شخصيات شيعية من أقلية الهزارة، في مجلس الحكم الذي تنوي تشكيله. وقبل أيام، زار مسؤول ميداني في «طالبان» أحد مجالس عاشوراء في هرات، واعتذر عن قيام عناصر غير منضبطة بإنزال رايات عاشورائية خلال إحياء الأقلية الشيعية لذكرى عاشوراء. ويعكس هذا تغييراً في سياسة الحركة. وكانت طهران حافظت على علاقة جيدة مع «طالبان» بعد الاحتلال الأميركي، وتفيد تقارير بأن العديد من زعماء الحركة لجأوا الى إيران بعد أن فروا من أفغانستان في 2001. ويعكس كل ذلك وجود «شهر عسل» بين طهران و«طالبان»، لكن السؤال الذي يطرحه المراقبون، هل سيستمر هذا الواقع أم سينهار تحت وطأة وجود أجندات متعارضة قد تظهر إلى العلن بعد أشهر؟